ريف إدلب – إياد أبو الجود
يتشبث مزارعو سهل الغاب في ريف حماة الغربي بأراضيهم، متحدين كل الظروف والصعوبات التي يواجهونها، خاصة بعد زيادة أعداد النازحين عن المنطقة، وانخفاض درجات الحرارة هذا الشتاء.
شهدت قرى وبلدات السهل نزوحًا متكررًا للسكان العام الماضي، مع تقدم النظام إلى بلدة قلعة المضيق والسيطرة عليها، في 9 من أيار عام 2019، ومحاولاته التقدم إلى قرى السهل الشمالية.
وأدى ذلك إلى تراجع المهنتين الأكثر اعتمادًا من السكان، وهما الزراعة ورعي المواشي، كون المنطقة سهلية، لكن بعض المزارعين ما زالوا يقاومون.
“الأرض مصدر الكرامة.. والرزق”
أحمد التايه، مزارع من أبناء سهل الغاب، تحدث لعنب بلدي، عن أسباب تشبثه بأرضه وعدم مفارقته لها من الناحيتين المعنوية والمادية.
“الأرض هي مصدر للكرامة، وورثناها عن آبائنا وهم ورثوها عن أجدادنا”، بهذه العبارات وصف أحمد العلاقة التي تربطه بأرضه، “فعندما يشعر بضيق في النفس يذهب إلى أرضه كي يرتاح، وهو على استعداد للتفريط بكل شيء دونها”.
وبعيدًا عن العاطفة، فإن انعدام فرص العمل، والأراضي التي يمكن أن يزرعها في أماكن النزوح، يجعل قرار ترك الأرض أشبه بالمستحيل.
ما الذي جعل الزراعة أصعب في السهل؟
مصعب الأشقر، ناشط إعلامي في سهل الغاب، تحدث لعنب بلدي عن حال الزراعة والمزارعين في المنطقة، وربط بينها وبين تراجع مهنة تربية المواشي.
كما أصبحت الزراعة في سهل الغاب مكلفة جدًا نظرًا لتوقف عمل السدود ومحطات ضخ المياه، الأمر الذي دفع بالمزارعين للاعتماد على الآبار الارتوازية ذات التكلفة المرتفعة، إضافة لارتفاع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية والحراثة، بحسب مصعب.
وما تبقى من مزارعين في سهل الغاب موجودون في القسم الشمالي منه، وفق مصعب، وزراعتهم مصيرها مجهول في موسم الحصاد، نظرًا لقرب المسافات مع قوات النظام، الأمر الذي يُسهل استهداف المزارعين.
وفي حال عدم جني المحاصيل، سيؤدي ذلك لارتفاع نسب الفقر في المنطقة، وارتفاع أسعار المحاصيل، كالقمح والشعير والخضراوات وغيرها، إضافة إلى أسعار حليب الأبقار والأغنام ومشتقاتها.
تحدث المزارع أحمد التايه لعنب بلدي عن الصعوبات التي تعترض طريقه في أرضه، وعلى رأسها عدم توفر البيئة الآمنة للزراعة، إذ لا يستطيع استخدام الجرارات أو الحصادة بسهولة، وذلك بسبب رصدها من قبل قوات النظام، واستهدافها في بعض الأحيان.
مقارنات
سابقًا كانت البيئة المحيطة بالسهل أكثر أمانًا، مع توفر المواد الزراعية والمحروقات وانخفاض تكلفتها، فوفق المزارع أحمد، كان سعر ليتر المازوت 300 ليرة سورية، أما اليوم فيكلف 800 ليرة، وكذلك كان سعر صرف الدولار الأمريكي 500 ليرة، وأصبح سعره الآن ألفًا و250 ليرة، ما ترتب عليه غلاء في الأسواق.
وانخفضت أرباح أحمد للنصف تقريبًا، إذ كان دونم القمح الواحد يعود عليه بنحو 75 ألف ليرة سورية، أما اليوم “فلا يسد تكلفته”.
أيضًا دونم الخيار كان يعود عليه بنحو 450 ألف ليرة، أما في هذه الأيام فيعود بنحو 200 ألف ليرة فقط.
دعم معدوم وإنتاج لا يكفي المستهلك.. أين المجلس المحلي؟
عضو مجلس زيزون المحلي عبد الحسيب التايه، أكد لعنب بلدي ضرورة إصلاح الطرقات والقنوات المائية، وتأمين دعم زراعي (أسمدة، بذور، محروقات، مبيدات حشرية، أنابيب بلاستيكية)، وتأمين أسواق لتصريف المنتجات، كسبل لحل أزمات الفلاحين.
إذ لا تتجاوز المساحة المزروعة من الأراضي نصف ما كان يزرع في الأعوام السابقة، بحسب المزارع أحمد التايه، لذا لن يكون إنتاج الأراضي هذه السنة كافيًا للمستهلكين في المنطقة.
كما تأخر المزارعون بوضع بذارهم في الأرض نتيجة للعوامل الجوية السيئة، والصراعات التي كانت في المنطقة مؤخرًا، ما يعني عدم التعويل على الموسم.
ورغم قلة إمكانياته، مدّ مياه الري من سد قسطون لضخها في الأنابيب، وفق أحمد، إذ “لا يوجد أي دعم لمجلسهم من قبل المنظمات العالمية أو المحلية في مجال الزراعة”.