تتسارع وتيرة الأحداث في محافظة الحسكة على وقع الخطى الروسية والأمريكية، إذ تسعى القوتان الكبريان في سوريا إلى رسم واقع جديد في محافظة الحسكة، في ظل الهدوء الحذر الذي فرضه فيروس “كورونا المسجد” (كوفيد- 19) على المنطقة ودول العالم.
ويشهد نيسان الحالي تسابقًا بين القوات الأمريكية والروسية لتعزيز وجودهما العسكري في محافظة الحسكة، حيث تواصل أمريكا مد مواقعها بالأسلحة البعيدة المدى، في حين ترسل روسيا عبر مطار القامشلي عربات وآليات جديدة تسيّرها في ريف الحسكة، إضافة إلى محاولة غير ناجحة لتشكيل ميليشيا جديدة لها في بلدة تل تمر.
تعزيزات عسكرية
يصعب رصد عدد الشاحنات الأمريكية التي تدخل من إقليم كردستان العراق إلى محافظة الحسكة، فمنذ نهاية آذار الماضي حتى اليوم، الاثنين 13 من نيسان، تواصل أمريكا إرسال الإمدادات إلى سوريا بشكل شبه يومي.
وعلى الرغم من حديث مواقع موالية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عن أن الشحنات الكثيرة التي دخلت هي عبارة عن معدات طبية مقدمة من التحالف الدولي إلى مناطق “الإدارة الذاتية” (الكردية) للتصدي لجائحة “كورونا”، فإن التسجيلات المصورة المنشورة في مواقع محلية تثبت عكس ذلك، إذ تضمنت الإمدادت الأمريكية معدات تم إنزالها عبر الجو ليلًا في قاعدة حقل “العمر” النفطي في ريف دير الزور الشرقي، ما يدل على سرية تلك العملية وحذر أمريكا من نقلها وإدخالها برًا عبر إقليم كردستان العراق.
لا تقتصر التعزيزات العسكرية على الأمريكيين في الحسكة، فللقوات الروسية نشاط مماثل، تعبر عنه بإرسال العربات العسكرية الجديدة إلى الحسكة عبر مطار القامشلي الذي بات يعد قاعدة عسكرية لها في المنطقة.
ولم توفر روسيا الطريق البري في تعزيز نفوذها العسكري في الحسكة، إذ أرسلت خلال الأيام الماضية قافلة عسكرية ضمت أكثر من 50 شاحنة عسكرية ودبابة وناقلة جنود، خرجت من مدينة عين عيسى بريف الرقة، وتوجهت إلى بلدة تل تمر بريف الحسكة ومنها إلى مدينة القامشلي عبر الطريق الدولي “M4”.
وكانت هذه القافلة تمر من أمام دوريات أمريكية راقبتها دون اعتراض، على عكس ما كان يحدث خلال الأشهر الماضية، حتى دخولها إلى مطار القامشلي الخاضع لسيطرة النظام السوري.
كما عززت روسيا وجودها قرب مطار القامشلي، حيث يوجد نحو 200 جندي روسي، وعشرات العربات المدرعة والدبابات إلى جانب ست مروحيات، كما يتخذ الضباط الروس الفيلات القريبة من المطار مقرات لهم، بعد أن وضعوا يدهم عليها، وفق وكالة “الأناضول”.
دوريات وتحالفات
إلى جانب استقدام التعزيزات العسكرية التي يقوم بها التحالف الدولي في ريف دير الزور والحسكة، كثّفت القوات الأمريكية التي تقود التحالف من دورياتها في ريف الحسكة خلال الأيام الماضية.
وكانت هذه الدورية تحدث بالتزامن مع دوريات مشابهة لروسيا وتركيا على الشريط الحدودي مع تركيا وفق اتفاق “سوتشي” الذي أوقف الهجوم التركي على “قسد”، في 22 من تشرين الأول 2019.
لكن روسيا لم تكتفِ بدورياتها مع تركيا، وعملت على إنشاء نقاط عسكرية جديدة لها في قريتي أم الكيف وعبوش بريف بلدة تل تمر شمال الحسكة، بالإضافة إلى نقطتين في بلدة أبو راسين شمال شرقي الحسكة، حيث عملت روسيا في تلك القرى على رفع علمها فوق أربع نقاط تعود لقوات النظام السوري
ومن ضمن عمليات التوسع التي تسعى لها روسيا، كشفت وكالة “الأناضول” التركية، عن إفشال التحالف الدولي مخططًا روسيًا لإنشاء مجموعات مسلحة من عناصر محلية تابعة لها في منطقتي عامودا وتل تمر بريف الحسكة.
وفق المخطط، فإن المرحلة الأولى كانت تتضمن تجنيد 400 شاب، حيث كان سيتولى مسلحون من “وحدات حماية الشعب” (الكردية) تدريبهم على مختلف أنواع الأسلحة بإشراف روسي.
لكن التحالف الدولي، وفق الوكالة، تدخّل لإفشال المخطط بعد إطلاقه، وقام ضباط أمريكيون بزيارات متكررة لتل تمر، لثني سكانها عن إرسال أبنائهم للنقاط الروسية، كما قال الضباط إن روسيا تريد تحويل الشباب لمرتزقة يقاتلون لحسابها في ليبيا.
اقرأ أيضًا: عودة أمريكية في شرق الفرات.. رسائل لروسيا وتهديد لتنظيم “الدولة”
–