روسيا تستخدم قوتها الناعمة للتشكيك بشعبية الأسد وانتقاد النظام

camera iconالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد خلال اجتماع في سوتشي (رويترز)

tag icon ع ع ع

عملت وسائل إعلام روسية خلال الأيام الماضية على توجيه رسائل لاذعة للنظام السوري وعلى رأسه، بشار الأسد، عبر إجراء استطلاعات للرأي في سوريا ونشر تقارير تظهر حجم الفساد المستشري داخل النظام إضافة للتشكيلك بشعبية الأسد المقبل على انتخابات جديدة في 2021.

ونشرت صحيفة “الشرق الأوسط”، اليوم، الأحد 19 من نيسان، تقريًرا من موسكو، رصد أهم ما قامت به وسائل الإعلام الروسية لتوجيه انتقادات لاذعة للنظام السوري.

ووفق التقرير، فإن استطلاعات للرأي أجريت في دمشق من قبل مؤسسة روسية وصفت بأنها حكومية، أظهرت تصاعد حال التذمر، في سوريا، وتدهور شعبية الأسد إلى مستويات غير مسبوقة، فضلًا عن فقدان الثقة لدى السوريين بأنه سيكون قادرًا على إصلاح الموقف وتحسين الأحوال في البلاد.  

ولفت التقرير، إلى أن النسب في الاستطلاعات تأتي خلافًا للدعاية التي يطلقها النظام السوري نحو تحسن الوضع مع الانتصارات الميدانية التي تحققت أخيرًا.

وقال دبلوماسي روسي لـ”الشرق الأوسط” (لم تذكر اسمه)، إن هذه الاستطلاعات تشكل رسالة واضحة ومباشرة للنظام، معربًا عن قناعته أنها أجريت عبر الهاتف في دمشق.

وأردف، “لو كانت الاستطلاعات أجريت في مناطق أخرى من سوريا، لكان الأسد لم يحصل على أكثر من 10% في أي تصويت”، مشيرًا إلى أنه في كل الأحوال، فإن هذه الرسائل تعكس نفاد صبر موسكو من أداء الأسد، وفق “الشرق الأوسط”.

جاءت نسب الاستطلاع حول الوضع في سوريا بأن 37% تقريبًا من المشاركين يرون العام الأخير أسوأ من السابق، بينما لم يرى 40% اختلافًا، و15% فقط شعروا بتحسن إيجابي.

71% من المستطلعة آراؤهم يرون أن “الفساد ما زال المشكلة الأكبر”، بينما يشير 61% منهم إلى تدهور الأوضاع المعيشية.

أما عن تحميل السلطة المسؤولية عن هذا الوضع، فاعتبر 40% منهم أنها “فاقدة للشرعية”.

أبرز ما في الاستطلاع، بحسب الصحيفة، هو تقييم أداء الأسد، الذي رأى 41% من المشاركين أنه سلبي، في مقابل ثلاث 33% تؤيده، في حين رفضت النسبة الباقية إعطاء جواب.

ورفض 54% بشكل حاسم منح الأسد الثقة في انتخابات 2021، بينما وافق 32% على ذلك، وامتناع النسبة المتبقية.

طباخ بوتين ينتقد الأسد

سبق مجموعة الاستطلاعات السابقة قيام وكالة “الأنباء الفيدرالية” الروسية التي يمتلكها الملياردير يفغيني بريغوجين، المعروف باسم “طباخ بوتين”، وهو مؤسس شركة “فاغنر”، التي نشرت مئات المقاتلين لها في سوريا، بنشر عدة تقارير تحمل رسائل لبشار الأسد تعكس شكل  المزاج العام لدى النخب الروسية.

ووصفت التقارير الأسد بـ”الضعيف”، وتحدثت عن “عدم قدرته على محاربة الفساد المستشري في إدارته”، واتهمت مسؤولي النظام بـ”استغلال المساعدات الروسية لأغراضهم الشخصية”.

ولا يرى الكاتب السوري عمر قدور في مقال في صحيفة “المدن“، نشر اليوم، هذا الهجوم مؤشرًا على استغناء روسيا عن الأسد، بل ابتزازًا لا يُستبعد أنه جاء بسبب ممانعة تبديها سلطة الأسد للهيمنة الاقتصادية الروسية، أو أن يكون الابتزاز تمهيدًا للهيمنة المطلوبة.

وخلص قدور إلى أن “المطلوب من الأسد فتح اقتصاده بالكامل أمام المافيا الروسية بلا شروط أو مراوغة، على النحو الذي فتح فيه هيئة الأركان العسكرية أمام الجنرالات الروس.

واعتبر أن من الطريف أن يستعير “طباخ بوتين” قولاً لبشار ينص على أن “الفساد أسوأ من الإرهاب”،

واحتلت سوريا المركز قبل الأخير في قائمة التقرير السنوي لمؤشرات “مدركات الفساد” الذي تصدره “منظمة الشفافية الدولية”، والذي يرصد حالتي الشفافية والفساد، في 180 دولة حول العالم.

وصنفت “منظمة الشفافية الدولية” في تقريرها السنوي الصادر في 23 من كانون الثاني 2020، سوريا في المرتبة 178 برصيد 13 نقطة، تلتها جنوب السودان والصومال في المرتبة الأخيرة، برصيد تسع نقاط.

رسائل قديمة

ليست هذه المرة الأولى التي تحرك فيها موسكو قوتها الناعمة لتوجيه رسائل للنظام السوري وبشار الأسد على حد سواء، من شأنها دفعه لتصحيح مساره وفق ما يتماشى مع المصالح الروسية.

وكانت موسكو وجهت رسائل قوية إلى دمشق برزت عبر مقالات نشرت في وسائل إعلام حكومية، بقلم السياسي  الروسي- الفلسطيني رامي الشاعر المقرب من الكرملين.

وكان الشاعر كتب عدة مقالات منتقدًا فيها أداء بشار الأسد وأشار صراحة في إحداها إلى أن سوريا ليست مملكة للتوريث، في إشارة إلى أن بشار الأسد يمكن أن يغادر السلطة، وحمل عنوان “سوريا حبلى بالبدائل وليست عاقرًا بالتوريث”

كما سبق وأن نشرت صحيفة “زافترا” الروسية مقالاً بعنوان “تجاهل دمشق للقرار 2254 لا يخدم مصالح الشعب السوري” للشاعر، سلّط فيه الضوء على “الجهود الروسية في مواجهة الأزمات عام 2019 والعراقيل التي وقفت وتقف في وجهها.

وكان لافتًا، صدور تعليق من أبرز المستشارين الروس المختصين بالملف السوري فيتالي نعومكين، حول ما ينشره رامي الشاعر إذ تساءل نعومكين “هل تعليق المحلل تعبير عن موقفه الشخصي أم رسالة من الكرملين وُجِّهت من خلاله؟”.

ليجيب بالقول “سيكون من الخطأ أن نرى وراء هذا نوعًا من التحذير الخفي حول احتمال ابتعاد موسكو عن موقف دمشق المتشدد، فسياسة موسكو في دعم السلطة السورية ثابتة وغير قابلة للتغيير، هذا هو خطها الاستراتيجي. لكن موسكو تدعو باستمرار إلى المصالحة الوطنية من خلال حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة”.

وتابع “رامي الشاعر، الذي يستشعر دائمًا بدقة الحالة المزاجية في المجتمع الروسي وفي السلطة، حتى لو كانت هذه الإشارة صادرة منه شخصيًا، يعكس فيها شيئًا من الكلل بين الروس، الذين خاب أملهم بسبب عدم إحراز أي تقدم حقيقي في المفاوضات. وإذا كانت هذه الإشارة من الأعلى، فمن الواضح أنها تعدّ دعوة للإصلاح”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة