افتتحت منظمة “الهلال الأحمر الكردي” بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، مشفى تحت اسم “مشفى كوفيد 19″، خُصص لاستقبال الأشخاص المشتبه بإصابتهم، والمؤكدة إصابتهم بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
يهدف القائمون على تجهيز المشفى، الذي افتُتح في 20 من نيسان الحالي، إلى تخصيص مكان علاجي جاهز، ولمنع تفشي الفيروس في المراكز الصحية الأخرى، التي قد لا تكون مستعدة للتعامل مع حالات الإصابة، بحسب ما نقله الموقع الرسمي للمنظمة على الإنترنت.
تصل قدرة المشفى الاستيعابية إلى 120 سريرًا في الوقت الحالي، مع إمكانية التوسعة بوجود طاقم طبي أغلبه متطوعون وموظفون سابقون لدى “الهلال الأحمر الكردي”، خضعوا لتدريبات مكثَّفة من قبل أطباء مختصين.
“الهلال الأحمر الكردي”
أُسس فرع “الهلال الأحمر الكردي” في 12 من كانون الأول 2012، بمدينة عامودا، في أقصى الشمال الشرقي السوري على الحدود السورية- التركية، من قبل مجموعة من الأطباء والمهنيين الصحيين.
تعمل المنظمة، بحسب موقعها الرسمي، كـ”جسر” يربط بين المناطق الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية في شمالي وشرقي سوريا” والعالم، وتهدف إلى إعداد برامج مواجهة الكوارث وبرامج تنموية وخطط مستقبلية واستراتيجيات في المجالات الصحية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”.
كما تشارك في مكافحة الأوبئة وتحسين الصحة العامة، من حيث رفع مستوى الوعي من خلال تقديم الخدمات والبرامج الاجتماعية والتنموية و الإنسانية، وتأهيل الكوادر في وقت السلم للاستفادة منهم وقت الحرب في مجال الإسعاف الأولي وإدارة الكوارث.
نشاطات وفعاليات
تتنوع الفعاليات والنشاطات التي تقيمها المنظمة في مناطق مختلفة من الشمال الشرقي السوري، ما بين فعاليات الإسعاف والطوارئ ونشاطات التعليم والدعم النفسي والتدريب والخدمات الطبية.
وبدأت المنظمة بعد انتشار جائحة “كورونا” بتصنيع كمامات وقاية بمعدل خمسة إلى ستة آلاف كمامة يوميًا، ليصل العدد إلى خمسين ألف كمامة بشكل مبدئي، لتوزيعها على الأهالي والنازحين غير القادرين على شرائها.
كما نظم فريق “التثقيف الصحي” في مدينة المالكية جلسات توعية صحية حول النظافة وكيفية غسل اليدين، بالإضافة إلى جلسات عن الأمراض المزمنة، والرعاية قبل وبعد الولادة، ورعاية الأطفال والرضع في المدارس والروضات الخاصة.
وافتتحت المنظمة بالشراكة مع منظمة “جسر إلى” (Un Ponte Per) الإيطالية، النشطة في سوريا والعراق، وبالتنسيق مع مجلس مدينة الرقة المدني، مشفى للأمراض النسائية والأطفال، يتضمن ثلاثة أقسام، هي قسم العمليات والتوليد وقسم العيادات الخارجية والأشعة وقسم الإقامة وحواضن الأطفال، وذلك بعد ترميم مدرسة التمريض الواقعة داخل حرم المشفى الوطني للمدينة لمدة أربعة أشهر.
اتهامات تركية
يشير تقرير نشرته وكالة “الأناضول” التركية للأنباء، في كانون الأول 2019، إلى أن منظمة “الهلال الأحمر الكردي” تنظيم “كاذب” أنشأه حزب “العمال الكردستاني” (PKK) في الخارج، لتمويل المقاتلين المنتسبين إلى الحزب (في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية).
وأضاف التقرير أن المنظمة أُنشئت تحت اسم جمعية “التضامن وإغاثة عائلات الشهداء والمعتقلين” (HEV-KOM) في ألمانيا، التي تستمر فعالياتها في مدينة دوسلدروف، بهدف تمويل “حزب العمال” ومساعدة العاملين داخله وعائلات المصابين والقتلى خلال الاشتباكات أو المعتقلين منهم، وذلك تماشيًا مع القرارات التي اتخذت في المؤتمر الثالث للحزب.
وبعد وضع بريطانيا وفرنسا وألمانيا الحزب على قائمة المنظمات الإرهابية، وبهدف إثبات استقلاليتها عن حزب “العمال”، ولكسب صفة منظمة “غير حكومية” (NGO)، غيرت الجمعية، في 15 من آذار عام 1993، بمدينة بوخوم الألمانية، اسمها إلى “الهلال الأحمر الكردي” (Heyva Sor a Kurdistane)، واكتسبت صفة “الوقف” في نيسان عام 2005.
لا اعتراف دون دولة
على الصعيد القانوني، تنظم قواعد اتفاقية “جنيف” ولجنة “الصليب الأحمر الدولية” إنشاء الجمعيات مثل “الهلال الأحمر” أو “الصليب الأحمر” والاعتراف بها وتمثيلها، وبناء على ذلك، لا يمكن إنشاء هذه الجمعيات إلا في دولة مستقلة، ولا يمكن وجود إلا جمعية واحدة لـ”الصليب الأحمر” و”الهلال الأحمر” في أي دولة عضو.
ونظرًا لعدم وجود دولة مستقلة تسمى “كردستان سوريا” ولعدم الاعتراف دوليًا بـ”الإدارة الذاتية” كمنطقة حكم ذاتي أو دولة مستقلة، تقرر بأن منظمة “الهلال الأحمر الكردستاني” غير قانونية للعمل كـ”جمعية وطنية” في البلدان الأعضاء في “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، إذ قدمت المنظمة طلبًا بهدف الاعتراف بها عام 1997، بقي معلقًا لأن المنظمة ليست معروفة دوليًا ولا تنتمي إلى دولة مستقلة.
وفي عام 2011، قضت مديرية “الإشراف والخدمة” في ولاية راينلاند بالاتينات الألمانية بأن “الهلال الأحمر الكردي” لا يمكنه استخدام رموز “الهلال أو الصليب الأحمر”، لأنه يُسمح فقط لمنظمة إغاثية واحدة معتمدة من الدولة في كل ولاية باستخدام الرمز، وبالتالي لا يمكن للمنظمة جمع التبرعات في الولاية.
مكون فرعي لحزب “العمال الكردستاني”
وبحسب تقرير “الأناضول”، خلصت دعوى قضائية ضد “الهلال الأحمر الكردي”، رُفعت في ألمانيا عام 2007، إلى أنه أحد أفرع حزب “العمال” المحظور في ألمانيا، وأن المنظمة ترسل ممثلين عنها إلى جميع اجتماعات ومناسبات الحزب.
كما أشارت الدعوى إلى أن “المنظمة تمول الحزب عبر الكرد المقيمين في ألمانيا”، إضافة إلى إرسال التبرعات إلى معسكرات الحزب شمالي العراق، وتهريب المقاتلين المصابين إلى أوروبا “بطرق غير شرعية”، وإجراء جميع هذه الأنشطة بتعليمات من الحزب.
وبناء على نتيجة الدعوى، حُظرت فعاليات جمع التبرعات من قبل “الهلال الأحمر الكردي” في ولاية كوبلنز الألمانية، ورُفض لاحقًا طلب تمييز ضد القرار القضائي من قبل المحكمة العليا في الولاية.
في الهوامش.. حزب ألماني يموّل المنظمة
في نهاية تشرين الأول عام 2019، وعبر تغريدة على موقع “تويتر”، أعلن العضو في البرلمان الأوروبي من ألمانيا ورئيس حزب “الحزب” اليساري (Die Partei)، مارتن زونيه بورن، منح شيك بقيمة ربع مليون يورو لمنظمة “الهلال الأحمر الكردي”، قائلًا “لحسن الحظ حوّلنا 250 ألف يورو إلى الهلال الأحمر الكردي”.
ووفقًا لموقع “DW” الألماني، مُنح الشيك لمحاسب المنظمة العامل في ألمانيا وحيد الدين كلتش، في برلين، أمام المقر الرئيس لـ”الاتحاد الديمقراطي المسيحي” الحاكم في ألمانيا، بدلًا من المقر الرئيس لحزب “Dir Partei”، في إشارة من زونيه بورن إلى أن “أموال التبرعات التي تُجمع من الشعب تذهب إلى المنظمات الإغاثية”.
حزب “Dir Partei” يعرّف نفسه على أنه حزب العمل وسيادة القانون والرفق بالحيوان وتشجيع النخبة والديمقراطية الشعبية.
–