منصور العمري
تحتفي الأمم المتحدة في 5 من نيسان/ أبريل من كل عام بـ”اليوم الدولي للضمير” في إطار مساعيها لتهيئة ظروف الاستقرار والرفاه، وإقامة علاقات سلمية وودية على أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعًا، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
تدعو الأمم المتحدة في هذا اليوم الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية، والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بما فيه المنظمات غير الحكومية والأفراد، إلى بناء ثقافة السلام بمحبة وضمير وفقًا للثقافة السائدة وغيرها من الظروف أو الأعراف في مجتمعاتها المحلية والوطنية والإقليمية، بعدة طرق منها إتاحة التعليم الجيد وتنفيذ أنشطة التوعية العامة، بما يعزز التنمية المستدامة.
كما تقول الأمم المتحدة في صفحة اليوم العالمي للضمير في موقعها الإلكتروني، إن اهتمامها ينصب على إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب، ما يدعو إلى التحول نحو ثقافة للسلام تتشكل من قيم واتجاهات وتصرفات تعبر عن التفاعل والتكافل الاجتماعيين وتستوحيهما على أساس من مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية وجميع حقوق الإنسان والتسامح والتضامن ونبذ العنف، كما تسعى إلى منع نشوب المنازعات عن طريق معالجة أسبابها الجذرية، وحل المشاكل بالحوار والتفاوض، وتضمن لهذه الأجيال الممارسة الكاملة لجميع الحقوق، وسبل المشاركة التامة في عملية التنمية لمجتمعاتها.
تجسد ثقافة السلام مجموعة من القيم والمواقف والتقاليد والعادات وأنماط السلوك وأساليب الحياة، وتشكل في مجموعها تعبيرًا وطموحًا إلى احترام الحياة واحترام البشر وحقوقهم، ورفض العنف بكل أشكاله، والاعتراف بالحقوق المتساوية للرجل والمرأة، والاعتراف بحق كل فرد في حرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات، والتمسك بمبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة والتنمية للجميع، والتسامح والتضامن والتعددية وقبول الاختلافات، والتفاهم بين الأمم وبين الفئات العرقية والدينية والثقافية وغيرها من الفئات وبين الأفراد.
بالمقابل، يمثل نظام الأسد نقيضًا لكل ما تجسده ثقافة الضمير والسلام التي تدعو إليها الأمم المتحدة، فهذا النظام قمع حريات وحقوق السوريين، ولم يحترم حياتهم، بل قتلهم بمختلف أنواع الأسلحة والأساليب، من القتل تحت التعذيب، والقصف العشوائي، والحصار، واستهداف المدنيين والأعيان المدنية. حضّ نظام الأسد في مناهجه التدريسية ومؤسساته على ثقافة العنف وعداء الآخر وتصوير الأمم الأخرى أعداء للسوريين. لم يتبع نظام الأسد في حكمه للسوريين أيًا من معايير الديمقراطية أو الحرية أو العدالة، ونشر العداء بين طوائف المجتمع السوري، وحرض بعضهم على بعض، وميّز بين مواطنيه على أساس الدين والطائفة والعرق والجنس، كما قمع حرية التعبير إلى أقصى حد، وأحكم سيطرته على الإعلام والعمل المدني، وحوّل النقابات إلى مؤسسات تابعة لمخابراته، ونشر وعزز نظام الأسد الفساد وعدم المساواة في جميع مؤسسات الدولة.
تشرح الأمم المتحدة أن بناء ثقافة السلام تتطلب عملًا تربويًا وتثقيفيًا واجتماعيًا ومدنيًا شاملًا، يتاح من خلاله لكل شخص أن يتعلم ويعطي ويشارك. كما أن هذه العملية تهدف إلى جعل ثقافة السلام لا تنفصل عن الثقافة العامة بذاتها، مع ترسيخها في أفئدة الناس وعقولهم، أي إنها تعتمد على احترام الحريات وعمل المجتمع المدني وتعزيز المشاركة الشعبية في الحوكمة. لكن نظام الأسد، الذي يحكم سوريا بقبضة من حديد، يقمع العمل المدني المستقل، ويحارب أي مبادرات فردية أو جماعية خارجة عن سيطرته ورغباته، ويعادي أغلب دول وشعوب العالم ويحض السوريين على معاداتهم، في سبيل تعزيز نظرية التهديد الخارجي ضد السوريين، وأنه حامي السوريين من هذه التهديدات، في إطار جهوده للسيطرة على الشعب ونهب ثرواته. هذا النظام أكبر أعداء السلام وإحدى المشاكل الجذرية التي يجب التخلص منها في سوريا، ليستطيع السوريون بناء بلد وشعب يستطيع العيش بسلام وكرامة، ويحترم الحياة وحقوق الناس.