عنب بلدي – خولة حفظي
“الرعب الحقيقي هو أن أنقل الإصابة إلى شخص قريب، فأنا أعيش مع عائلتي، وأبي يعاني من أمراض القلب والضغط، ودائمًا أكون خائفة عند العودة إلى المنزل، وأحاول أن أعزل نفسي كي لا أنقل العدوى لهم”.
بهذه الكلمات، عبّرت الطبيبة السورية إيلا زينو (31 عامًا)، لعنب بلدي، عن هواجس تراودها في أثناء عملها كطبيبة في البرازيل، في ظل تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
وحول احتمالية إصابتها بالفيروس، قالت الطبيبة إنها متصالحة مع ذاتها، وتعلم أن إمكانية انتقال العدوى إليها مرتفعة جدًا كحال جميع الأطباء، لا سيما أنها تعمل في قسم الطوارئ والعناية المركزة.
إيلا زينو واحدة من مئات الأطباء السوريين حول العالم، الذين يعملون في الخطوط الأمامية لمواجهة “الجائحة”، فهجروا أهلهم لأجل ذلك، وبعضهم أصيبوا بالفيروس، ومنهم من فقد حياته في أثناء ذلك.
لا توجد إحصائيات رسمية لإسهامات الأطباء السوريين في مواجهة فيروس “كورونا” في دول لجوئهم، وإنما اقتصر عملهم على مبادرات ذاتية أو جماعية أو جهود ضمن منشآتهم.
ففي تركيا، أعلن مجموعة من الأطباء السوريين المقيمين جنوبي تركيا، استعدادهم للعمل كمتطوعين إلى جانب الكوادر الطبية التركية لمواجهة فيروس “كورونا” في ولاية غازي عنتاب.
وفي حديث لعنب بلدي، قال الطبيب محمد الحاج، أحد المشاركين في المبادرة، “قدمنا للوالي قائمة تتضمن أسماء 100 طبيب سوري في غازي عنتاب، وهم مستعدون للعمل إلى جانب الكوادر الطبية التركية بشكل تطوعي”.
وشارك الأطباء السوريون في الولاية بتغطية مداخل المدينة الأربعة، لفحص القادمين إلى المدينة والتأكد من خلوهم من أعراض الفيروس.
وأضاف الحاج، “شكلنا أول فريق، في 30 من آذار الماضي، ويتكون من أربعة طواقم طبية لتغطية مداخل المدينة، ويعمل على مدى خمس ساعات”.
كما عرض أطباء سوريون في اسطنبول خدماتهم لمواجهة “الجائحة” الجديدة، وأطلق أطباء من جمعية “البيت السوري” مبادرة للإسهام في الجهود، انضم إليها أطباء عرب، واستطاعت أن تجمع 250 طبيبًا، بحسب وكالة “الأناضول“.
حس عالٍ بالمسؤولية
قالت الجمعية الطبية السورية- الأمريكية (سامز)، في منشور عبر “فيسبوك“، إن أعضاءها في الولايات المتحدة من بين العاملين الطبيين الشجعان على الخطوط الأمامية لمكافحة “الجائحة”.
وقال مدير مكتب جمعية “سامز” في تركيا وشمالي سوريا، الدكتور مازن كوارة، لعنب بلدي، إن الأطباء السوريين في الداخل والخارج يتمتعون بحس عالٍ بالمسؤولية، وكل منهم يقدم ما يستطيع لمواجهة “الجائحة”.
وأضاف، “نحن مؤسسة تضم ألفًا و500 طبيب سوري- أمريكي متفاعلين مع الحدث الحالي، خاصة في المناطق القليلة التخديم مثل إدلب”.
ويحظى نحو 800 عامل في المجال الصحي شمال غربي سوريا، بينهم قرابة 300 طبيب، بدعم “سامز”، بحسب ما ذكره كوارة.
وهاجر قرابة 40% من الأطباء من سوريا خلال السنوات الماضية، 80% منهم من الأطباء الجدد، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” عن مدير عام الهيئة السورية للاختصاصات الطبية، يونس قبلان.
وفي ألمانيا وحدها ثلاثة آلاف و908 أطباء سوريين، ويأتون في المرتبة الثانية بالنسبة لعدد الأطباء الأجانب في ألمانيا، بحسب إحصائية أصدرتها الجمعية الطبية الألمانية، في آذار 2019.
تجربة طبيب سوري مصاب بالفيروس
أعربت منظمة الصحة العالمية عن انزعاجها إثر تقارير وردتها من جميع أنحاء العالم، حول الأعداد الكبيرة من الإصابات بفيروس “كورونا” بين العاملين في مجال الصحة.
وأحد أولئك المصابين، هو الطبيب السوري هشام النشواتي، الذي أُصيب بالفيروس في أثناء عمله بولاية نيوجيرسي الأمريكية، وأعلن عن عودته لعمله بعد الشفاء من الإصابة.
ونشر الطبيب السوري، في 4 من آذار الحالي، صورة له مرتديًا لباسه الطبي وقناعًا واقيًا يغطي وجهه، عبر صفحته في “فيس بوك”. وكان النشواتي قد تحدث عن الأعراض التي رافقت إصابته، وعن تجربته في الحجر المنزلي، مقدمًا بعض النصائح لمتابعيه.
وقال النشواتي في منشور آخر، “عمال الرعاية الصحية هم أبطال حقيقيون، ويخاطرون بحياتهم لرعاية المرضى وجعلهم يتعافون من الإصابة”.
“سنخسر على الأرجح المزيد من الزملاء قبل الفوز في هذه المعركة، نظام الرعاية الصحية يعاني من نقص الآن ويتضرر بشدة”، بحسب ما ختم النشواتي منشوره.
أطباء سوريون من بين ضحايا “كورونا”
ثلاثة أطباء سوريون في إيطاليا توفوا خلال الأيام الماضية، بعد إصابتهم بفيروس “كورونا” في أثناء عملهم.
وكان الدكتور عبد الستار عيروض (80 عامًا)، أول طبيب سوري يتوفى إثر إصابته بـ“كورونا”، بعد أن انتقل له الفيروس من أحد مرضاه.
كما توفي الطبيب السوري عبد الغني مكي، بعد إصابته بعدوى الفيروس، ليكون بذلك الطبيب السوري الثاني الذي يفارق الحياة في إيطاليا.
وتوفي طبيب سوري آخر إثر إصابته بالفيروس في أثناء عمله بأحد مشافي إيطاليا، وهو الدكتور غيفونت مراديان، الذي بقي على رأس عمله حتى الأيام الأخيرة قبل وفاته.