دخلت الموجهات بين تنظيم “الدولة الإسلامية” من جهة وقوات الأسد ووحدات حماية الشعب والميليشيات المساندة، يومها السابع داخل الأحياء الغربية والجنوبية في مدينة الحسكة، وسط غموضٍ وتضارب الأنباء حول السيطرة الفعلية، بينما يتخوف الأهالي من استمرار النزاع المسلح بين الطرفين دون حسم حقيقي لأي منهما، وبالتالي بقاؤهم خارج أحيائهم التي طالها الدمار.
أين مواقع التنظيم؟
ومنذ دخوله المدينة فجر الخميس 25 حزيران، ركز تنظيم الدولة على الواجهة الغربية، أي منطقة النشوة، واستطاع السيطرة على الحواجز والمراكز الأمنية فيها خلال يومين، تزامنًا مع قصفٍ مضاد بمختلف أنواع الأسلحة برًا وجوًا استهدف هذه الأحياء وأدى إلى دمار كبير بمرافقها الخاصة والعامة.
بينما تحاول قوات الأسد تحت قيادة اللواء محمد خضور، مدعومة بعناصر وحدات حماية الشعب YPG، والميليشيات الأخرى استعادة السيطرة على المنطقة الغربية، ابتداءً من حي النشوة الشرقية الذي تدور فيه اشتباكات منذ ثلاثة أيام، أسفرت عن تقدم هذه القوات واقترابها من استعادة السيطرة.
كما تمكنت قوات الأسد من إحكام قبضتها على حي غويران شرقي أمس الثلاثاء، ليصبح الحي (جنوب الحسكة) خارج حسابات التنظيم بشكل شبه كامل.
وأفاد الناشط الإعلامي سراج الحسكاوي، أن الميليشيات المساندة لقوات الأسد نهبت وحرقت عددًا من منازل أحياء الميريديان وغويران والنشوة الشرقية، مؤكدًا في حديث إلى عنب بلدي أن “رجال وشباب هذه الأحياء دخلوا اليوم لتتفقد حجم الأضرار بها، بعد خروج التنظيم”.
وتبقى الأحياء الشرقية والشمالية الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب في حالة من الهدوء الحذر، يتخللها بعض القذائف العشوائية مجهولة المصدر، استهدفت الحي العسكري وسط المدينة والعزيزية في شرقها، وسط خسائر مادية كبيرة في ممتلكات المواطنين.
ميليشيا الحشد الشعبي تشارك علنًا
لم يخفِ نظام الأسد مشاركة ميليشيا “الحشد الشعبي” العراقية في معارك الحسكة، وذلك على لسان قائد قواته في المحافظة اللواء محمد خضور، الذي قال إن “قوات الجيش السوري بالتعاون مع الحشد الشعبي والدفاع الوطني، وكتائب البعث والشرطة أو المهام الخاصة، سيطرت على غويران غربي وأجزاء من غويران شرقي”، خلال تصريح لصحفيين من المدينة الاثنين 29 حزيران.
وأكد هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر وقائد ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، أن قواته لن تتوقف عند الحدود العراقية، قائلًا “سنتابع تنظيم الدولة حتى في سوريا إذا كان هناك خطر على العراق”، مضيفًا في مقابلة مع قناة فرانس 24 أمس، أنه سيساهم في “تحرير كل أراضي المنطقة سواء في سوريا أو غيرها من التنظيم”.
وتشترك عناصر وحدات حماية الشعب مع قوات الأسد أيضًا في مقارعة “داعش” في الحسكة، بعد اتفاق أبرم في 27 حزيران، ينص على تسليم جبل كوكب الذي يضم الفوج 123 واسع التسليح للوحدات كي تقود المعارك، بينما يحتفظ النظام بالدوائر الحكومية في مدينة الحسكة.
ميليشيا الدفاع الوطني كانت حاضرة أيضًا تحت قيادة العميد عصام زهر الدين، القادم من محافظة دير الزور، وبعض الكتائب العربية التي تقاتل في صفوف قواته.
ووثق ناشطون من الحسكة مقتل المدعو علي الطبكة، قائد كتيبة الأنصار التي تقاتل في صفوف الدفاع الوطني، اليوم الأربعاء، خلال المواجهات في حي غويران.
مسلسل النزوح يستمر.. الحسكة غير آمنة
لاتوجد أرقام دقيقة للمهجرين من أبناء الحسكة، لكن الناشط سراج الحسكاوي، أكد أن عددهم تجاوز 350 ألف مواطن من الأحياء الجنوبية والغربية.
ولجأ قسم من النازحين إلى مدينتي القامشلي وعامودا شمال الحسكة، بينما كانت وجهة آخرين إلى مخيمات المالكية، إثر منع الوحدات الكردية YPG في القامشلي دخولهم.
ونوه الحسكاوي إلى أن آلاف المدنيين لايزالون بين عامودا والقامشلي والدرباسية تمنعهم الميليشيات الكردية من الدخول إلا بوجود كفيل.
كذلك افترشت مئات العوائل الحدائق العامة في أحياء المساكن والصناعة وأطراف المدينة الشمالية، دون أن تقدم أي جهة المساعدات لهم، كما لا تزال عشرات العوائل عالقة في أحياء غويران والليلية والنشوة الغربية وحوش الباعر بسبب الاشتباكات، أو منع خرجها من كلا الطرفين، بحسب الحسكاوي.
من جهتها، قالت الناشطة خديجة الحسن، إن مئات العوائل لجأت إلى حيي العسكري والعزيزية وسط المدينة، منوهة إلى أن أهالي هذه الأحياء نزلت من الطوابق العلوية إلى الأقبية نظرًا للقصف العشوائي الذي طالها.
واعتبرت الحسن، أن عرب الحسكة هم المتضرر الأكبر من المعركة “هجر أهلنا من منازلهم وقتل العشرات منا ودمرت الأحياء العربية، دون أي تغطية إعلامية من الوسائل المحلية أو العربية، بينما الأحياء والبلدات الكردية آمنة، وتبقى فكرة نزوحنا إليها غير واردة خوفًا من الانتهاكات المحتملة”.
ويرى ناشطون، أن دخول “داعش” إلى مدينة الحسكة مؤقت والانسحاب منها مسألة وقت لا أكثر، لتكون النتيجة الوحيدة من المعركة تدمير الأحياء العربية وتهجير أهلها.
–