حمص – عروة المنذر
تصدر أوامر تسريح متباعدة عن قيادة الجيش في سوريا للعسكريين المحتفظ بهم أو الذين سيقوا لخدمة الاحتياط، بينما لم تصدر أي قرارات تحدد فترة الاحتفاظ أو الاحتياط إلى الآن، ما يترك العسكريين في حالة من عدم اليقين حول متى تنتهي خدمتهم.
أحدث هذه القرارات سرى تنفيذه في 7 من نيسان الحالي، وأنهت فيه القيادة العامة احتفاظ واستدعاء ضباط الاحتياط والمحتفظ بهم والملتحقين من الاحتياط المدني، حسب شروط تحددها مدة الخدمة.
القرار هو تنفيذ لأمرين إداريين، صدرا في 29 من آذار الماضي، ينهيان الاحتفاظ والاستدعاء للضباط الاحتياطيين ممن أتموا ثلاث سنوات فأكثر من الخدمة الاحتياطية الفعلية حتى تاريخ 1 من نيسان الحالي.
ويضاف إليهم صف الضباط والأفراد الاحتياطيون المحتفظ بهم، والملتحقون بالخدمة الاحتياطية، قبل تاريخ 1 من كانون الثاني 2013، ممن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية سبع سنوات فأكثر حتى تاريخ 1 من نيسان الحالي، ليكون مجموع الخدمة ثماني سنوات ونصف على الأقل.
وتكون جميع أوامر التسريح نافذة بتاريخها، ولا تشمل من يحقق شروطها بعد انتهاء تاريخ التعميم، حتى لو كان الفارق بسيطًا بين تاريخ تنفيذ القرار وتاريخ انتهاء خدمة بعض المجندين.
خالد، وهو رقيب مجند من حمص، عانى من ذلك، وقال لعنب بلدي، “عندما صدر قرار إنهاء الاحتفاظ الأخير لم أكن محققًا للشروط، وكان الفارق بسيطًا لا يتجاوز 36 يومًا، وبعد أن أنهي خدمتي لن يسرحوني، وسأكون مجبرًا على انتظار قرار جديد آمل حينها أن يشملني”.
وتابع متحسرًا، “لا أحد يهتم لأمرنا، ولا يهتمون إن شملنا القرار أم لا، وذنبنا في ذلك أننا بقينا في الخدمة. منعتني الظروف من الهروب من الالتحاق وهي ليست متشابهة لدى الجميع”.
أعداد محددة
جاء قرار إنهاء الاحتفاظ بعد مضي أكثر من عام على صدور آخر قرار تسريح، وتزامن هذا العام مع عملية “درع الربيع” التي نفذها “الجيش الوطني السوري” المعارض في الشمال السوري بدعم تركي، إضافة إلى المعارك التي دارت على امتداد طريق دمشق- حلب (M5).
وتكون قرارات إنهاء الاحتفاظ مدروسة بالنسبة لأعداد من يشملهم التسريح بشكل دقيق، بحيث لا تؤثر على قدرات الجيش العسكرية.
مهند، مساعد متطوع، يخدم في قيادة المنطقة الوسطى في حمص، قال لعنب بلدي، “وجهت المخابرات كتابًا لكل القطعات بإحصاء كل من يمكن الاستغناء عنهم، وخصت المجندين على جبهات القتال في ريفي إدلب وحلب”.
وأضاف أن “التعميم هو الأول من نوعه، فالتسريح من اختصاص إدارة الموارد البشرية والسجلات العسكرية، لكن اليوم المخابرات هي من تصدر كل القرارات في الجيش دون استثناء، وتعطي التوجيهات لمديري الإدارات وقادة الفيالق والفرق”.
وهو ما يتقاطع مع ما قاله مدير وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات“، نوار شعبان، لعنب بلدي، الذي أوضح أن القرار الأخير لن يؤثر على الخطة الدفاعية أو الهجومية لقوات النظام، لأن القوات التي كان النظام يستقدمها لا تملك خبرة قتالية، وهي عبارة عن زيادة عدد تُستخدم لسد الفراغ في جبهات معينة، أو لدفع هذه القوات لتكون رأس حربة في الهجوم، ما أدى إلى ارتفاع نسبة قتلى النظام في المعارك الأخيرة.
وأكد القيادي في فصائل المعارضة النقيب عبد الفتاح عبد الرزاق، في حديث إلى عنب بلدي، أن الخطوات التي اتخذها النظام بالنسبة لقرارات التجنيد الأخيرة غير مؤثرة بشكل كبير على قدراته العسكرية.
إذ شمل القرار تسريح دورات قديمة استُنزفت خلال سنوات الحرب، وأغلبهم (المسرحون) من الخدمات الثابتة وليسوا ميدانيين كونهم تعرضوا لإصابات حرب.
خدمة مفقودة
اضطر بعض المجندين ممن انشقوا عن النظام إلى العودة لاحقًا لتسوية أوضاعهم، خاصة مع تقدم قوات النظام وسيطرتها على مساحات إضافية، منذ التدخل الروسي في أيلول 2015، وفرض نظام التسويات والمصالحات بعد ذلك.
وذلك ما حصل مع عمر، مجند من الرستن، الذي انشق عام 2013، بعد خروج منطقته عن سيطرة قوات النظام السوري.
إلا أن المجند اضطر إلى العودة بعد اتفاق المصالحة في أيار 2018، بحسب ما ذكره لعنب بلدي، قائلًا إنه أجرى تسوية بعد صدور قرار العفو وعاد إلى الخدمة في الجيش.
ولا تُحتسب فترة الفرار من الخدمة ضمن المدة الفعلية، وأضاف عمر، “ما زلت في الخدمة بعد صدور قرار تسريحي، ولم أتسرح لأنهم اعتبروا المدة التي كنت فيها خارج الجيش خدمة مفقودة”.
وتابع، “يضحكون علينا، ولا نستطيع أن نفعل شيئًا لأنه ليست بيدنا حيلة، ولكن لن نسامح من أجبرنا على العودة إلى الجيش بعد أن تركنا”، في إشارة إلى الضمانات التي تلقاها شباب منطقته عند اتفاق المصالحة برعاية روسية.
ولا تفصح وزارة الدفاع السورية عن عدد المجندين في الجيش وتفاصيل المحتفظ بهم والذين يخدمون في الاحتياط، لكن مواقع عالمية من بينها “Global Fire Power” تقدر عددهم بـ142 ألفًا.