نصوحي البخاري.. رئيس وزراء سوري في أوقات مشحونة بالتوترات السياسية

  • 2020/04/05
  • 6:01 م
رئيس وزراء سوريا الأسبق نصوحي البخاري أو نصُّوح البخاري 1881 ـ 1962 (تعديل عنب بلدي)

رئيس وزراء سوريا الأسبق نصوحي البخاري أو نصُّوح البخاري 1881 ـ 1962 (تعديل عنب بلدي)

عاشت سوريا في عام 1939 مشهد احتجاجات تشبه بطابعها احتجاجات 2011، إذ أشرفت إدارة الانتداب الفرنسي على استفتاء شعبي حول انضمام منطقة إسكندرون شمالي سوريا إلى نطاق الأراضي التركية، الأمر الذي حصل بالفعل بموجب الاستفتاء الذي شككت سوريا بنزاهته ولم تعترف بشرعية الإجراء.

وأعلنت تركيا عن ضم الإسكندرون بعد ثلاث سنوات من توحيد سوريا بالشكل المعروف عليه اليوم، ضمن ما يعرف بـ”المعاهدة السورية- الفرنسية” عام 1936.

وشهدت سوريا احتجاجات تطورت إلى مظاهرات ترفض الاستفتاء، ما دفع جيش الانتداب الفرنسي لنشر قواته في العاصمة دمشق في آذار عام 1939.

وأدى هذا التدخل من قبل إدارة الانتداب إلى سلسلة من الأزمات الحكومية السورية، انتهت باستقالة حكومة لطفي الحفار التي استمرت لأقل من شهرين فقط، في 5 من نيسان العام نفسه، ليتولى رئاسة الحكومة بعدها مباشرةً السياسي السوري نصوحي البخاري.

اقرأ أيضًا: لطفي الحفار.. ساقي مدينة دمشق

رئاسة الحكومة السابعة

في أثناء أزمة مجلس الوزراء بين “الكتلة الوطنية” الحاكمة في دمشق آنذاك والمعارضة، دعا رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي، البخاري إلى تشكيل حكومة مستقلة غير حزبية، ليحصل البخاري على حقيبة وزارتي الدفاع والداخلية، بالإضافة لكونه رئيس الوزراء في الحكومة السابعة بتاريخ الجمهورية السورية الأولى.

وعين السياسي المستقل خالد العظم وزيرًا للعدل والخارجية في تلك الحكومة.

انتقادات سياسية حادة

كان المسوغ الوحيد لاختيار الرئيس الأتاسي لنصوح البخاري رئيسًا للحكومة، هو حاجة البلاد لسياسي حيادي من خارج صفوف “الكتلة الوطنية”، ضمن الأجواء المشحونة بالتوترات السياسية والأمنية في البلاد.

ورغم أن أغلب وزراء حكومة لطفي الحفار كانوا من المستقلين، ولم تكن “وزارة ذات طابع حزبي”، لم تستطع حل الأزمة، وفق مقالة للكاتب ياسر مرزوق نشرت في صحيفة “سوريتنا” في 10 من حزيران لعام 2012.

وتعرض الرئيس هاشم الأتاسي وقتها للضغط بعد تشكيل نصوحي البخاري الحكومة من قبل بعض أصدقائه.

وانتقد السياسي السوري عبد الرحمن الكيالي الحكومة الجديدة في كلمته بالمجلس النيابي يوم 21 من نيسان، وقال “كان القصر على ما نعلم معقل الوطنية وكانت سلطته تمثل الخير والغيرة والاحترام، والآن ويا للأسف، غدا معقل الرجعية”.

ونتيجة لتلك الانتقادات أصدر الرئيس الأتاسي حينها قرارًا، في 19 من نيسان، بتأجيل اجتماع المجلس النيابي لمدة شهر، اعتبارًا من 20  من نيسان إلى 20 من أيار، أي تأجيل عرض البيان الوزاري الخاص بحكومة البخاري.

تشاورات سياسية عقيمة

في 12 من أيار للعام نفسه أصدر المفوض السامي الفرنسي في سوريا، غابرييل بيو، بيانًا أذيع من دار إذاعة دمشق، حدد فيه أسس السياسة الجديدة التي سيسير عليها، وتقتضي إدخال بعض التعديلات على نص معاهدة عام 1936.

واجتمع الأتاسي مع بيو لإجراء المشاورات فيما يخص تعديلات أحكام المعاهدة، نصت على استقلال سوريا وإخراجها من دائرة الدول المنتدب عليها من قبل فرنسا، التي ماطلت فرنسا بإقرارها بحجة الحرب العالمية الثانية.

وحالت الحرب في العالم حينها من أي نشاط سياسي يفضي إلى إقرار المعاهدة بشكل نهائي من قبل فرنسا، حتى أعلنت استقلال سوريا رسميًا عام 1941.

لكن تمسك الأتاسي بقواعد معاهدة 1936، التي تعرف أيضًا بـ”معاهدة الاستقلال”، أنهى مشاوراته مع بيو دون التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، فاجتمع رئيس الوزراء السوري البخاري مع المفوض السامي للتباحث معه.

وبسبب إصرار الحكومة السورية على رفض تصريح بيو الذي يدعو إلى عقد معاهدة جديدة بين الطرفين أو استقالة الحكومة، ونتيجة تفاقم الوضع، قررت الحكومة السورية التي يرأسها البخاري تقديم استقالتها مجتمعة في 15 من أيار لعام 1939 إلى رئيس الجمهورية.

سبب اسقالة الحكومة السابعة هو “تعذر تحقيق الأسس التي أخذت على عاتقها القيام بها فيما يتعلق بإبرام المعاهدة المعقودة عام 1936 وتنفيذ أحكامها”.

“أعتقد أَن الحالة الحاضرة على خطورتها لا توجب على رئيس الجمهورية الاستقالة من منصبه مهما كانت الظروف، فالاستشارات في سبيل تشكيل وزارة جديدة مستمرة بين الرئيس وساسة البلاد”، وكان هذا تعليق نصوحي على الإشاعات التي انتشرت في تلك المرحلة من عمر سوريا.

وركزت الأقاويل المتداولة وقتها، على فشل النظام البرلماني الجمهوري، واحتمالية عودة الملكية في سوريا.

عودة إلى ميادين السياسة

في عام 1943 فاز البخاري في الانتخابات النيابية عن دمشق، وفي 19 من آب للعام نفسه عُين وزيرًا للمعارف والدفاع الوطني في حكومة سعد الله الجابري.

وعلى الرغم من خلفيته العسكرية إلا أن البخاري كان فاعلًا في الحراك العلمي والثقافي في دمشق، وداعمًا للحركة النسوية التي تزعمتها زوجته رفيقة بنت ممدوح.

ومع اتساع النشاط الحزبي في الحياة السياسية في سوريا بعد الاستقلال وتراجع دور المستقلين، اعتزل البخاري السياسة، وتوفي بدمشق في 1 من تموز لعام 1961 ودفن في مقبرة العائلة.

مقالات متعلقة

ذاكرة سورية

المزيد من ذاكرة سورية