عمدت حكومة النظام السوري خلال الأيام الماضية إلى الدفع لتنفيذ الإجراءات التي اتخذتها في مواجهة انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، بمساعدة الإعلام الرسمي والموالي.
قنوات ووكالات ومواقع إخبارية وصفحات تواصل اجتماعي أخذت المهمة على عاتقها، كتحركات تصب في المصلحة العامة، وتخدم المسؤولية الاجتماعية، لكن هذه التغطيات بدت في كثير من الأحيان مسايرة للروح الأمنية، وتحمل قدرًا من التهديد للمواطنين.
وانضمت سوريا، قبل أسبوعين، إلى قائمة الدول التي اكتُشفت فيها حالات مصابة بفيروس “كورونا”، بحسب رواية حكومة النظام، في حين تشير تقارير إعلامية إلى وجود حالات أكثر من العدد المعلن في مختلف المحافظات، وهو 16، ووصول حالات إلى دول أخرى قادمة من سوريا مصابة مثل كربلاء في العراق.
وبدأت حكومة النظام باتخاذ إجراءات وقائية لمنع تفشي الفيروس، فأوقفت التعليم والعمل في الدوائر الحكومية، وأغلقت الأسواق والمحلات التجارية، باستثناء الأغذية، وألغت الصلوات في المساجد والتجمعات، كما أوقفت النقل العام والتنقل بين المحافظات والمدن والأرياف.
وزادت الحكومة إجراءاتها مع ازدياد أعداد المصابين، إذ وصل عدد الإصابات بالفيروس إلى 16 حالة، بينهما حالتا وفاة، وفرضت حظر تجول من الساعة السادسة مساء حتى السادسة صباحًا، إلى جانب حظر كامل يومي الجمعة والسبت باستثناء ساعات الصباح الأولى.
“بهدوء يا يونس طالعو عالفرع”
في 25 من آذار الماضي، بدأت وحدات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية بالتجول عبر سياراتها في شوارع وحارات المناطق، لتنفيذ قرار فرض حظر التجول.
وتزامن ذلك مع نشر تسجيل مصوّر لعناصر من الشرطة، يلقون القبض على مواطن خرق القرار في دمشق ويريد الذهاب إلى منطقة صحنايا المجاورة، لكن بدل ذلك تم سَوقه إلى الفرع لـ”معالجة وضعه”.
وتصدرت جملة “بهدوء يا يونس طالعو عالفرع عالجلو وضعو”، صفحات السوريين، نسبة إلى الشرطي يونس، الذي طلب منه الضابط اعتقال الشخص واصطحابه إلى الفرع لمعالجة وضعه.
وفي برنامج “تريند الأسبوع”، الذي يبث على “الإخبارية السورية”، تحدثت مذيعة البرنامج عن التسجيل وردود فعل السوريين عليه، لكنها اختتمت الحلقة بنصيحة وجهتها للسوريين بالقول “نصيحة التزموا في بيوتكم حتى لا تتم معالجة أوضاعكم من قبل يونس ورفاقه”.
“بلّغ” عن المرضى!
بعد ساعات من حادثة “الشرطي يونس” أعلنت وزارة الداخلية في حكومة النظام توقيف 153 شخصًا من محافظات دمشق وريف دمشق وحماة وحمص واللاذقية وحلب وطرطوس، وأشارت الوزارة إلى أن الموقوفين سيقدمون إلى القضاء المختص، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، بسبب مخالفة القرار.
وتزامن ذلك مع نشر صحيفة “الوطن” الموالية للنظام، عقوبة المخالفين للقرار، عبر المحامي العام بريف دمشق، إبراهيم عبد القادر، الذي أكد أنها ما بين ستة أشهر وثلاث سنوات سجن، وبغرامة مالية تتراوح ما بين 50 و500 ألف ليرة سورية.
وعلى الرغم من أهمية حظر التجول لمنع انتشار الفيروس، استخدم إعلام النظام أسلوب تخويف المواطنين، الذين اضطروا إلى تنفيذ القرارات من باب تجنب الاعتقال والدخول إلى الأفرع الأمنية التابعة للنظام.
من جهتها نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) صورة طلبت فيها من الأهالي التبليغ عن المرضى الذين يُشتبه بإصابتهم بالفيروس.
واستخدمت الوكالة شعار “بلغ.. لا تتردد”، لتعيد إلى أذهان السوريين أسلوب التعامل الأمني للنظام مع بداية الاحتجاجات في 2011، وعمليات كتابة التقارير الأمنية للوشاية.
كما خصصت وزارة الداخلية أرقامًا هاتفية للتبليغ عن الأشخاص الذين يدخلون الأراضي السورية بطريقة غير شرعية، مثل لبنان التي تربطها معابر غير شرعية مع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
وطلبت الوزارة من المواطنين عدم التستر عليهم والمبادرة إلى الإبلاغ عنهم، تحت حجة الحرص على الصحة العامة، لوضعهم في الحجر الصحي مدة 14 يومًا.
–