من سوريا إلى البوسنة.. “داعش” والجماعات التابعة لها حول العالم
كتبه كريم شاهين وكريس ستيفن للغارديان
سرعان ما تبع اجتياح تنظيم “الدولة الإسلامية” للأراضي العراقية، مجموعات جهادية تؤيد التنظيم وتبايعه الولاء.
إثر توغل “الدولة” في سوريا والعراق، باتت مناطق واسعة من كلا البلدين تحت سيطرتها، وأثار قطع متطرفي التنظيم لرؤوس الرهائن الغربيين الغضب حول العالم.
ومع انتصاراته العسكرية توافدت الجماعات الجهادية لإعلان ارتباطها بالحركة المتطرفة.
العراق
ولد من رحم تنظيم القاعدة في العراق، الذي نشأ خلال الاحتلال الأمريكي، وبات يسيطر اليوم على مساحات واسعة من المناطق السنية الحيوية؛ إذ شن مسلحو التنظيم هجومًا خاطفًا الصيف الماضي تمكنوا خلاله من السيطرة على مقاطعة نينوى وعاصمتها الموصل، وتكريت، مسقط رأس صدام حسين، وأجزاء كبيرة من مقاطعة الأنبار، حيث سبق وأجْلَتهم حركة “الصحوة” السنية مدعومة من الولايات المتحدة.
إلا أن التنظيم خسر تكريت هذا العام، إثر عملية قادها جيش من المتطوعين تهيمن عليه المليشيات الشيعية ذات الارتباط الوثيق بإيران، بينما أظهر مسلحو “داعش” مقاومتهم باحتلال الرمادي، على بعد 80 ميلًا عن بغداد في أيار.
ولم تنجح الولايات المتحدة إلى الآن في وقف تقدم متشددي التنظيم رغم إرسالها مئات المستشارين العسكريين، وقيادِتها لتحالف يشن غارات جوية منتظمة على التنظيم.
قضت داعش على قرون من التعايش المشترك في العراق بمطاردتها الأقليات، وإجلائها مسيحيي سهول نينوى منها، ومحاولتها استعباد وتجويع الآلاف من اليزيدين. كما دمرت تحفًا أثرية ومواقع تاريخية تشكل جزءًا من التراث القديم للإمبراطورية الآشورية.
سوريا
يسيطر التنظيم على قرابة نصف مساحة سوريا حاليًا، ويتخذ من مدينة الرقة عاصمة الخلافة التي نصب البغدادي نفسه عليها.
وتشمل مناطق نفوذه معظم محافظتي الرقة ودير الزور في الشمال الشرقي وشرقي البلاد، ومناطق حول مدينتي حلب وحمص بما في ذلك مدينة تدمر الأثرية، إضافة لأجزاء من جنوب دمشق، حيث استولت مؤخرًا على مخيم اليرموك المحاصر.
ويخوض التنظيم معارك ضد كافة الأطراف في الحرب الأهلية: الثوار السوريون، وقوات موالية لنظام الأسد، ميليشيات كوردية، وحتى جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا.
وكانت داعش انفصلت عن النصرة عام 2013، بعد أن رفض قائد النصرة مبايعة قائدها، أبو بكر البغدادي.
سوريا هي حيث مني التنظيم بأكبر هزائمه، حين قوبل تقدم مشؤوم نحو بلدة كوباني الحدودية بمواجهة كردية عنيفة وقصف جوي مكثف من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وخسرت “الدولة” خلاله قرابة 2000 مقاتل.
وتكبد التنظيم مؤخرًا سلسلة هزائم إثر تحالف ميليشيات كوردية ومقاتلي المعارضة شمال البلاد، بما في ذلك استعادة تل أبيض الحدودية، معبر للمقاتلين الأجانب والإمدادات.
مصر
أعقاب الانتفاضة التي أطاحت بطاغية مصر، حسني مبارك، ظهرت مجموعة تدعى “ولاية سيناء” -عرفت سابقًا بأنصار بيت المقدس- وتصاعد عنفُ هجماتها بعد عزل الرئيس محمد مرسي الذي يدعمه الإخوان المسلمون في 2013، وبايعت البغدادي بالولاء في 2014.
واستهدفت الجماعة التي تتخذ من سيناء مقرًا لها الجيش المصري، وأهدافًا في القاهرة كذلك. وشنّت هذا الأسبوع سلسلة من الهجمات المنسقة على مواقع للجيش بالقرب من مدينتي الشيخ زويد ورفح، في تصعيد يعد الأكثر أهمية في شبه جزيرة سيناء منذ سنوات؛ واستجابة لهذا التحرك، نشرت حكومة السيسي، التي تسعى الجماعة إلى الإطاحة بها، طائرات F-16 وطائرات الأباتشي.
اليمن
حضور داعش في اليمن محدودٌ مقارنة بحضور القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الفرع الأقوى للتنظيم الجهادي.
مع ذلك، تبنى التنظيم عدة هجمات استهدفت بشكل رئيسي حوثيي اليمن، المنتمين إلى الطائفة الزيدية أحد مذاهب الشيعة ويعتبرها التنظيم زندقة، بما في ذلك استهداف مسجدين بتفجيرين انتحاريين في آذار، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 مصلٍ.
وتسعى داعش للاستفادة من الفوضى في اليمن الغارقة في حرب وحصار منهِكين، إذ أطلق تحالف تقوده السعودية في آذار حملة جوية ضد الحوثيين المدعومين من إيران والذين استولوا على العاصمة صنعاء العام الماضي وتقدموا جنوب البلاد، ونفوا رئيسها المدعوم من السعودية.
دول الخليج
أعلنت مجموعة تتبع التنظيم يطلق عليها “ولاية نجد”، نسبة إلى المنطقة الوسطى في السعودية، مسؤوليتها عن التفجيرات الأخيرة في السعودية والكويت، والتي استهدفت بشكل رئيسي تجمعات الشيعة في محاولة لإثارة مزيد من التوتر طائفي.
وفي أفظع هجوم إرهابي تشهده البلاد منذ أعوام، فجر انتحاري نفسه الأسبوع الماضي في مسجد للشيعة وسط مدينة الكويت، موديًا بحياة العشرات من المصلين. علمًا أن ثلث سكان الكويت هم شيعة.
كذلك تبنت الجماعة مسؤولية الهجوم على مسجد للشيعة أيار الماضي في الدمام وقاطف في السعودية، إذ يبغض التنظيم الأنظمة الملكية في الخليج.
أفغانستان وباكستان
أعلنت داعش في وقت سابق من العام الجاري تأسيس “ولاية خراسان”، في منطقة تمتد على أجزاء من باكستان وأفغانستان وتشق طريقها نحو مناطق سيطرة طالبان، من خلال مقاتلين أجانب يجندون مقاتلين محليين.
وتمكن التنظيم من الهجوم على مواقع لطالبان في الأسابيع والأشهر الأخيرة، وقطع رؤوس 10 مقاتلين من طالبان في حزيران واستولى على أراض كانت تخضع لسيطرة منافسهم المسلح.
وتبنى التنظيم أول هجوم كبير له في أفغانستان في نيسان، حين فجر انتحاري نفسه في جلال أباد موديًا بعشرات الأرواح؛ أما طالبان فنشرت رسالة الشهر الماضي تحث التنظيم على البقاء خارج أفغانستان.
داغستان
أعلن متمردون -مقرهم شمال القوقاز في روسيا- ولائهم لداعش، وأعلنوا تأسيس ما يدعى ولاية داغستان، وكان المسلحون ينتمون إلى إمارة القوقاز، وهي جماعة جهادية تبنت تفجيرات في موسكو.
ليبيا
جماعة أنصار الشريعة، إحدى أكبر المليشيات في البلاد، والمتهمة بقتل السفير الأمريكي في ليبيا عام 2012، أعلنت نفسها من جديد على أنها داعش في بنغازي وصبراته وسرت، معقل الجماعة في البلاد والغارقة مع القرى وحقول النفط المحيطة بها في فوضى إثر نزاع على السلطة بين إسلاميين وخلفائهم المنتخبين؛ فيما طرد مسلحو الجماعة من مدينة درنة الشهر الماضي إثر معارك مع جماعات إسلامية مناوئة.
وتقاتل وحدات صغيرة من أنصار الشريعة الجيش الليبي في بنغازي وتنفذ هجمات على العاصمة طرابلس، منها هجوم استهدف فندق Corinthia في كانون الثاني.
ونشرت الجماعة التابعة للتنظيم تسجيلًا مصورًا يظهر قطع رؤوس وإطلاق النار على أقباط مسيحيين من مصر واثيوبيا، اختطفتهم الجماعة في ليبيا في الأشهر الأخيرة.
تونس
يعتبر المقاتلون التونسيون الخزان الأكبر للمقاتلين الأجانب في داعش في سوريا والعراق، بـ 3 آلاف مقاتل بحسب تقديرات الحكومة.
داخل تونس، تعمل المجموعات الجهادية التابعة لتنظيم الدولة على شكل خلايا تنشط في البلدات والمدن، تتركز في جنوب وجنوب غرب تونس، بينما يخوض الجيش التونسي معارك متقطعة مع الجماعات الجهادية التي تعبر الحدود مع ليبيا والجزائر.
غرب إفريقيا
في آذار أعلنت جماعة بوكو حرام بيعتها للـ “الدولة”، التي رحبت بذلك سعيًا لنشر خلافتها المعلنة ذاتيًا في غرب افريقيا. وجماعة بوكو حرام التي تأسست مطلع القرن فرضت الشريعة شمال نيجيريا، وذبحت الآلاف، وارتكبت مئات عمليات الخطف في سياق هجمات امتدت إلى الجارتين تشاد والنيجر.
وفي حزيران، قُتل العشرات جراء هجمات انتحاري للجماعة في عاصمة تشاد؛ ويعتقد أن الجماعة ارتكبت مجزرة أخرى في بورنو هذا الأسبوع، راح ضحيتها 150 شخصًا.
البوسنة
بدأت داعش مؤخرًا بمحاولات لتجنيد مقاتلين من بين الفقراء والشباب العاطلين عن العمل في البلقان، مركزة على البوسنة والهرسك. وأظهر تسجيل مصور بث مؤخرًا مقاتلين بوسنيين يحثون مواطنيهم على الانضمام إلى التنظيم.
نشر في 3 تموز 2015، وترجمته عنب بلدي؛ لقراءة المقال بالانكليزية اضغط هنا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :