التشكيلي أسعد فرزات لعنب بلدي: وجوهنا نحن السوريين غادرتنا نحو العالم الآخر
حوار: أسامة آغي
الفن التشكيلي ليس رسومًا مجردة بلا هوية ثقافية ومحمول فكري، وإنما هو تكثيف كبير لوعي الفنان المرهف، الذي تلتقط حواسه الأحداث والأشياء، وتغيب في عتبة لا شعوره زمنًا غير محدد، ثم تولد في لحظة لوحة، تحتاج إلى بصيرة، تقرأ مفرداتها عبر اللون والخطوط والفضاء الخاص بها.
في الثورات والحروب والمآسي الإنسانية، يؤدي الفن التشكيلي أدوارًا عدة، كتوصيل أفكار الناس وهمومهم، والتعبير عن التغيرات التي تنعكس عليهم، وفق ما تحدث به الفنان التشكيلي السوري أسعد فرزات لعنب بلدي.
فن الثورة في شعبها
الفن التشكيلي واكب الثورة السورية، برأي الفنان أسعد فرزات، واستطاع إيصال فكرة عنها للعالم.
ويعتقد فرزات أن فن الكاريكاتير كان أكثر التصاقًا بالطبقة الشعبية، واستطاع مع الفن الشعبي البسيط، الذي يحمل فكرة بسيطة، ولكنها عميقة، إيصال ما يريده أكثر مما يفعله صاحب اللوحة التشكيلية الأكثر التصاقًا بالنخبة الثقافية.
ويرى الفنان أسعد فرزات أن “الثورات في العالم هي جميعها حصيلة زمنية طويلة من القهر والذل، نتيجة أنظمة لا تنتمي للشكل الإنساني الصحيح بكل معاييره”.
الفن تراكمات فكرية
إن ما حصل للسوريين من مآسٍ، لم يحصل مثلها في التاريخ، هكذا يفكر أسعد فرزات، الفنان المنحدر من حماة، بما حصل في سوريا.
فـ”المأساة السورية” غيرت سلوك السوريين، بل غيرت حتى ملامح وجوههم أيضًا، إذ يقول الفنان فرزات، إننا “بعد سنتين أو ثلاث سنوات من المأساة استطعنا أن نلمس ذلك، سواء عن طريق الرواية أو الشعر أو القصة أو وسائل الاتصالات البصرية”، كالسينما والفن التشكيلي.
ويعتقد الفنان أسعد فرزات، الذي شارك بكثافة في معارض دولية كثيرة، أن المأساة السورية هي مدرسة بالفعل، لأن الإبداع مرتبط بالحرية، وهذا ما ظهر بأعمال الفنانين والمفكرين والأدباء الذين غادروا الوطن كراهية.
الوجوه التي فقدت ملامحها
القهر هو الذي يغير من سحنة الإنسان، ولهذا ثمة تجربة للفنان أسعد فرزات مع وجوه شخوصه.
وتجربة فرزات بالنسبة للوجوه بدأها قبل الثورة، إذ كان يركز فيها كما يقول على العمق الداخلي للبورتريه، سواء بالخط أو اللون.
ويضيف أسعد فرزات، الذي يمتاز فنه بمقدرة تعبيرية على رسم وجوه شخوصه، “ربما هو نوع من الإحساس العميق بما سيحصل، أو ربما قراءات تتعلق بالمشهد العام للوجع السوري المتأصل”.
ولكن أسعد فرزات يرى أن مشروعه برسم الوجوه، “أخذ منحى آخر أكثر عمقًا ودلالة لملامح وجوهنا نحن السوريين”.
“الوجوه غادرتنا نحو العالم الآخر، بسبب رصاصة اخترقت القلب، القلب المرتبط بالمشاعر والحب، وهم يجيدون التصويب”، كما يعتقد فرزات.
ويضيف أن ملامح الوجوه “ضاعت في المعتقلات، أو ابتلعها البحر، أو اندمجت مع الصقيع”، وهو يرى أن بعض الوجوه تفحّم نصفها وبقي نصفها رمادًا.
القيامة السورية
الفن التشكيلي ليس بيده غير ريشته وألوانه وفكرته الخبيئة في الروح، ولهذا يؤمن الفنانون بالقيامة.
ولا ينكر الفنان أسعد فرزات وجود “قيامة سورية”، ولدت على يد الأطفال السوريين، الذين سطروا بحروف قليلة على الجدران معنى الحرية بمفهوم جديد، ليصبح مفهوم الحرية عندهم بمثابة ثورة، و”الثورة فكرة، والفكرة لا تموت”.
إنجازات منذ عام 1986
تخرج الفنان التشكيلي أسعد فرزات في كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1986، وأقام العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل وخارج سوريا.
كما شارك في العديد من الملتقيات الفنية والعربية، وبعض أعماله مقتناة من قبل المتحف الوطني في العاصمة دمشق، وضمن مجموعات خاصة في كل من سوريا، ولبنان، والأردن، والكويت، وتونس، وفرنسا، وألمانيا، وسويسرا.
وكان معرض “EF Eduction” هو آخر مشاركات الفنان في المعارض التشكيلية، وكان المعرض الفني تابعًا للمؤسسة العالمية لتبادل الثقافات والشهادات الآكاديمية العليا في السويد.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :