د. أكرم خولاني
يحل شهر رمضان على العالم الإسلامي هذا العام مع اتخاذ معظم الدول إجراءات احترازية لمنع تفشي وباء “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ومن تلك الإجراءات إغلاق الجوامع ومنع التجمعات الدينية، إضافة لمنع التجمعات الاجتماعية حول موائد الإفطار ومع الأسر والأصدقاء، وقد كثرت التساؤلات بين الناس عن تأثير الصيام على قوة الجهاز المناعي في الجسم، وتأثيره إيجابًا أو سلبًا على خطر الإصابة بفيروس “كورونا”.
هل يزيد الصيام من خطر العدوى بفيروس “كورونا”
يعود الجدل حول تأثير الصيام على زيادة خطر العدوى بفيروس “كورونا” إلى نقطتين محوريتين: الأولى أن الجوع قد يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي في الجسم، والثانية أن شرب الماء كفيل بالقضاء على الفيروس.
- بالنسبة للنقطة الأولى، فقد أظهرت الدراسات أن الصوم يخلّص الجسم من السموم ويقوي جهاز المناعة، وذلك أحد الأهداف الصحية من الحميات الغذائية الرائجة والمسماة بالصوم المتقطع، وفي دارسة أجريت في كاليفورنيا عام 2014، وجد الباحثون أن الصيام لمدة ثلاثة أيام متتالية، مع تناول أطعمة تحتوي على 200 سعرة حرارية يوميًا يمكن أن يساعد في تنشيط الجهاز المناعي، كما لاحظوا أن الصيام يؤدي لتجديد كريات الدم البيضاء التي تعد أحد المكونات الأساسية للجهاز المناعي، حيث يؤدي لقتل خلايا الدم البيضاء القديمة التالفة، وحث الجسم على توليد خلايا الدم البيضاء الجيدة، التي تساعد في تقوية الجهاز المناعي بشكل ملحوظ، وتحميه من الإصابة بالأمراض.
- أما بالنسبة للنقطة الثانية المتعلقة بشرب الماء، فهي إحدى أكثر الشائعات غير الصحيحة المتعلقة بالإصابة بفيروس “كورونا” وطرق علاجه التي انتشرت بين الناس، ما دفع الأمم المتحدة لنشر تغريدة على تويتر أوضحت فيها أن “الفكرة المتداولة بأن شرب الماء أو المشروبات الساخنة كل 15 دقيقة، كفيل بالقضاء على كورونا، غير صحيحة”.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، لم تجرِ دراسات حتى الآن لمعرفة ارتباط المرض بالصيام، لكنها أكدت أن بإمكان الأصحاء الصوم، بينما ينصح المرضى بـ”كورونا” بأخذ رخصة شرعية بالامتناع عن الصوم، وذلك بالتشاور مع أطبائهم.
توصيات خاصة في رمضان لتجنب العدوى بفيروس “كورونا”
أولًا- يجب الانتباه للتغذية الصحية السليمة خلال فترة الصيام لتعزيز جهاز المناعة:
- الالتزام بمواعيد الوجبات، بتعجيل الإفطار قدر الإمكان، وتأخير السحور إلى ما قبل الفجر.
- الحرص على تناول وجبة خفيفة بين الإفطار والسحور.
- شرب كميات كافية من الماء بين الإفطار والسحور.
- الحرص على أن تحتوي وجبة السحور على الأصناف التالية: الخضراوات الورقية، لاحتوائها على قدر كافٍ من الماء في مكوناتها الطبيعية والمواد المضادة للأكسدة التي تساعد على تجنب العطش طوال النهار، الفواكه الطازجة، العصائر الطبيعية غير المحلاة بالسكر التي تمنع الإحساس بالعطش، البروتينات لتعزيز الجهاز المناعي، مثل الأجبان التي لا تحتوي على نسبة أملاح عالية والبيض والفول.
- بالنسبة لوجبة الإفطار، ينصح بتناول الأصناف التالية: منتجات الألبان مثل الزبادي واللبن والبلح لاحتوائها على مضادات الأكسدة، ما يؤدي إلى تعزيز الجهاز المناعي، السلَطات، ولا بد أن تحتوي على الأقل على ثلاثة أصناف من الخضراوات المختلفة، ويفضل البدء فيها بعد الأذان كوجبة خفيفة قبل البدء بوجبة الإفطار الرئيسة، ويفضل تناول الأسماك لاحتوائها على مضادات الأكسدة وتعتبر مصدرًا جيدًا للبروتين، بينما لا يفضل الإكثار من اللحوم الحمراء.
- يمكن تناول بعض المشروبات العشبية، سواء بين الوجبات أو وقت الإفطار، لاحتوائها على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، ويفضل عدم تحليتها بالسكر.
- يفضل عدم الإكثار من الحلويات الرمضانية، لاحتوائها على كميات كبيرة من السكر والدهون غير الجيدة، والاستعاضة عنها بالفاكهة الطازجة.
ثانيًا- يجب النوم لساعات كافية: خلال شهر رمضان وبسبب تغير مواعيد الطعام ومواعيد النوم والاستيقاظ، تتغير دورة النوم بشكل كبير لدى الصائمين، حيث تقل ساعاته وجودته، وهذا يعرض الجسم للإرهاق وعدم قيام أعضائه بالمهام والوظائف بصورة طبيعية، ما قد يؤدي لضعف جهاز المناعة، لذا يجب تنظيم أوقات النوم، من خلال محاولة الخلود إلى النوم في وقت مبكر ليتسنى النوم مدة 3-4 ساعات تقريبًا قبل السحور، ثم العودة للنوم مرة ثانية لمدة 3-4 ساعات أخرى، بحيث لا يقل عدد ساعات النوم عن سبع ساعات، وأخذ قيلولة بعد الرجوع من العمل بما لا يزيد على نصف ساعة أو ساعة واحدة على الأكثر.
ثالثًا- بالنسبة للتجمعات والفعاليات الاجتماعية والدينية في رمضان، يجب الالتزام بما يلي:
ينصح بمنع أي تجمعات مرتبطة بشهر رمضان، مثل التي تحدث في الولائم والأسواق والأماكن الترفيهية، والتعويض عنها ببدائل افتراضية مثل التلفزيون والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
إذا سُمح بإقامة تجمع في رمضان، كصلاة الجمعة أو التراويح أو صلاة الجماعة، فينصح بإقامته في أماكن مفتوحة، أو أماكن مغلقة فيها تهوية كافية، مع تقصير مدة الفعالية أكبر قدر ممكن، ويجب تقسيم التجمعات إلى مجموعات صغيرة بدلًا من إحياء الفعاليات في تجمعات كبيرة، والحفاظ على التباعد الجسدي، والحفاظ على مسافر متر واحد على الأقل بين الأفراد في جميع الأوقات، من خلال تعيين أماكن خاصة بكل فرد عند الوضوء، وعند أداء الصلاة، والتأكيد على استخدام سجادات الصلاة الخاصة بكل شخص والامتناع عن الصلاة على السجادات العامة، وتنظيم الدخول إلى المساجد وأماكن التجمعات والخروج منها لمنع التدافع والتجمهر، والالتزام بالتسليم عن بعد دون ملامسة الأيدي أو التقبيل.
أخيرًا، نذكّر بضرورة الالتزام بقواعد الصحة العامة في النظافة والسعال والعطاس، إضافة لتوفير الصابون في مرافق الوضوء، والمحاليل الكحولية لتعقيم اليدين عند الدخول أو الخروج من المساجد.