زيارة شويغو للأسد.. ملف الجزيرة السورية حاضر لكن الهدف وضع إدلب

  • 2020/03/25
  • 5:09 م

وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، ورئيس النظام السوري، بشار الأسد في دمشق- 23 من آذار 2020 (رئاسة الجمهورية السورية)

ظهر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في 23 من آذار الحالي، برفقة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في دمشق، بطريقة باتت مكررة لشكل الزيارات الروسية إلى سوريا، إذ اكتسبت هذه الزيارات باستمرار صيغة المفاجأة.

لا يُكشف عن هذه اللقاءات إلا عندما تنتهي، عبر صور تنشرها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) وحسابات “رئاسة الجمهورية” في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يكون الضيف الروسي، وقت نشرها، قد غادر سوريا إلى المكان الذي جاء منه.

وكالعادة، خرجت تلك المنصات الرسمية، لتفصح عن أهداف الزيارة، والملفات التي ناقشها الطرفان، في جو من الاحتفاء المتكرر بأي مسؤول روسي يزور دمشق، لتوجيه الرسالة الدائمة بأن موسكو لن تتخلى عن النظام.

تركيز على ملف الجزيرة السورية

عددت “سانا” محاور النقاش التي تناولها الأسد مع شويغو، مبرزة هذه المرة ملف منطقة الجزيرة السورية، إذ قالت الوكالة، إن الجانبين أكدا ضرورة وقف عملية “السطو” التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية على النفط والثروات السورية في تلك المنطقة.

وأشارت إلى أن دمشق وموسكو متفقتان على السياسات التي ستمارس في المرحلة المقبلة بشأن هذا الملف، وملفات أخرى منها رفع العقوبات عن النظام السوري، والتعاون العسكري بين البلدين.

المحلل السياسي السوري المختص بالشأن الروسي محمود حمزة، لفت في حديث لعنب بلدي اليوم، الأربعاء 25 من آذار، إلى أن الصحافة الروسية لم تذكر أي معلومات تفيد بمناقشة ملف الجزيرة السورية، كما جاء في تقارير “سانا”.

لكنه أكد أن روسيا لديها ملفات تقلقها في سوريا، منها الجزيرة (شرق الفرات) ومنابع النفط فيها، إضافة إلى إدلب، مرجحًا أن الموضوعين بُحثا في اجتماع شويغو مع الأسد.

وقال إن روسيا تضغط في منطقة شرق الفرات على الولايات المتحدة الأمريكية لتنسحب من هناك، لكي يأخذ النظام كل المناطق ويسيطر عليها، وبالتالي يسيطر على منابع النفط، مبررًا رأيه بالقول، إن روسيا لا تستطيع تقديم أي شيء للنظام الذي يعيش حالة من الانهيار الاقتصادي، إضافة إلى أن النظام ليست لديه موارد مالية.

وبناء عليه، وفق حمزة، تبني روسيا آمالًا على منابع النفط في المنطقة الشرقية من سوريا، كي تحصل على مصادر دخل لدعم عملية إعادة الإعمار، التي وصفها بـ”المزعومة”، كون الوضع في سوريا غير مستقر وغير آمن.

وأوضح أن إعادة الإعمار لن تبصر النور في ظل هذا الظرف، معتبرًا الحديث الروسي عنها حاليًا “مجرد حلم”.

في المقابل، ليس لدى أمريكا أي نية للخروج من المنطقة، على الرغم من أن وجودها رمزي، إذ تعتمد على “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بحسب حمزة.

وفي هذه النقطة، يرى المحلل السياسي حسن نيفي، في حديث لعنب بلدي اليوم، الأربعاء، أنه لا قدرة لروسيا على جر “قسد” إلى تفاهمات في الوقت الراهن، لأن واشنطن ما زالت هي صاحبة الكلمة على “قسد” من جهة، وكذلك هي التي تبسط سيطرتها على المنطقة الشرقية من جهة أخرى، إضافة إلى أن “قسد” تتفاوض مباشرة منذ فترة مع النظام لأنها لا تثق بوساطة الروس، وفق نيفي.

إدلب هي الهدف

يتفق المحلل محمود حمزة مع المحلل السياسي حسن نيفي، في أن الهدف الأهم لشويغو من زيارة الأسد، هو بحث ملف إدلب.

واستبعد نيفي أن يكون شويغو بحث مع الأسد ملف منطقة شرق الفرات والجزيرة السورية، على حساب ملف إدلب، لافتًا إلى أن الزيارة ذات صلة بالمساعي الروسية- التركية التي تهدف إلى صياغة اتفاق وقف إطلاق نار يحمل صفة الديمومة في إدلب.

وبرر رأيه بالقول، إن الوضع في إدلب لا يزال ساخنًا، ودليل السخونة هو استمرار الحشود التركية، وازديادها داخل الأراضي السورية، وكذلك محاولات النظام في التقدم على الأرض باستمرار.

وأضاف، “لعل الأهم من ذلك كله، هو الحشود الإيرانية في مناطق جبل الزاوية وريف سراقب، ما يوحي بقيام النظام بعمل عسكري بمؤازرة الميليشيات الطائفية في المرحلة المقبلة”.

واعتبر نيفي أن زيارة شويغو لها صلة مباشرة أيضًا بالحشود الإيرانية، واحتمال مشاركتها في معارك مقبلة.

في حين أكد حمزة، أن المساحة الأكبر من الزيارة خُصصت لبحث الملف الأكثر سخونة حاليًا في سوريا، وهو ملف إدلب، الذي شهد عدة اتفاقيات بين تركيا وروسيا من أجل فتح الطرق الدولية.

وأشار إلى أن الاتفاق الأخير الذي جرى في موسكو بين أردوغان وبوتين، في 5 من آذار الحالي، وخاصة بند الدوريات منه، يواجَه برفض من قبل بعض المدنيين.

وشكك في إمكانية تنفيذ الاتفاق، وهو ما سيستثمره النظام الذي سيبدأ بالحشد والتهديد بحجة محاربة الإرهاب، بدعم روسي، وما زيارة ممثل المؤسسة العسكرية الروسية إلى دمشق في هذا الوقت إلا تأكيد لهذه النقطة، وفق قوله.

واستبعد حمزة أن يكون شويغو ذهب إلى دمشق كي يبلغ الأسد بأن يلتزم بالاتفاق الروسي- التركي، مشيرًا إلى أن شويغو بحث إنهاء ملف إدلب ولو بعد فترة من الزمن.

وتحدث حمزة عن ظروف قد تدفع روسيا إلى تهدئة الوضع في إدلب حاليًا، منها انتشار فيروس “كورونا” والخشية على الجنود الروس من الإصابة، لأن موسكو تعلم أن المرض منتشر في سوريا والدليل فحص الوزير شويغو والطاقم معه منذ لحظة خروجه من سوريا، وفق حمزة.

وربط حمزة أيضًا بين تهدئة الوضع في إدلب وانهيار أسعار النفط بعد رفض السعودية وروسيا التوقيع على اتفاقية لخفض الإنتاج.

وانخفض سعر برميل النفط إلى 20 دولارًا، وهذا، وفق حمزة، خطير جدًا على الميزانية الروسية، التي قال إنها تحسب حسابًا لا يقل عن 40 أو 43 دولارًا للبرميل الواحد، وبالتالي ستضطر لاستخدام الاحتياطيات الموجودة عندها من العملة الصعبة، وهي محدودة وقد لاتكفي لشهر تشرين الثاني المقبل فقط، مع أن القادة الروس يقولون إنها قادرة على الاستمرار لمدة خمس سنوات.

وشدد حمزة على أن روسيا قد تدفع لتهدئة الوضع في إدلب، لكنها لن تتخلى عن الحسم العسكري هناك، فهذه قناعة راسخة لدى الروس، وفق تعبيره.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا