تشهد “هيئة تحرير الشام” تطورات داخل بيتها الداخلي، تجسدت بخروج أبرز قيادييها المتشددين، في ظل تصاعد الحديث عن محاولة تغيير اللهجة والمسار لمجاراة الواقع العسكري والسياسي الحالي الجديد في المنطقة.
وشهدت السنوات الماضية صراعًا بين تيارات “تحرير الشام” المعتدلة والمتشددة، وخاصة فيما يتعلق بالموافقة على الاتفاقات التركية- الروسية حول مصير إدلب وريفها.
وأبرز القادة الحاليين في “هيئة تحرير الشام”، أبو الفتح الفرغلي وأبو ماريا القحطاني وعبد الرحمن عطون، بينما أعلن، منذ قرابة العام، العديد من القادة المحسوبين على التيار المتشدد انشقاقهم عن “الهيئة”، وهم:
أبو اليقظان المصري
يعتبر المصري أحد القياديين البارزين السابقين في حزب “النور السلفي” في مصر، قبل القدوم إلى سوريا مطلع 2013، والعمل شرعيًا ضمن صفوف حركة “أحرار الشام الإسلامية”.
وبعد ثلاث سنوات من العمل ضمن صفوف “أحرار الشام” في لواء “مجاهدو أشداء” انشق المصري عن الحركة في أيلول 2016، وانضم اللواء عقب انشقاقه إلى جبهة “فتح الشام” بالكامل (جبهة النصرة سابقًا)، وكان يعمل في حلب.
وكان “أبو اليقظان” أحد أبرز شرعيي الجناح العسكري في “تحرير الشام”، وأفتى بجواز قتل جنود حركة “أحرار الشام”، رميًا بالرصاص، خلال الاقتتال مع الهيئة.
واستقال المصري في شباط 2019، بعد عدة جلسات معه من أجل ضرورة التزامه إعلاميًا بالضوابط التي تقدّرها “الجماعة” عبر قيادتها ومجلسها الشرعي.
وعلى خلفية رفض “أبو اليقظان” ما دار في الجلسات، قدّم رئيس المجلس الشرعي ادعاء بحقه، وحصلت جلسة تقاضٍ انتهت بإدانته بالمخالفة وإنذاره، فقدم استقالته.
أبو مالك التلي
هو جمال زينية الملقب بـ”أبو مالك التلي”، كان معتقلًا في سجون النظام السوري، وخرج في بداية الثورة السورية، ليلتحق بركب المقاتلين في منطقة القلمون.
وعقب تشكيل “جبهة النصرة” في الشام، شغل أبو مالك أميرها في القلمون الغربي، وكان مسؤولًا عن خطف راهبات معلولا وجنود لبنانيين، وأفرج عنهم لاحقًا مقابل صفقات مالية كبيرة.
وبعد معارك عرسال في القلمون، والتوصل إلى اتفاق مع “حزب الله” اللبناني بالانتقال إلى إدلب في آب 2017، أصبح عضو مجلس الشورى لـ”الهيئة”.
ويحسب القيادي على التيار المتشدد في “تحرير الشام”، والرافض للاتفاق التركي- الروسي، إلى جانب القياديين “أبو الفتح الفرغلي” و”أبو اليقظان المصري” قبل استقالته.
وكان مجهولون قتلوا ابنه عروة البالغ من العمر 15 عامًا في بلدة حزانو شمالي إدلب في 2017، دون معرفة الأسباب والجهة التي تقف وراء ذلك.
وبعد استقالة المصري، في شباط 2019، قال التلي “بعد أيام عصيبات مرت علي وأنا أعيش في صراع، لا أعلم ما هو الخير لي في مسألة خروجي من هيئة تحرير الشام أو بقائي فيها (…) قد يسر الله لي إخوة أعانوني على حسم أمري ببقائي ضمن هيئة تحرير الشام، والتزامي بالثغر الذي يُوَكل إلي”.
لكن التلي أعلن اليوم، الأربعاء 8 من نيسان، مفارقته للهيئة بسبب جهله وعدم علمه ببعض سياسات الجماعة أو عدم قناعته بها، و”هذا أمر فطري فقد جُبل الإنسان على حب المعرفة”، بحسب تعبيره.
وتساءل التلي عن كيفية الصبر على الرغم من عدم إحاطته بباطن الأمر وظاهره، وغير علمه بالمقصود بالأمور ومآلاتها.
طلحة الميسر “أبو شعيب المصري”
فصلته “تحرير الشام”، في تموز 2019، بعد خمسة أشهر من استقالة الشرعي البارز فيها “أبو اليقظان المصري”.
ونشرت “تحرير الشام” بيانًا داخليًا، حينها، جاء فيه أن فصل “أبو شعيب المصري” جاء بسبب عدم التزامه المتكرر بسياسة الجماعة.
وأشار البيان إلى أنه “بعد رفع الأمر إلى اللجنة المكلفة من قبل لجنة المتابعة والإشراف العليا في قرارات الفصيل، أُقر فصل طلحة الميسر من صفوف هيئة تحرير الشام، وإحالة ما يتعلق بكلامه عن الجماعة إلى القضاء المختص”.
وكان الميسر أُصيب، مؤخرًا، في أثناء مشاركته بالمعارك الدائرة ضد قوات الأسد في ريف حماة الشمالي.
أبو العبد أشداء
يعتبر “أبو العبد أشداء” من القياديين البارزين الذين كانوا في صفوف “تحرير الشام”، وانضم إليها بعد انشقاقه عن “أحرار الشام” نهاية عام 2016، مع أكثر من 100 مقاتل في كتيبته “مجاهدو أشداء”، أغلبيتهم من حلب.
وتولى قيادة الكتلة العسكرية لحلب المدينة، ثم أصبح قائدًا إداريًا لـ”جيش عمر بن الخطاب” (تشكيل يضم قوات خاصة من “تحرير الشام”).
وشارك في معظم المعارك التي خاضتها “الهيئة” سواء ضد قوات النظام في حلب وإدلب أو ضد فصائل “الجيش الحر”.
ونشر تسجيلًا مصورًا، في 10 من أيلول 2019، انتقد فيه “تحرير الشام” واتهمها بالفساد المالي والإداري المتعلق بالمقاتلين والجسم العسكري، وأضاف أن مقاتلي “تحرير الشام” من أفقر المقاتلين في المنطقة، وهناك إداريون تصل رواتبهم إلى أكثر من 250 دولارًا شهريًا.
ودفع ذلك “الهيئة” إلى فصله وإحالته إلى القضاء العسكري واعتقاله، قبل إطلاق سراحه في 30 من كانون الثاني الماضي.
المحيسني والعلياني
وإلى جانب القياديين العسكريين، أعلن كل من الشرعيين السعوديين في “هيئة تحرير الشام”، القاضي عبد الله المحيسني، والداعية مصلح العلياني، استقالتهما من “الهيئة” في أيلول 2019.
وجاءت الاستقالة، حينها، بعد تسريب صوتي انتشر للقائد العسكري العام لـ”تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، مع قائد قطاع إدلب، أبو الوليد (يعرف أيضًا بـ”أبو حمزة بنش”)، وصفا فيه الشرعيين بـ“المرقعين”.
وينحدر المحيسني من منطقة القصيم في السعودية، وعمل في الحقل الدعوي كمستقل ومقرب من الفصائل الجهادية في سوريا منذ مطلع عام 2014.
وتسلّم في وقت سابق قضاء “جيش الفتح”، قبل أن يصبح عضوًا في اللجنة الشرعية لـ”هيئة تحرير الشام”.
أما العلياني الملقب بـ“أبو خالد الجزراوي”، فعمل في وقت سابق شرعيًا لـ“جبهة النصرة”، وهو عضو سابق في “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وإمام مسجد في الرياض سابقًا.
–