حسام الجبلاوي – ريف اللاذقية
يحاول نظام الأسد بعد خساراته المتلاحقة في إدلب تجميع قواته وحشد أبناء طائفته في الساحل وتسخيرهم في حربه ضد السوريين؛ وأمام حالة العصيان التي بدأ بها بعض أبناء القرى «العلوية» برفض إرسال أبنائهم إلى محافظات أخرى للقتال، وتنامي ظاهرة عودة المقاتلين من ساحات القتال إلى قراهم، يسعى الأسد اليوم إلى استرضاء هؤلاء وإقناعهم بالتطوع ضمن ميليشيا استحدثت مؤخرًا وأطلق عليها «لواء درع الساحل».
وتتبع الميليشيا الجديدة لقوات الحرس الجمهوري، وبدأت العمل بإطلاق حملة دعائية كبيرة شملت معظم قرى ومدن الساحل، ومن شعاراتها «عمتتفرج شو ناطر، كن حيث تريد ولكن تذكر التاريخ يسجل»، بالإضافة لصور نساءٍ يحملن أسلحةً نشرت في اللوحات الطرقية، داعين الشباب من خلالها إلى إثبات الرجولة وحمل السلاح.
ويسعى القائمون على حملة التجنيد إلى ضمّ نحو 10 آلاف مقاتل بين عمر 18 إلى 45 سنة، ولأجل ذلك قُدّم للمتطوعين الجدد ميزات كثيرة لإغرائهم منها راتب شهري يصل لـ 40 ألف ليرة مع إجازة 10 أيام شهريًا، ووعود بعدم القتال خارج الساحل.
كما حاول النظام جذب المتخلفين عن خدمتي الاحتياط والإلزامية، ووعد بتسوية أوضاع من وصفهم بـ «الفارين» في حال تطوعهم في هذا اللواء.
ويخشى مراقبون من الصبغة الطائفية التي يتكون منها اللواء، خاصةً مع تطوع أبناء الريف دون غيرهم وخطورة ذلك على المنطقة، وفي هذا الإطار ينقل أبو علاء، وهو متطوعٌ سابق في صفوف قوات الأسد من مدينة جبلة (رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية)، «أحاديث يومية بدأ يتردد صداها بين العلويين عن التقسيم بعد إدراكهم مؤخرًا لصعوبة الحفاظ على سوريا تحت حكم الأسد، بالإضافة إلى وصول العلويين مرحلة التمرد وعدم تقبلهم مزيدًا من الخسائر».
ويرى أبو علاء أن اللواء إلى جانب ميليشيات شيعية وصلت مؤخرًا إلى جورين واللاذقية، «ستعطي الأسد مزيدًا من الدعم البشري بعد حالة إنهاك يمرّ بها، وستزيد في الوقت نفسه من تسلط الميليشيات الخارجة عن سلطة النظام على أهالي اللاذقية التي تعاني أصلًا من التشبيح والانفلات الأمني».
في المقابل، يعزف بعض المؤيدين عن التطوع في اللواء رغم الامتيازات الكبيرة، ويعزو ناشطو اللاذقية ذلك إلى «انعدام الثقة بالنظام بعد تخليه عن المقاتلين في المعارك، والفكرة السائدة لدى أبناء المنطقة بأن شبان الساحل يدفعون ثمن الدفاع عن سوريا لوحدهم دون باقي المحافظات».
وبحسب مصادر مقربة من التشكيل، لم تتجاوز أعداد المتطوعين بعد أكثر من شهر على إعلانه ثلاثة آلاف مقاتل، رغم الحملة الدعائية الكبيرة المرافقة له ومحاولة الإيحاء بأن «الأماكن محدودة».
وتنتشر مقرات «درع الساحل» في معسكرين: الأول أقيم في قرية الصنوبر على طريق جبلة-اللاذقية، بينما يتواجد الثاني في بلدة اسطامو (شمال غرب مدينة القرداحة بنحو 20 كم)، ومن المقرر أن يخوض أفراده تدريبًا عسكريًا مكثفًا يمتد لثلاثة أشهر، وبحسب الصفحة الرسمية للفصيل فإن اللواء سيشرف بنفسه خلال الأيام المقبلة على جبهات الساحل وسيتولى قتال المعارضة متوعدًا أنصاره بـ «مفاجآت قريبة».
ويحاول نظام الأسد مؤخرًا اتباع استراتيجية جديدة وتشكيل ميليشيات منظمة في كل منطقة للدفاع عنها، مقدمًا إغراءات جديدة لأبناء هذه المناطق كالميزات المالية والخدمة ضمن مناطقهم وقد حصل ذلك في المنطقة الشمالية الشرقية، حيث أعلن عن تشكيل «لواء درع الجزيرة» في الحسكة لمواجهة الأكراد و «تنظيم الدولة « كما شكل سابقا «جيش الوفاء» في الغوطة الشرقية.