ريف حمص الشمالي محروم من الإنترنت

  • 2020/04/26
  • 12:00 ص
مركز خدمة شركة "سيريتل" في حمص 21 من أيار لعام 2018 (عنب بلدي)

مركز خدمة شركة "سيريتل" في حمص 21 من أيار لعام 2018 (عنب بلدي)

عنب بلدي – عروة المنذر

تفتقد أم محمد من سكان تلبيسة، شمال مدينة حمص، أولادها الذين لجؤوا إلى أوروبا، وتسرد لعنب بلدي معاناتها في استخدام هاتفها المحمول، فبسبب كبر سنها لا تستطيع أن تتواصل معهم من خلال الكتابة، بل يجب أن تشغل الفيديو أو الصوت، وهو ما يعوقه بطء الإنترنت.

وكان ابنها قد أرسل إليها هاتفًا محمولًا، لكنها غير قادرة على مد خط إنترنت من مدينة حمص إلى منطقتها شمالي المحافظة، وستضطر إلى شراء جهاز قيمته تصل إلى 200 ألف ليرة، لتتمكن من توصيل خط الشبكة إلى منزلها والتحدث مع أولادها بشكل واضح وبصوت غير متقطع.

خلال سيطرة قوات فصائل المعارضة السورية على محافظة حمص قبل ثلاث سنوات، ظهرت الحاجة إلى وجود خطوط إنترنت قوية لتأمين طرق تواصل فعالة بين الفصائل المقاتلة، وبين إدارات المنظمات المحلية والدولية.

لذلك تم مد خطوط الإنترنت من تركيا إلى ريف حمص الشمالي، وخُدمت المنازل والشوارع والمزارع بأكثر من شبكة “Wi-Fi” في أغلب الأحيان.

البنية التحتية ضعيفة

مأمون الشيخ أحد سكان ريف حمص الشمالي، كان يملك خط إنترنت من تركيا قبل اتفاق “المصالحة”، إذ استطاع حينها مد شبكة إنترنت فعالة، والآن يعجز عن توفير ذلك من مركز المدينة في حمص.

فعلى الرغم من مضي ما يقارب ثلاث سنوات على اتفاق “المصالحة” الذي فرضته القوات الروسية، حليفة النظام السوري، على فصائل المعارضة في ريف حمص الشمالي، والذي أدى إلى سيطرة قوات النظام على المنطقة بأكملها، ما زالت المؤسسات الحكومية غائبة، وهي التي من شأنها التعامل مع قطاع الخدمات ويقع على عاتقها وضع الخطط والبرامج الهادفة.

وعمدت قوات النظام خلال سيطرة قوات المعارضة على المنطقة إلى تدمير البنى التحتية بشكل شبه كامل، بالإضافة إلى ضرب المراكز الحيوية، ومن ضمنها مقسم بريد بلدة الرستن ومقسم بريد بلدة تلبيسة ومقسم بلدة الحولة، شمالي حمص، ما أدى إلى تدهور خدمة الاتصالات، نتيجة خروج كتلة كبيرة من الأبراج عن خدمة شبكتي الخلوي الوحيدتين (“سيريتل” و”MTN”).

خدمة اتصالات ضيقة النطاق

الأبراج التي أعادت شركتا الخلوي نشرها لا ترتقي لمستوى الخدمة المطلوبة، بحسب أهالي المنطقة، وتركزت خدمتهما في نطاق طريق حمص– حماة الدولي، الذي يعد جزءًا من طريق دمشق- حلب الدولي (M5).

والمشكلة الرئيسة ، بحسب مهندس الاتصالات من سكان مدينة الرستن محمد كاجو، تكمن في الحصول على اتصال بشبكة الإنترنت من إحدى القرى المجاورة على الضفة الثانية من سد الرستن.

ويشرح محمد كاجو لعنب بلدي أن المنطقة في الضفة الثانية من سد الرستن تتبع إداريًا لمحافظة حماة، ومدينة الرستن تتبع لمحافظة حمص، ما يجبر الأهالي على الحصول على استثناء من محافظ حماة ليوصلوا الشبكة إلى المنطقة، وبعدها يتم تركيب جهاز بث وجهاز استقبال.

والمعضلة الأهم وفق مهندس الاتصالات، هي أن نظام الاتصالات المسموح باستخدامه لا يعمل إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون جهاز البث والاستقبال على ارتفاع واحد، ما حرم مدينة الرستن من الشبكة كونها منخفضة عن المناطق المجاورة، ومثلها مدينة تلبيسة حيث حالت المسافة دون إيصال الشبكة إلى هناك، ليقتصر المشروع على تغطية المزارع فقط.

تكاليف مرتفعة وخدمة سيئة

لا تسمح حكومة النظام السوري بإدخال أنظمة الاتصالات المتطورة لتخديم المنطقة بشبكة الإنترنت، كي لا تفقد شبكتا الخلوي فرصة جني أرباحهما المادية وسط تردي المستوى الاقتصادي في البلد.

وبسبب انعدام الخيارات أمام أهالي المنطقة، يعاني بعضهم من تكلفة الاشتراك في خدمة الإنترنت، وهي مرتفعة بالمقارنة مع تكلفة الحصول على خدمة “Wi-Fi”.

نور الدين محمد وهو من سكان قرية غرناطة التابعة لمدينة الرستن، قال لعنب بلدي إنه اشترى جهازًا لتحديد شبكات الإنترنت بتكلفة 46 ألف ليرة، ورفعه على عمود مسافة ثلاثة أمتار، لتمكينه من التقاط إشارة اتصال الإنترنت، ورغم ذلك تعد سرعة الاتصال سيئة جدًا مقارنة مع التكلفة المادية.

لكن نور الدين يرى أن معاناته تبقى “أكثر رحمة” من التعامل مع شركتي الخلوي، إذ يصل سعر الجيجا بايت الواحد الذي توفره الشركتان إلى أكثر من 12 ألف تقريبًا، بينما يدفع الآن خمسة آلاف مقابل 30 جيجا شهريًا.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية