السيدة زينب في دمشق.. عاصمة لإدارة التمدد الإيراني في سوريا

  • 2020/04/03
  • 3:16 م

زيارة متولي شؤون الروضة الرضويةابراهيم رئيس إلى السيدة زينت-29 كانون الثاني(فارس)

كانت بلدة السيدة زينب في أطراف العاصمة السورية دمشق، مجرد بلدة سكانية تحمل طابعًا دينيًا عند أصحاب المذهب الشيعي، كونها تضم قبر بنت الخليفة علي بن أبي طالب، وفق معتقد أصحاب هذا المذهب.

لكنها تحولت بعد عام 2011 إلى مكان لإدارة عمليات ميليشيات مدعومة من إيران، تدفقت إلى سوريا لمساندة قوات النظام السوري في قمع الثورة السورية، لتكتسب بعد ذلك بعدًا عسكريًا، ومنطلقًا لحشد كل من هو مؤمن بفكرة المؤامرة التي يتبناها النظام في الرد على ما يحدث في سوريا.

قرر النظام السوري أمس، الخميس 2 من نيسان، عزل بلدة السيدة زينب جنوب دمشق، لتنفيذ إجراء احترازي ضد جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، الذي غزا دول العالم وإيران من بينها، وهذه الأخيرة تعتمد على البلدة السورية لإدارة وجودها العسكري وانتشارها المذهبي في سوريا منذ عام 2011.

ممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا، نعمة عبد، اعتبر أن الوضع في سوريا بالنسبة لفيروس “كورونا” خطير، نتيجة لما تضمه من مراقد دينية، بحسب ما نقلت عنه أمس قناة “روسيا اليوم”

وأوضح عبد أن الحديث يدور عن مقام السيدة زينب ومرقد السيدة رقية في دمشق، وهما قبلة لعديد من الزوار من دول المنطقة التي ظهر فيها الوباء على نطاق واسع، خاصة إيران، وكذلك العراق ولبنان وباكستان.

موقع استراتيجي للبلدة

السيدة زينب أو الست زينب أو الست (بلهجة أهل دمشق) هي بلدة سورية تقع على بعد حوالي عشرة كيلومترات جنوب العاصمة، على الطريق السريع المؤدي إلى مطار دمشق الدولي، والطريق المؤدي إلى مدينة السويداء.

وهو ما يجعلها نموذجًا مشابهًا لضاحية بيروت الجنوبية، التي يتخذها أنصار “حزب الله” المدعوم إيرانيًا كمنطقة نفوذ على الطريق من مطار رفيق الحريري الدولي إلى مركز المدينة.

والسيدة زينب مركز ناحية تابعة إداريًا لمحافظة ريف دمشق، وهي من المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية، رغم عدم تجاوز عدد سكانها الأصليين 13 ألف نسمة، بحسب “إحصاء 2011”.

كما أنها تعتبر منطقة سياحية ودينية يزورها مئات الآلف من السياح والزوار من الطائفة الشيعية من إيران والعراق ودول الخليج ولبنان وباكستان والهند وأفغانستان وغيرها من الدول على مدار السنة، فاقتصاد البلدة يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الحركة السياحية والسياحة الدينية.

عاصمة إيرانية

منذ بداية الثورة السورية، وجه النظام دعايته لوسمها بأنها طائفية (سنية)، لكسب تأييد الأقليات في سوريا.

ولتعزيز هذه الفكرة، بدأت تظهر في أحياء السيدة زينب شعارات من قبيل “لن تُسبى زينب مرتين”، للإيحاء أن ما يجري في سوريا ليس ثورة، بل محاولة لاجتثاث الوجود الشيعي منها.

ولقيت تلك الشعارات تجاوبًا لدى عدد من المقاتلين، فانخرطوا في ميليشيات ممولة من “الحرس الثوري الإيراني” تحت عنوان “الدفاع عن المراقد المقدسة”، وبدأت تظهر مع بدايات عام 2012 في بلدة السيدة زينب، أبرزها “لواء أبي الفضل العباس”، ثم حركة “النجباء”، و”فدائيو السيدة زينب”، وميليشيات أخرى.

كما شرع النظام في تنظيف المنطقة المحيطة بالبلدة، حيث يُتهم من قبل ناشطين سوريين بإجراء تغيير ديموغرافي في السيدة زينب ومحيطها، بتعديل قوانين التملك وتسهيل شراء الأراضي.

ولم يقتصر الأمر على توطين عائلات المقاتلين، فقد تحولت إلى مكان لعقد الاجتماعات السياسية بالنسبة للمسؤولين الإيرانين، حيث زارها كبار مسؤولي طهران كوزير الخارجية، جواد ظريف، الذي اصطحب معه نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، كرسالة تؤكد أن البلدة مكان مهم لإيران.

وفي نسيان 2018، أعدت إيران مشروعًا لتوسيع مرقد السيدة زينب في دمشق، على أن تبدأ أولى خطواته بعد التنسيق مع منظمة “يونسكو”.

وقال حينها رئيس اللجنة الإيرانية لإعمار العتبات المقدسة، حسن بلارك، إن المشروع يضم مرقد السيدة رقية أيضًا، وسيتم بناء مضيف للزوار في السيدة زينب.

وقال إن الاتفاق يقضي بتوسيع المقام بمسافة 150 مترًا، كما جرى التنسيق مع منظمة “يونسكو” لوجود أبنية تاريخية في المنطقة.

ومن أبرز الشخصيات الإيرانية التي كرست نفوذ السيدة زينب في سوريا، قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، قاسم سليماني، الذي ظهر باكيًا عند مرقد السيدة زينب.

وبعد مقتله بثلاثة أشهر على يد القوات الأمريكية، في غارة بمطار بغداد إثر عودته من دمشق، أقيم لسليماني مجلس عزاء كبير في بلدة السيدة زينب، وغطت صوره وما زالت شوارعها.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا