دير الزور- خالد العبد الله
تركز قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن على استهداف المعابر المائية المنتشرة على طرفي نهر الفرات في محافظة دير الزور، إذ تسعى مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لإيقاف عمل المهربين عليها، خوفًا من تسرب مصابين بفيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) من مناطق النظام السوري، المكتظة بالميليشيات الإيرانية.
ترتبط مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” (الكردية) في دير الزور بنحو عشرة معابر نهرية مع مناطق قوات النظام السوري، وتعتبر هذه المعابر بمثابة الأوردة التي ينعش منها النظام أسواقه في المحافظة، وخاصة تلك المتعلقة بالمحروقات، وجميع هذه المعابر بدأ العمل بها منذ سيطرة “قسد” والنظام على محافظة دير الزور، بعد معارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” نهاية عام 2017.
ما هذه المعابر؟
تختلف أهمية ونوعية هذه المعابر، فبعضها متخصص بنقل المدنيين بين ضفتي النهر، بزوارق صغيرة، يحمل كل واحد منها بضعة أشخاص، وبعضها يضم عبّارات كبيرة تحمل سيارات على ظهرها، وهذه تستخدم في نقل البضائع والمحروقات بين الضفتين.
ويمكن حصر أهم المعابر في دير الزور بالتالي: معبر محيميدة- عياش، وهذا يكاد يكون المعبر الوحيد بين مناطق “قسد” والنظام في ريف دير الزور الغربي.
في حين يحتوي الريف الشرقي على عشرة معابر، هي: جديد عكيدات من جهة “قسد” يقابله موحسن من جهة النظام، جديد بكارة يقابله طوب، صبحة يقابله بوليل، بصيرة يقابله سعلو، شحيل يقابله بقرص، حوايج يقابله الميادين، ذيبان يقابله محكان، طيانة يقابله القورية، درنج يقابله العشارة، الجرذي يقابله صبيخان.
ومن أهم المعابر معبرا الشحيل والحوايج، اللذان شهدا حملات أمنية مركزة من قبل “قسد” والتحالف، وتنشط على هذين المعبرين حركة نقل البضائع وتهريب المحروقات من مناطق “قسد” إلى مناطق النظام، إضافة إلى إدخال مواد البناء والغذائيات من الأخيرة.
آلية العمل
أبو ذياب، أحد الذين يعملون بين ضفتي معبر حوايج- الميادين، أطلع عنب بلدي، في اتصال هاتفي، على آلية العمل التي يقوم بها على المعبر، موضحًا أنه يقوم بنقل المواد الغذائية من مناطق النظام عند منطقة الميادين عبر شاحنته التي تحمّل بالمواد، ثم يتم تحميلها على ظهر عبّارة مائية ويتجه بها إلى أسواق مناطق “قسد” في ريف دير الزور الشرقي.
وأشار إلى أن المعبر كان يشهد نشاطًا في حركة نقل مواد الحديد والبناء إلى مناطق “قسد”، مشيرًا إلى أن هذا النشاط تراجع نتيجة فرض “قسد” حظر التجول في المنطقة بسبب الخطوات الاحترازية لمواجهة فيروس “كورونا”.
ولفت إلى أنه على الرغم من الحظر ما زال هناك بعض المهربين يقومون بعمليات نقل بين ضفتي النهر، وأكد أن لا فحوصات طبية تجري عند المعابر للداخلين والخارجين.
ومع الانتشار الواسع الذي يشهده العالم لفيروس “كورونا”، وخوفًا من دخول العدوى من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق “الإدارة الذاتية”، فرضت الأخيرة قيودًا على الحركة في مناطقها، وأغلقت جميع معابرها مع النظام ومع إقليم شمال العراق.
وبحسب مصادر عنب بلدي، فإن المعبر الأكثر نشاطًا في المنطقة هو معبر الشحيل الذي يشهد عمليات تهريب للمحروقات إلى مناطق النظام.
حصلت عنب بلدي على أرقام هواتف شخصين من الذين يقومون بنقل مواد البناء (الأسمنت والحديد والمواد الصناعية) من مناطق النظام مقابل نقل المحروقات من مناطق “قسد” من معبر الشحيل.
وطرحت عليهم أسئلة حول آلية عملهم والجهات التي تقف وراءهم إلا أنهما رفضا الإجابة، خوفًا من الملاحقة الأمنية، واكتفيا بالتأكيد أنهم مجرد وسطاء بين أشخاص من “قسد” وشركة “القاطرجي” (التي تزود النظام بالنفط الخام).
وبرز اسم عائلة القاطرجي خلال السنوات الماضية كوسيط بين تنظيم “الدولة” (في أثناء سيطرته على الآبار) و”قسد” من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى لنقل المحروقات من المنطقة الشرقية.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركة “القاطرجي” النفطية في سوريا، في أيلول عام 2018، كونها لعبت دور الوسيط بين النظام السوري وتنظيم “الدولة”، عبر تسهيلها نقل شحنات نفطية بين الطرفين، بالإضافة إلى تزويد النظام بالفيول وشحنات أسلحة وتقديم الدعم المالي.
أما من جهة “قسد”، فيُتهم القيادي في “مجلس دير الزور العسكري”، خليل الوحش، بالتنسيق مع شخص من بلدة بقرص يعمل لمصلحة “القاطرجي”، عند معبر الشحيل.
حملات أمنية
حاصرت دورية من “قسد” معبر الشحيل، في 24 من آذار الماضي، بدعم من قوات “التحالف الدولي”، التي كانت تسيّر دوريات جوية لمراقبة الحركة بين ضفتي النهر، إلا أن عددًا من المهربين لم يلتزموا بإجراءات “قسد” وعادوا لتفعيل المعبر.
دفع ذلك القوات الأمريكية لوضع حاجز مؤلف من عربات عسكرية عند المعبر للمرة الأولى، معلنة إغلاقه بشكل كامل، وبذلك تكون حرمت النظام من وصول النفط الخام إلى مناطقه، التي تعاني في الأساس شحًا في المحروقات.
وتأكيدًا على الخطوة الأمريكية، هدد قائد “مجلس دير الزور العسكري” التابع لـ”قسد”، أحمد الخبيل (أبو خولة)، بمعاقبة المهربين الذين يخرقون قرار حظر التجول في ريف دير الزور الشرقي، مشددًا على مراقبة المعابر ونقاط التفتيش المنتشرة في المنطقة.