رغم إطلاق الصحافة الإنجليزية انتقاداتها النارية ضد مدرب ليفربول، يورجن كلوب، بسبب تصريحاته التي تلت هزيمة فريقه أمام أتليتكو مدريد بدوري أبطال أوروبا، وخروجه من البطولة التي حمل لقبها الموسم الماضي، نال المدرب استحسان العالم بعد ما بعثه من رسائل إنسانية حول قضية فيروس “كورونا المستجد”(كوفيد-19)، وإيقاف الدوري الإنجليزي الذي يتصدره وكان قريبًا من تحقيق إنجاز غاب عن خزينة النادي لأكثر من 30 سنة.
خسر “الريدز” لقاء العودة ضد أتلتيكو مدريد، في 11 من آذار الحالي، بثلاثة أهداف مقابل هدفين في الأشواط الإضافية، وذلك بعد تقدم حققه أبناء كلوب في الوقت الأصلي والإضافي الأول بهدفين للاشيء، قبل أن يقلب الروخي بلانكوس الطاولة بتسجيل ثلاثة أهداف متتالية.
لم يتقبل يورجن كلوب الهزيمة كما اعتادته الجماهير، منتقدًا طريقة لعب خصمه، الأرجنتيني دييغو سيميوني، المعتمدة على إغلاق المساحات والدفاع طوال 90 دقيقة، محاولًا تبرير هزيمة فريقه في المباراة.
ونشرت صحيفة “The Times” البريطانية، في 13 من آذار الحالي، مقالًا كتبه الصحفي الشهير بول جويز، تحت عنوان “بدلًا من انتقاد أتلتيكو مدريد، يمكنك أن تتعلم منه يا يورجن كلوب”، منتقدًا بشكل لاذع الألماني، ومشيدًا بالأرجنتيني.
تصريحات كلوب المستفزة لعشاق “الريدز”
في المؤتمر الصحفي الذي تبع هزيمة الأبطال، ووفقًا لما نقلته صحف رياضية مثل “As” و موقع “Sport360” قال كلوب، ”من الصعب أن تلعب ضد فريق ينتهج هذا الأسلوب، ولا أفهم كيف يلعب أتليتيكو مدريد هكذا في ظل الإمكانيات المميزة التي يملكها الفريق”.
وأضاف أنه لا يفهم السبب فعلًا، لأنه يرى لاعبين مثل كوكي ويوريني وساؤول نيجيز، بإمكانهم لعب كرة قدم مختلفة أفضل مما يفعلوه بالبقاء في الخلف وتشتيت الكرات.
كلوب مدرب ألماني من مواليد شتوتغارت 1967، وينسب له الفضل في إعادة الترويج لفلسفة الضغط العالي في كرة القدم.
وتولى تدريب ليفربول عام 2015، وتمكن خلال السنوات الخمس الماضية، من صناعة واحد من أقوى فرق أوروبا حاليًا، باعتماده على لاعبين لم تكن قيمتهم السوقية كبيرة عند تسلمه الفريق.
عملية البحث عن بديل جارية
بدأ النادي الإنجليزي ليفربول تجهيز مرحلة ما بعد كلوب، وذلك بالبحث عن خليفته المحتمل الذي بإمكانه الإبقاء على أداء الفريق الحالي على ما هو عليه، ويطوره.
ورغم أن كلوب يحظى بثقة كبيرة من إدارة النادي، بعد النجاحات التي حققها سواء على مستوى الألقاب أو الأداء، وعدم تصريحه برغبته بالرحيل، وامتلاكه عقدًا حتى عام 2024، فإن إدارة “الريدز” ترغب في مواصلة المشوار وعدم التعرض لأي انتكاسات حال رحيل المدرب الألماني.
ونقلت صحيفة “The Athletic” الأمريكية، في 17 من آذار الحالي، اقتراح الصحفي الموثوق به من ليفربول والقريب من أسوار النادي، جيمس بيرس، التي تتحدث عن ثلاثة أسماء مرشحة لتسلم المهمة الصعبة بعد ما فعله كلوب.
وجاء أسطورة ليفربول السابق، والمدرب الحالي لفريق رينجرز الاسكتلندي، ستيفن جيرارد، ضمن قائمة “الريدز”، رغم شكوك ملاك متصدر الدوري الإنجليزي حول قدرته على قيادة الفريق، لتذبذب نتائجه مع رينجرز وآخرها الخروج من كأس اسكتلندا.
أما الخياران الآخران فهما، المدرب المساعد الحالي مع كلوب، بيب ليندرز، والمدرب الشاب لنادي لايبزيج الألماني، يوليان ناغلسمان.
المدرب الهولندي صاحب الـ36 عامًا، ليندرز، يمتلك ثقة كبيرة من الجميع، وعلى دراية تامة بخفايا الأمور داخل الفريق، ويُعد شريكا أساسيًا في نجاح كلوب، بحسب ما نقلته الصحيفة.
وتُوّج ليندرز مع الفريق بثلاثة ألقاب حتى الآن، دوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
الخيار الثالث والأخير، يوليان ناغلسمان (32 عامًا)، يشكل بديلًا قويًا لخطط ليفربول خاصة أنه ينتمي لنفس مدرسة كلوب التدريبية.
ويكتب ناغلسمان التاريخ برفقة ناديه الحالي لايبزيج الألماني، بفضل تأهله لمربع نهائي دوري أبطال أوروبا من مشاركته الأولى في المسابقة، بفوزه الكبير على وصيف النسخة الماضية، توتنهام الإنجليزي، بنتيجة أربعة أهداف مقابل لاشيء في مجموع مباراتي الذهاب والإياب.
“لن تسير وحدك أبدًا“
يعتبر بعض متابعي كرة القدم أن كلوب هو أكثر المتضررين اليوم بسبب جائحة فيروس “كورونا المستجد”، بسبب إيقاف الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يقترب ليفربول من تحقيق لقبه، بإنجاز لم يدخل خزينة النادي منذ 30 سنة.
لكن إجابات كلوب عن أسئلة تتعلق بهذه القضية الناشئة جالت أرجاء العالم لتنال استحسانه.
وقال كلوب، في 13 من آذار الحالي، “أولًا وقبل كل شيء، يتعين علينا جميعًا أن نفعل كل ما في وسعنا لحماية بعضنا، يجب أن يكون هذا هو الحال طوال الوقت في الحياة كمجتمع، ولكن بهذه اللحظة أعتقد أنه مهم أكثر من أي وقت مضى”.
وتابع أنه دائمًا ما قال إن كرة القدم أهم الأشياء بالنسبة له، لكن اليوم كرة القدم ومباريات كرة القدم ليست مهمة على الإطلاق.
بالطبع، لا نريد اللعب بملعب فارغ ولا نريد تأجيل المباريات أو المسابقات، ولكن إذا كان ذلك يساعد فردًا واحدًا على البقاء بصحة جيدة، فردًا واحدً فقط، فسوف نقوم بذلك دون تردد. |
وأضاف أنه إذا كان هناك خيار بين كرة القدم وسلامة المجتمع، فلن تكون هناك أفضلية للكرة بكل تأكيد، بحسب قوله.
ودعم بذلك كلوب بشكل كامل تنفيذ قرار إيقاف الدوري، معتبرًا إياه من أجل الحفاظ على سلامة الناس، رغم عدم تحقيق إنجازه الذي انتظره هو وناديه طويلًا.
وبعث كلوب رسالة الفريق إلى المشجعين بأن يهتموا بأنفسهم فقط، وأن يضعوا الأولوية لسلامتهم وصحتهم، مذكرًا إياهم بهتاف “الريدز” الشهير “لن تسير وحدك أبدًا”.
الرسائل الكثيرة التي أوصلها كلوب من تصريحاته رغم إمكانية خسارته الدوري الذي يتصدره بفارق 25 نقطة عن أقرب منافس له في المركز الثاني، مانشستر سيتي، اجتاحت العالم ولاقت استحسان وشكر كبار شخصياته.
وبعث رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، رسالة شكر إلى الليفر ومدربه كلوب بعد التضحية الكبيرة التي قدمها الأخير خلال تصريحاته في سبيل الحد من انتشار فيروس “كورونا”.
وغرد جيبريسوس عبر حسابه في “تويتر”، قائلًا:
“شكرًا يورجن كلوب وليفربول، لرسالتكم القوية للعالم، وضع صحة الأشخاص أولاً هو الشيء الأهم وهو الأمر الذي يقلل المخاطر“. |
وبدأ مرتادو وسائل التواصل الاجتماعي عامة وعشاق الرياضة خاصة، بتناقل تصريحات كلوب، والتعليق عليها، ما زاد من شعبيته حتى عند خصومه التقليديين.
–