على طريق المحاسبة..
تقارير دولية توثق انتهاكات النظام السوري
عنب بلدي – علي درويش
وثق تقريران دوليان، أحدهما صادر عن منظمة الأمم المتحدة والثاني عن منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، انتهاكات النظام السوري محملين إياه المسؤولية عن قصف مشافٍ وهجمات كيماوية في مناطق سيطرة المعارضة.
أصدر مجلس تحقيق تابع للأمم المتحدة، في 7 من نيسان الحالي، تقريرًا موجهًا إلى مجلس الأمن، وثق فيه سبع هجمات على مرافق صحية وخدمية في منطقة “خفض التصعيد” شمالي سوريا، مرجحًا أن يكون النظام السوري مسؤولًا عن خمس منها، دون الجزم بذلك.
وفي اليوم التالي حمّلت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” في تقريرها النظام السوري المسؤولية عن ثلاث هجمات كيماوية استهدفت مدينة اللطامنة بريف حماه الشمالي في 24 و25 و30 من آذار 2017.
وأكدت المنظمة أن جميع الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيماوية، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اطلعوا على التقرير الأول لفريق التحقيق.
هل من فائدة لهذه التقارير؟
صدرت سابقًا عدة تقارير دولية حمّلت النظام السوري مسؤولية الهجمات الكيماوية ضد مناطق المعارضة السورية، إلا أنها بقيت دون رد فعل من قبل المجتمع الدولي، لأن التقارير التي تصدر عن لجان وهيئات التحقيق الدولية والأممية عمومًا لا تمثل محاكمة قضائية ما لم تخولها ولايتها ذلك صراحة، أي إنها ليست حكمًا قضائيًا، ولكنها تحمل قيمة قانونية مهمة لعدة أسباب، بحسب ما قاله الصحفي والحقوقي السوري منصور العمري، لعنب بلدي.
وأضاف العمري أنه في حالة تقرير منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” وبناء على تقريرها الأخير، قد يجتمع مجلس المنظمة ويتفق على اتخاذ إجراءات، من بينها تعليق أو تقييد حقوق سوريا في المنظمة، أو يوصي باتخاذ تدابير جماعية وفقًا للقانون الدولي، أو يعرض التقرير على الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن.
أما بالنسبة لردود الفعل الدولية، فقد تتخذ دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا إجراءات فردية، كفرض عقوبات على الوحدات والأشخاص الضالعين في هذه الهجمات، ويمكن أن تبحث المنظمات الحقوقية السورية في إمكانية رفع دعاوى قضائية أيضًا حسب المتاح.
وهو ما تؤكده إحاطة مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، حول تقرير الأسلحة الكيماوية، إذ قال أحد المسؤولين، إنه وفق العادة عند ظهور مثل هذه التقارير يجب اللجوء إلى مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مثلما حصل مع البرنامج النووي الإيراني، بحسب ما نقله موقع الخارجية.
لكن هذه الآلية الآن ليست متاحة، بحسب المسؤول الأمريكي، بسبب روسيا، المدعومة من الصين، التي تعوق أي محاولة لإدانة النظام السوري.
وأكد المسؤول الأمريكي أن الإجراءات التي يمكن اتخاذها هي دعم العملية السياسية والقرار الأممي 2254، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية تحت إشراف الأمم المتحدة.
إلى جانب إجراءات اقتصادية، عبر فرض عقوبات وفق قانون “قيصر”، من أجل معاقبة النظام وزيادة عزلته، ومنع أي مساعدة في إعادة الإعمار.
وتشكل هذه التقارير مصادر مهمة للمحاكمات المستقبلية في حال تحويل ملف سوريا إلى مجلس الأمن، أو إنشاء محكمة خاصة بسوريا، أو في سوريا نفسها إن سقط نظام الأسد وأصبح القضاء السوري مستقلاً وكفئًا، حسب العمري.
وقال المحامي أنور البني، في حديث سابق لعنب بلدي، إن التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية تعتبر إدانة سياسية، ومحاولة لدفع أصحاب القرار السياسي المؤثر للقيام بأفعال من شأنها وقف هذه الجرائم، وهي نقطة إيجابية.
ويرى البني أن الإدانة السياسية للنظام مهمة، لكي “يوقف العالم أي محاولة لإعادة تأهيله أو التعامل معه، باعتباره مدانًا سياسيًا وأخلاقيًا أمام كل العالم”.
منظمة “حظر الأسلحة” ليست قضائية
أكدت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” أنها ليست هيئة قضائية أو شبه قضائية مخولة بسلطة تحديد المسؤولية الجنائية الفردية، ولا تملك سلطة إصدار نتائج نهائية بشأن عدم الامتثال للاتفاقية، وعمل لجنة التحقيق يماثل عمل الهيئات الدولية لتقصي الحقائق أو لجان التحقيق، فهي هيئة منفذة لاتفاقية الأسحلة الكيماوية.
وأضافت المنظمة أن الأمر الآن يعود إلى المجلس التنفيذي ومؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيماوية والأمين العام للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل، لاتخاذ أي إجراءات أخرى يرونها مناسبة وضرورية.
وتشرف المنظمة مع الدول الأعضاء (193 دولة) على عمليات القضاء على الأسلحة الكيماوية منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ عام 1997، ودُمر أكثر من 97% من مخزون الأسلحة الكيماوية التي أعلنتها الدول الحائزة بموجب التحقق من منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، وحصلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على جائزة نوبل للسلام لعام 2013.
لا وقف فعلي للمجازر
اكتفت الدول الغربية بفرض عقوبات اقتصادية على النظام، أو توجيه ضربات لم توقف النظام عن الاستمرار بالقصف، كما فعلت الولايات المتحدة عندما قصفت مطار الشعيرات بريف حمص بـ59 صاروخ “توماهوك” ردًا على القصف الكيماوي لخان شيخون بريف إدلب الجنوبي في نيسان 2017.
وشهدت الأراضي السورية 336 هجومًا كيماويًا، كان النظام مسؤولًا عن 98% منها، وشارك تنظيم “الدولة الإسلامية” بـ2% منها، حسب مؤسسة “غلوبال بوبليك بولسي” الألمانية، بينما سجل تقرير لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا التابعة لمجلس الأمن 37 هجومًا كيماويًا.
ووثق “الدفاع المدني السوري” استهداف النظام وروسيا مناطق سيطرة المعارضة بـ15 ألفًا و642 غارة جوية، و541 هجومًا بالقنابل العنقودية المحرمة دوليًا، وأكثر من خمسة آلاف و982 برميلًا متفجرًا ألقتها الطائرات المروحية، منذ 26 من نيسان 2019 حتى 6 من آذار الماضي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :