عنب بلدي – درعا
تتسابق مجموعات في قوات النظام السوري للسيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، من أجل البحث عن مصدر مالي يغطي نفقات مجموعات “التسوية”، التي يعتبر الأمن العسكري و”الفرقة الرابعة” أكبر مستقطبين لها.
تدخلت “الفرقة الرابعة”، التي يقودها ماهر الأسد، ويدعمها “حزب الله” اللبناني، واضعة نقاطًا وحواجز على الخط الصادر من الأردن في المعبر، ليبقى الأمن العسكري مسيطرًا على الخط الوارد فقط، بعدما كان يشرف على كامل المعبر، وفق ما رصدته عنب بلدي، عبر مراسلها ومصادر متقاطعة في درعا.
والمعبر مغلق في الوقت الراهن من الجهتين السورية والأردنية، بعد تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، كإجراء احترازي في البلدين.
خلاف على استثمار المعبر
ظهرت علامات الخلاف بين “الفرقة الرابعة” والأمن العسكري بعدما استقدمت قوات “الفرقة الرابعة” العناصر والعتاد، وتصادمت مع القيادي السابق بـ”جيش اليرموك”، عماد أبو زريق، الذي يمتلك استراحة داخل المعبر، ويستفيد من بيع الدخان والمواد المهربة.
ولـ”أبو زريق” نفوذ واسع في المعبر، بحكم علاقته المباشرة مع الأمن العسكري، بقيادة العميد لؤي العلي، الذي استقطبه ومنحه نفوذًا كونه ابن منطقة نصيب، وقياديًا سابقًا في المعارضة، واستطاع تجنيد مجموعة من العناصر لمصلحة الأمن العسكري من أبناء نصيب، بحسب روايات محلية متطابقة رصدتها عنب بلدي.
ناشط إعلامي من المنطقة الشرقية (تحفظ على نشر اسمه لأسباب أمنية) قال لعنب بلدي، إن المعبر كان تحت سيطرة الأمن العسكري، ودخلت مؤخرًا “الفرقة الرابعة” للحصول على مردود مادي لتغطية نفقاتها.
وكذلك أكد قيادي سابق في “جيش الثورة” (تحفظ على نشر اسمه)، لعنب بلدي، أن الخلافات ومحاولات بسط السيطرة هدفها الحصول على مردود مادي، وأن “الفرقة الرابعة” تبحث عن مصادر مالية لدفع رواتب “عناصر التسوية”.
فصائل “التسوية” في الواجهة
يسعى كل من الأمن العسكري و”الفرقة الرابعة” للحصول على مردود مالي بطرق غير شرعية، عن طريق عمليات التهريب التي تجري داخل المعبر، بحسب الناشط الإعلامي باسل الغزاوي.
ولا يقتصر التهريب على السلاح والمخدرات، إنما يشمل الدخان واللحوم والبضائع التي لا يجوز نقلها بين البلدين، حسب القوانين التي تحكم التبادل التجاري.
لكن الغزاوي لا يعتقد أن “الفرقة الرابعة” والأمن العسكري جناحان متصارعان، بل “الخلاف الحقيقي هو بين الفرقة الرابعة ومقاتلي التسويات من بلدة نصيب بريف درعا، الذين يملكون مصالح بالمعبر، وهم محسوبون على الأمن العسكري”.
ومن وجهة نظر الغزاوي، ستجد “الفرقة الرابعة” حلًا للأمر عند تشغيل المعبر، وستتقاسم إيرادات العمليات التجارية المهربة خلاله، وذلك لأن المعبر موجود في منطقة الفصائل المرتبطة بالأمن العسكري، ويمكنها خلق زعزعة مستمرة لـ”الفرقة الرابعة”.
ممر تهريب المخدرات
بعد إغلاق استمر ثلاث سنوات، وتحديدًا منذ سيطرة فصائل المعارضة السورية عليه عام 2015، فتحت قوات النظام معبر “نصيب- جابر” الحدودي في تشرين الأول عام 2019، بعد سيطرتها التامة على محافظتي درعا والقنيطرة.
وتوقع النظام ازدهار الحركة التجارية بعد فتح المعبر، وتحسنًا ملحوظًا لليرة أمام بقية العملات، لكن ذلك لم ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد السوري.
وشهد الاقتصاد في سوريا انكماشًا عام 2019، وانخفاضًا حادًا في قيمة الليرة، بتخطيها حاجز الألف لكل دولار الأمريكي.
وزير المالية في “الحكومة السورية المؤقتة”، الدكتور عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي، إن سيطرة النظام على المعبر شكلية لا فعلية، وإن الهدف من فتح المعبر هو سعي “حزب الله” اللبناني لتهريب المواد المخدرة.
وذلك برأي المصري لأن “حزب الله” هو “أكبر مهرب ومروج للمخدرات”، ويسعى لنقل وتجارة المخدرات للأردن والخليج ومصر، مستدلًا على ذلك بكميات المخدرات التي صودرت على المعبر منذ افتتاحه، وهي تعود للحزب.
الرشاوى مصدر رزق أيضًا
إلى جانب عمليات التهريب، كمصدر رزق لقوات النظام أو فصائل “التسوية” قرب معبر نصيب، يضطر العابرون إلى دفع الرشاوى للانتقال بين البلدين.
عدي جابر، شاب أردني روى لعنب بلدي ما جرى معه خلال زيارة إلى سوريا، متحدثًا عن استغلال المتحكمين بالمعبر له.
وصل عدي (26 عامًا) إلى دمشق بعد تجاوزه الحدود الأردنية، واستغرق الطريق ثماني ساعات في الذهاب ومثلها في الإياب، وذلك لأن جيش النظام السوري، على حد وصفه، كان “قاسيًا بالتعامل وبأساليب التفتيش”، ما أجبره على دفع رشوة.
قدّر عدي لعنب بلدي الرشاوى التي دُفعت عن ركاب الحافلة التي كان يستقلها، بـ100 دينار أردني (72 ألف ليرة سورية تقريبًا)، قُسمت على ثمانية حواجز، إضافة للتحقيق مع الركاب في الذهاب.
كم تبلغ إيرادات المعبر؟
بلغت إيرادات معبر نصيب 9.8 مليارات ليرة مع انتهاء عام 2019، وشهد تراجعًا بحركة نقل البضائع مطلع العام الحالي مقارنة بالسابق.
ونشرت جريدة “الوطن” المقربة من النظام السوري تقريرًا بينت فيه تراجع حركة نقل البضائع إلى عشر شاحنات يوميًا، بعد أن كانت 50 شاحنة بمعدل وسطي نهاية 2019.
في حين نشرت وزارة النقل تقريرًا بينت فيه أن عدد السيارات الداخلة والخارجة عبر معبر نصيب في العام الماضي 413 ألفًا و138 سيارة بمختلف أنواعها، منها 322 ألفًا دخلت إلى الأراضي السورية.
وبلغ إجمالي عدد العائدين من السوريين، وممن كانوا في مخيمات اللجوء 28 ألفًا دخلوا سوريا عبر معبر نصيب.