تدور قصة فيلم “عزيزة”، للمخرجة السورية سؤدد كنعان حول زوج يحاول تعليم زوجته قيادة السيارة في العاصمة اللبنانية بيروت.
اسم الفيلم هو نفسه اسم السيارة القديمة، هذا اللقب الذي أطلقه عليها الزوج “منذ أكثر من ألف عام”، هذا ما يقوله في أحد المشاهد، في قصة بسيطة للغاية في ظاهرها، وتحمل دلالات عدة في عمقها.
يخاف الزوج على عزيزة كخوفه على نفسه، إذ تمثل الأثر الوحيد المتبقي من حياته الماضية بعدما قصف بيته، وهاجر الأصدقاء، إلى الصين وإسبانيا وألمانيا واليونان وباكستان وغيرها، بلاد يعددها الزوج بسخرية ممزوجة بالألم.
التعلق بعزيزة هو تعلق بالبلد، بسوريا نفسها.
ساحة المرجة في العاصمة دمشق حاضرة بصورة على زجاج السيارة الأمامي، زجاج مكسور معلق كزينة.
وتظهر لقطات من داخل “عزيزة” التشوه الذي شاب البطلين، وسرعان ما تتوالى المشاهد حتى يظهر هذا التعلق والحنين على لسان بطلي الفيلم، لتنتقل المخرجة إلى حديث آخر تمامًا.
يعالج الفيلم صعوبات معيشة السوريين في لبنان، دون الغوص في مشاكلهم التي تحدث عنها الإعلام طويلًا، بل ينتقل ليحكي عن مشاعر يعيشها الزوج وزوجته هناك، ومدى رغبتهما بالعودة المستحيلة إلى سوريا وأسبابها المعروفة للجميع، ليصبح “التمثيل” حلًا مؤقتًا يمارسه السوري يوميًا.
حكت سؤدد فيلمها بطريقة بسيطة، لا مبالغة في اللقطات وحركة الكاميرا، سردت المخرجة القصة ببساطة تناسبها، ويظهر ذلك في جميع العناصر الفنية، في المونتاج وأداء الممثلين وألوان الفيلم.
يندرج العمل تحت الأفلام الشاعرية، ويستطيع آلاف السوريين في بلاد اللجوء المختلفة أن يشعروا بأنهم مكان بطلي الفيلم، فالحالة واحدة وإن اختلفت اللغات والجنسيات.
في إحدى المشاهد، توجد ثلاث رموز مختلفة تشرح الحالة ببساطة، على اليمين زجاج مكسور وفي المنتصف صورة ساحة المرجة، وعلى اليسار عبارة كتبت على الجدار “أخرجوا السوريين”، والعبارة الأخيرة تلخص كل شيء، وربما يخرج السوريين في ظروفهم الحالية إلى ذكرياتهم ليجدوا فيها متنفسًا يعينهم على تمضية ما تبقى لهم من الأيام في لبنان أو غيره.
الفيلم من بطولة كاريس بشار وعبد المنعم عمايري، ومن تأليف وإخراج سؤدد كنعان وإنتاج “كاف للإنتاج الفني” بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.