إدوار سعيد
تغطية الإسلام
يتابع إدوار سعيد في كتابه «تغطية الإسلام»، الذي ترجمه د. محمد عناني، ما كان قد بدأه في كتابه الشهير «الاستشراق»، ولكن هذه المرة لا يبحث في تاريخ الفكر الاستشراقي بقدر ما يطبق النتائج التي وصل لها في كتاب الاستشراق على الإصدارات الأمريكية الحديثة، من خلال رصده اليومي الحثيث لتغطية الصحف والدوريات والمراكز الأمريكية للإسلام.
يبدأ الكتاب بالإشارة إلى الإعلان الذي قدمته شركة أديسون لدعم مصادر الطاقة البديلة، حيث أتت بلقطات لزعماء دول عربية نفطية دون أن تشير لأسمائهم وبلدانهم ومن ثم أنهت إعلانها بالتحذير من أن هؤلاء يتحكمون بمصادر النفط الأمريكي، حيث احتلت أنباء العالم الإسلامي الصحف الأمريكية بعد أزمة حرب أكتوبر 1973، ثم جاءت الثورة الإيرانية وأزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية لتتصدر إيران المشهد العام.
يرصد الكاتب تعاطي الإعلام الأمريكي مع ما أسماه «قصة إيران»، إذ شنت الصحف الأمريكية حملة شيطنة هائلة ضد إيران مع أزمة احتجاز الرهائن، مع تعميم كبير لما يحدث في إيران على كل العالم العربي والإسلامي، دون إدراك للفوارق ما بين الفرس والعرب، والسنة والشيعة وغيرهم، والأهم دون ذكر للسياسة الأمريكية تجاه إيران زمن الشاه، والتي أدت بشكل مباشر للثورة والنقمة الإيرانية على كل ما يمت لأمريكا بصلة.
تتشابه الظروف الإيرانية مع ظروف الثورة السورية حاليًا، فقد عمد الإعلام الأمريكي إلى تجاهل حالة الصراع القائمة بين التيارات المختلفة التي قامت بالثورة الإيرانية وركز على أن كل الإيرانيين هم همج وبرابرة يكرهون الأمريكيين بلا سبب، وعندما انتصر التيار المتشدد في إيران على التيارات الأخرى الأكثر اعتدالًا، انتقل الإعلام الأمريكي للقول بأنه كان من الممكن دعم التيارات المعتدلة في إيران لولا وجود التيار المتشدد السائد.
ينهي إدوار سعيد كتابه، الذي نشرته دار رؤية، بالحديث عن «المعرفة والسلطة»، ويبين ارتباط مجمل الباحثين والخبراء في الشرق الأوسط بحكوماتهم وتسخير دراساتهم لخدمة أهداف هذه الحكومات مهما ادّعوا من حيادية وموضوعية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :