المصافحة والهروب.. في ذكرى لقاء الأسد والرئيس الإسرائيلي
توفي البابا يوحنا بولس الثاني في عام 2005، وأُقيمت مراسم الجنازة التي حضرها رؤساء دول وملوك وأمراء، بينهم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والرئيس الإسرائيلي في ذلك الوقت، موشيه كاتساف، في 8 من نيسان.
مرت الجنازة بشكل طبيعي، إلا أن مصافحة جمعت بين الأسد وكاتساف أثارت الجدل، لتسارع مصادر سورية تحدثت لوسائل إعلام عربية لنفي أن تكون هذه المصافحة “مقدمة لاستكمال عملية السلام”.
ما قبل المصافحة
قبل عام واحد من المصافحة التي جمعت بين الطرفين، وجه كاتساف دعوة للأسد لزيارة إسرائيل في كانون الثاني 2004 عبر الإذاعة الإسرائيلية العامة.
وقال كاتساف، “أدعو الأسد لزيارة القدس والتفاوض بجدية مع المسؤولين الإسرائيليين، سيكون موضع ترحيب ولكن دون شروط مسبقة”.
تصريحات الرئيس الإسرائيلي جاءت بعد فترة قصيرة من اتهام النظام السوري بدعم “حزب الله” اللبناني، ورغم ذلك رحب برلمانيون إسرائيليون بتصريحات رئيسهم.
دعوة رفضت الخارجية الإسرائيلية حينها التعليق عليها، رغم تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أرئيل شارون، حول استعداده التفاوض مع دمشق حال توقفها عن دعم “حزب الله”، ورفضتها بثينة شعبان، وزيرة المغتربين في ذلك الوقت والمستشارة الإعلامية للأسد حاليًا.
ونقلت وكالة “شينخوا” الصينية عن شعبان قولها، إن الدعوة “دون جوهر ولا شك أن الأسد سيرفضها”.
على عكس تصريحات شعبان، قالت وكالة “مهر” الإيرانية، في 17 من كانون الثاني 2004، نقلًا عن صحيفة “السياسة” الكويتية، إن الأسد “يدرس تلبية الدعوة”.
كيف حصلت المصافحة؟
في أثناء الزحام، اقترب كاتساف من الأسد مادًا يده ولم يرفضها الأخير، بحسب ما تداولته وسائل إعلام عربية وأجنبية، وبعد تصريحات كاتساف نفسه لوسائل إعلام إسرائيلية عقب عودته.
وقال كاتساف إنه صافح الأسد، ومحمد خاتمي، الرئيس لإيراني في ذلك الوقت، وتبادل مع الأخير عدة كلمات باللغة الفارسية (تعود أصول كاتساف إلى إيران).
أثارت تصريحات كاتساف عاصفة من الجدل دفعت دمشق إلى الاعتراف بالحادثة والتقليل منها، معتبرة أنها جاءت “في حالة عرضية وليس لها أي مغزى سياسي”، على عكس طهران التي نفت الحادثة بشدة.
في حين نقل موقع “البوابة” عن صحيفة “معاريف” الإسرائيلية قولها، إن الأسد كان جالسًا خلف كاتساف وتبادلا الابتسامات وتصافحا، مؤكدة نقلًا عن الأخير أن الأسد تقدم لمصافحته ثانية بعد انتهاء مراسم الجنازة.
في حين اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي، سيلفان شالوم، أن المصافحة “ربما تنبئ برغبة بالتغيير”، بحسب ما نقلته صحيفة “القبس” الكويتية، في 10 من نيسان 2005.
ومن المفترض أن هذه المصافحة كانت أول لقاء مباشر يجمع بين الأسد ومسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، رغم اللقاءات التي عُقدت في أثناء مباحثات السلام بين مسؤولين من الطرفين نهاية تسعينيات القرن العشرين، والتي لم تفضِ إلى نتيجة.
من كاتساف إلى أولمرت.. “هروب الأسد”
بعد ثلاث سنوات من الحادثة، زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، العاصمة السورية دمشق، والتقى الأسد وأكد وساطة بلاده للسلام بين سوريا وإسرائيل.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، في 27 من نيسان 2008، عن أردوغان قوله، إن سوريا وإسرائيل طلبتا من تركيا بذل جهودها.
بعد شهرين، تلقى بشار الأسد دعوة من الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لزيارة “قصر الإليزيه”، في أثناء احتفالات ذكرى “الثورة الفرنسية”، إلى جانب عشرات من زعماء العالم.
لبى الأسد الدعوة، التي جاءت لتؤكد انتهاء الخلافات السورية- الأوروبية على خلفية اغتيال الحريري والانسحاب السوري من لبنان عام 2005، وحرب تموز بين حزب الله وإسرائيل في 2006.
جمعت الصورة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إيهود أولمرت، والأسد، وكان الأول قريبًا للغاية من الأخير، ولم يتصافحا إذ إن الأسد ابتعد، دون أن يكون واضحًا إن كان يتجنب الاقتراب من أولمرت أم أنه لم يره من الأساس.
نال المقطع المصور ضجة كبيرة، واعتبر معارضو الأسد وقتها أنه تحاشى مصافحة أولمرت حتى لا يتكرر جدل مصافحة كاتساف، في حين اعتبر مؤيدوه أنه رفض مصافحته.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :