تساؤلات حول زيارة ظريف إلى الأسد

  • 2020/04/26
  • 12:00 ص

رئيس النظام السوري بشار الأسد ووزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف في دمشق- 20 من نيسان 2020 (رئاسة الجمهورية فيس بوك)

إبراهيم العلوش

زار وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف سوريا، في 20 من نيسان الحالي، والتقى بشار الأسد، وظهر المسؤولان متباعدين تفاديًا لاحتمال انتقال فيروس “كورونا”.

وكان قاسم سليماني قد نقل بشار الأسد بطائرة إلى طهران في شباط 2019 بزيارة مفاجئة، ولم يكن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يعرف حينها بالزيارة، ولا حتى الرئيس حسن روحاني، وتم تنظم لقاء الأسد مع المرشد علي خامنئي ودون وجود عَلم لسوريا انسجامًا مع مقولات الهيمنة الإيرانية واعتبار سوريا محافظة إيرانية.

حينها أعلن ظريف استقالته احتجاجًا على عدم علمه بالزيارة، ولكنه هذه المرة جاء إلى دمشق مخترقًا ظروف تفشي وباء “كورونا” وحالة إيران المأساوية في تزوير الأرقام، والفبركات الإعلامية حول انتشار الوباء في البلاد، وكانت وكالات الأنباء الإيرانية صرحت بالتزام المسؤولين الإيرانيين بمحاربة “كورونا”، ما لم تكن هناك ظروف جوهريّة تتطلب القيام بمثل هذه الزيارة.

ترى ما الظروف الملحة والجوهريّة التي أوجبت على الإيرانيين إرسال وزير الخارجية إلى دمشق؟

لقد أصيب عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين بفيروس “كورونا”، ومنهم علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى، الذي كان قد تسلّم ملفات قاسم سليماني الخارجية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، فبعد مقتل سليماني لم تعد الرسائل الإيرانية تصل إلى حلفائها بيسر، وصار الوجود الإيراني مهدّدًا حتى في العراق، فهل كان إيفاد ظريف إلى دمشق إشارة إلى إعادة الاهتمام بالملفات الخارجية وبحلفاء طهران رغم ظروف انتشار فيروس “كورونا” في إيران؟

أم أن الاتفاق الروسي- التركي في إدلب، الذي تم تنظيمه في 5 من آذار الماضي، يستبعد النفوذ الإيراني في سوريا، وقد لاحت في الأفق معالم تفاهمات خفيّة بين الروس والأمريكيين والأتراك حول مستقبل سوريا ومن دون إيران؟

أم أن التسريبات الإعلامية الروسية ضد عائلة الأسد ونشر “الميديا” الروسية تقارير تعبّر عن الاستياء الروسي من فساد النظام، ومن عدم قدرته على إدارة المناطق التي استرجعها مثل درعا التي يقودها بالانتقام وبالقتل، هي التي عجلت بالتحرك الإيراني وبإرسال وزير الخارجية لإعادة النظام مجددًا إلى النفوذ الإيراني، والتخفيف من هيمنة الروس على الجيش والاقتصاد السوري، وإعادة تموضع القوى الإيرانية في أي تفاهمات جديدة حول مستقبل سوريا؟

وقد لا ننسى التوترات البحرية بين الإيرانيين والأمريكيين في مياه الخليج، والاستعراضات العسكرية المتبادلة بعد مقتل قاسم سليماني، فهل كانت زيارة ظريف تمهيدًا لاحتمالات المواجهات التي وصلت هذه الأيام إلى حد أن الزوارق الإيرانية تقوم بمناورات على مقربة مباشرة من السفن الأمريكية في الخليج؟

أم أن حالة الطوارئ نتيجة انتشار فيروس “كورونا” في إيران أطلقت العنان لـ”الحرس الثوري الإيراني”، وصار هو المتحكم بالبلاد والملاذ الوحيد للناس الخائفين على حياتهم، وعلى مستقبلهم ومستقبل بلادهم، في ظل انعدام الرؤية والتخبط الذي سببته سياسات المرشد علي خامنئي المتهورة، فهل صار استيلاء “الحرس الثوري” على حكم البلاد هو السيناريو المحتمل، وما هذه الزيارة إلا تغطية على تحولات السلطة المحتملة في داخل إيران؟ فرجال الدين الأقوياء صاروا رهينة المرض و”كورونا”، وصارت القيادة الدينية التي يمثلها علي خامنئي شبه منبوذة، فالرجل المريض والعجوز لم يعد قادرًا على التحكم بتعيين وريث لمنصبه في ظل احتكار “الحرس الثوري” كل مفاتيح السلطة في البلاد.

أم أن فشل الإيرانيين بتعيين رئيس وزراء في العراق هدد مصالحهم وجعل الأمريكيين يتقدمون عليهم، وهذا ما سيشجع الروس في سوريا على قضم النفوذ الإيراني باستبعاد بشار الأسد وإخراج الميليشيات الإيرانية، ما حدا بالإيرانيين إلى إعادة تقديم أنفسهم كلاعبين أساسيين في المفاوضات القادمة في أستانة أو في جنيف ليضمنوا نصيبهم من النفوذ الذي قد يعوض ملياراتهم التي وظفوها في تدمير سوريا وتهجير أهلها، فالإيرانيون وعبر زيارة ظريف أعلنوا ريبتهم من الاتفاق التركي- الروسي، وعبروا عن طموحهم في التدخل بمفاوضات اللجنة الدستورية المزمع إعادة اجتماعها بعدما كانت إيران أهم الساعين إلى إفشالها عبر فرض الحلول العسكرية.

زيارة ظريف الأخيرة إلى دمشق لا تزال لغزًا سياسيًا ودبلوماسيًا تتناولها الصحف والتلفزيونات بتساؤلات كثيرة، فهل إيران سائرة إلى التصعيد في إدلب وفي مياه الخليج لتغطي على أزماتها الداخلية وصراعات السلطة فيها؟ أم أن إيران تبحث عن حصة مرضية لها وعن ضمانات قانونية ودستورية لها في سوريا مقابل التنازل عن دعمها لبشار الأسد الذي لا يزال وجوده في السلطة يقف حجر عثرة أمام كل الحلول في سوريا؟

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي