في عام 2013، أصدر الكاتب الراحل سلامة كيلة كتابًا حاول من خلاله شرح واقع الثورة السورية التي انطلقت في عام 2011، والأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى اندلاعها، والاتجاه التي تمشي إليه.
يتكون الكتاب، الذي نشرته دار “أطلس- بيروت”، من سبعة فصول بالإضافة إلى الخاتمة، ويحوي مجموعة مقابلات مع كيلة حول الأفكار نفسها التي تطرق إليها الكتاب في عدة صحف عربية.
ويناقش كيلة في الفصل الأول، الذي حمل عنوان “الاقتصاد والصراع الطبقي وإسقاط النظام”، محورين أساسيين، هما الأسباب الاقتصادية التي سادت في الأشهر الأخيرة قبل اندلاع الثورة، من ضعف القوة الشرائية للعملة المحلية وتزايد معدلات البطالة ومعدلات دخل الفرد، وتأثير ثورات الربيع العربي في تونس ومصر على سوريا.
ولا ينفي كيلة الربط بين اندلاع الثورة السورية وقضية اعتقال أطفال درعا في عام 2011، إلا أنه يعطي زاوية أخرى للأحداث وتفاصيل أكبر تزيد من وضوح أسباب خروج الشعب السوري في المظاهرات.
كما يناقش كيلة في الفصل الثاني، الذي حمل عنوان “وضع الانتفاضة السورية- المشكلات والآفاق”، أسباب عزوف شرائح مجتمعية عن المشاركة، وهو في هذا النقاش يطرح أبعادًا أعمق من فكرة الخوف التي تحدث عنها كثير من المحللين السياسيين والباحثين الاجتماعيين، ما يعطي زاوية أوسع لفهم الثورة.
بينما يصف الكاتب الراحل دور المعارضة السورية في الفصل الثالث من الكتاب بـ”الهش”، وعنونه بـ“أزمة المعارضة والبديل السياسي”، في محاولة أخرى لشرح واقع المعارضة وتحركاتها وليس الهجوم عليها، وشرح تقصيرها في فهم متطلبات الشارع السوري وحصرها “بالديمقراطية والحرية”، وتناسي مطالب مجتمعية واقتصادية كانت أسبابًا جوهرية للحراك الشعبي، قبل أن يناقش وضع “الانتفاضة والمعارضة في الفصل الرابع”.
وانتقل كيلة في الفصل الخامس للحديث عن الدور الدولي في “الانتفاضة”، وفيه يرى أن “الغرب الإمبريالي تآمر على الثورة السورية لأنه لا يريد ثورة منتصرة”، وكان السبب الرئيس في محاولات تحويل الثورة السورية إلى ثورة طائفية لإضعاف سوريا نفسها، ولأنه يريد توريث روسيا “وضعًا لا فائدة منه”، وهو الفصل الذي ختمه بتأكيده أن ما سيحقق التغيير هو قوة الشعب.
وناقش في الفصل السادس “الأحاديث حول الوحدة الوطنية”، وفيه نقاش وعي الشعب السوري حول عدم الانجرار نحو الطائفية، قبل أن يقارن في الفصل السابع بين قوة الشعب وقوة السلطة، وهو ما يلخصه بجملة وردت في الصفحة 142 “السلطة انتهت والعائلة تدمر سوريا، لكن الثورة تنتصر”.
ويختم سلامة، الذي توفي في عام 2018 بعد صراع مع مرض السرطان، في العاصمة الأردنية عمان، بفصل عنونه بـ”الصراع على سوريا”، تحدث فيه عن الصراع حول البديل السياسي للنظام السوري، والحديث هنا بين الإسلاميين ومحاولاتهم لصبغ الثورة بأفكارهم عبر عدة طرق، واعتقادهم بأن الانتفاضة الشعبية يجب أن تحملهم إلى السلطة.
أما الطرف الثاني فهو التيار الليبرالي، الذي لم يفهم متطلبات الشعب السوري كما ذكر في الأعلى.
ويصلح الكتاب ليكون وثيقة تاريخية تحليلية لمرحلة خطيرة وحساسة في تاريخ سوريا المعاصر، مهما اختُلف أو اتُّفق على صحة التحليلات المذكورة في الكتاب.