في حضرة “كورونا”.. إيران تقدم الدعم للأسد أمام الانسجام الروسي- التركي

  • 2020/04/22
  • 10:37 ص

رئيس النظام السوري بشار الأسد ووزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف في دمشق- 20 من نيسان 2020 (رئاسة الجمهورية فيس بوك)

في الوقت الذي يمتنع فيه دبلوماسيو وزعماء العالم عن مغادرة بلدانهم خشية من التقاط عدوى فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، والاكتفاء بتسيير الأمور عبر الاجتماعات الافتراضية، تحط طائرة وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، في دمشق للقاء كبار مسؤولي النظام السوري وجهًا لوجه، فلا تثق طهران بمقابلات الإنترنت، وفقًا للصحفي السوري نصر اليوسف الذي عمل سابقًا في وكالة “تاس” الروسية.

في 20 من نيسان الحالي، التقى ظريف ببشار الأسد في جو أخفت فيه الكمامات البيضاء ابتسامات الترحيب المعتادة، فالطرفان يعلمان حقيقة انتشار “كورونا” في بلديهما.

حقنة معنويات

بعيدًا عن “كورونا”، فإن مخاطرة زعيم الدبلوماسية الإيرانية في قدومه إلى دمشق في هذا الوقت، لا بد أنها تحمل في طياتها رسائل مهمة، خاصة أنها تتزامن مع قضايا بارزة تجري في سوريا، أبرزها ما يتعرض له النظام السوري من حملة تشهير واسعة تستهدف فساده، تقودها مؤسسات صحفية روسية عريقة، بعضها على ارتباط مباشر بصناع القرار في الكرملين.

اقرأ أيضًا: روسيا تستخدم قوتها الناعمة للتشكيك بشعبية الأسد وانتقاد النظام

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس والخبير والباحث في الجيوبولوتيك البروفسور خطار أبو دياب، في حديث إلى عنب بلدي، أن الأيام الأخيرة كشفت تناقضًا بين داعمي النظام السوري (روسيا وإيران)، موضحًا أن هذا التناقض ترجمته حملة الصحافة الروسية ضد النظام، إذ إنها تعبر بالضرورة عن بداية تململ روسي من النظام السوري. 

ومن هنا يمكن أن نقرأ في زيارة ظريف، رغم ظروف “كورونا” السائدة، أن إيران تريد كما العادة إعطاء النظام حقنة من المعنويات عندما يكون في وضع صعب، إضافة إلى أنها محاولة لإبراز القدرات الإيرانية في سوريا، وفق أبو دياب.

ويبدو أن الدعم لا يقتصر فقط على المعنويات، إذ تحدث موقع “Thenational” الأمريكي عن استئناف طائرات شحن تديرها حكومة النظام السوري، وتقول واشنطن إنها تحمل أسلحة من إيران، عمليات التسليم بعد توقف مؤقت بسبب تفشي جائحة فيروس “كورونا”.

واستند الموقع إلى بيانات موقع “FlightRadar24” المتخصص برصد حركة الطيران، الذي أظهر أن طائرة “إليوشن IL-76” وصلت إلى اللاذقية، في 20 من نيسان الحالي، من مطار طهران مهرآباد الدولي، الذي تستخدمه القوات الجوية الإيرانية.

من جهته، يعتقد السياسي السوري المختص بالعلاقات الدولية سعد وفائي، أن نشر روسيا لملفات فساد النظام هي إشارة إلى عدم تمسكها بأشخاص النظام ومنهم بشار الأسد.

كما أن زيارة مسؤول إيراني رفيع المستوى مثل جواد ظريف لدمشق، تدخل في باب ترتيب الأوراق الإيرانية في سوريا بعد “كورونا”، متجاوزة السياسات اليومية لإيران في سوريا منذ 2011، وفق تعبير وفائي في حديث لعنب بلدي.

قلق إيراني

تأتي زيارة ظريف المفاجئة في ظل استمرار وقف إطلاق النار في إدلب المتفق عليه بين روسيا وتركيا، في 5 من آذار الماضي، وسط محاولة خرقه من قبل قوات النظام والميليشيات التابعة لإيران، يقابلها إصرار من أنقرة وموسكو على الاستمرار بالعمل به.

وحول هذه النقطة، اعتبر أبو دياب أن هناك قلقًا كبير لدى كل من إيران والنظام السوري تجاه التفاهمات الروسية- التركية، التي باتت ترتسم أكثر فأكثر في شمال غربي وشمال شرقي سوريا.

وأضاف أن هناك خشية من أن تمتد هذه التفاهمات لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية، ما يضع الوجود الإيراني في سوريا في عين العاصفة، خاصة أن إسرائيل تعمل من أجل تقويضه.

اقرأ أيضًا: طهران غائبة عن الاتفاقات السياسية وحاضرة في معارك إدلب

ولفت أبو دياب إلى أن إيران لديها أساليب تحاول من خلالها إحداث خلل في التفاهمات الروسية- التركية.

وضرب مثالًا على ذلك، بأن طهران تحرك تنظيم “الدولة الإسلامية” في بعض المناطق من أجل خلط الأوراق، موضحًا أن إيران كما النظام السوري تستند إلى فزاعة الإرهاب، كي تستمر في السيطرة عبر إظهار التوترات.

من جانبه، قال سعد وفائي إن سوريا بلد استثمرت فيها إيران الكثير من الأموال، ولذلك هي تخشى فقدان استثمارتها في هذا البلد.

أمام ظريف.. بشار يهاجم تركيا

استغل بشار الأسد لقاء وزير الخارجية الإيراني ليهاجم الوجود التركي في سوريا، ما يعكس بعضًا مما حمله جواد ظريف في جعبته إلى دمشق.

ووصف الأسد خلال اللقاء التدخل التركي بـ”الاعتداء، من خلال احتلالها المباشر للأرض أو من خلال زيادة عدد ما تسميه نقاطًا للمراقبة”.

واعتبر الأسد أن “تصرفات تركيا على الأرض تفضح حقيقة نواياها من خلال عدم التزامها بالاتفاقات التي أبرمتها سواء في أستانة، أو في سوتشي، والتي تنص جميعها على الاعتراف بسيادة ووحدة الأراضي السورية”.

من جهته، لم ينتظر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، طويلًا، إذ رد على الأسد بالتهديد والوعيد إذا واصل محاولاته خرق اتفاق إدلب.

وأكد أردوغان أن تركيا لا تزال ملتزمة بمذكرة التفاهم التي أبرمتها مع روسيا، لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون حيال عدوان النظام.

مشاورات روسية- تركية- إيرانية

بعد يوم واحد من زيارة ظريف إلى دمشق، أجرى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اتصالين منفصلين مع رئيسي تركيا وإيران.

وبحسب بيان للكرملين، بحث بوتين مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، سير تطبيق اتفاق إدلب، وأكدا أهمية استمرار التعاون الوثيق بين البلدين عبر القنوات العسكرية والدبلوماسية، ومواصلة الاتصالات.

وتزامن ذلك مع اتصال آخر أجراه بوتين مع نظيره الإيراني، حسن روحاني، وأكدا إمكانية مواصلة مشاورات اجتماعات “أستانة”.

وبحسب بيان للرئاسة الإيرانية، فإن الجانبين أكدا أهمية استمرار المشاورات الإيرانية- الروسية بشأن القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك متابعة عملية “أستانة” وعقد محادثات ثلاثية مع تركيا على أرفع مستوى.

وحددت الدول الثلاث اليوم، الأربعاء 22 من نيسان، موعدًا لاجتماع وزراء خارجيتها، عبر تقنية الفيديو، من أجل بحث التطورات الأخيرة في سوريا، بما يعرف بصيغة “أستانة”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا