رجال الجمارك يتظاهرون احتجاجًا!

  • 2015/06/28
  • 6:09 م

مصطفى السيد

عشية سنة 2011 كان عناصر الجمارك على مدخل المنطقة الحرة بالبرامكة، وسط العاصمة دمشق، يركنون سياراتهم الفارهة على مدخل المنطقة الحرة، كانت سياراتهم تثير الفضول التقني للميزات التي تتوفر فيها.

وفي لقاء مع وزير المالية آنذاك، محمد الحسين، قلت له كيف تستطيع استيعاب أن عناصر الجمارك يركبون سيارات أحدث وأعلى قيمة وأكثر ميزات من سيارتك كوزير؟

حاول الحسين تمرير القصة بأن ذلك يمكن حدوثه، قلت له يومها إن بإمكانه العودة بتسجيلات كاميرات المراقبة على المدخل ليعرف أسرار شراء الجمركي الصغير لسيارة فارهة.

باختصار كان الجهاز نموذجًا لتعميق الفساد وتوليد الحرامية، لأن معظم العناصر إما مدعومون بشكل كبير، أو أنهم اشتروا الوظيفة كاستثمار في الفساد المعلن.

المدهش أن عشرات الجمركيين الجدد خرجوا بتظاهرات احتجاجية بدون تصريح في الرابع والعشرين من حزيران الجاري وهتفوا ضد رئيس حكومة الأسد وائل الحلقي، الذي فصلهم نهائيًا من وظائفهم الجمركية، وألحقهم بالخدمة الاحتياطية كجنود مقاتلين، بعد أن فقد جيش الأسد معظم قدراته على التجنيد العام،

وهذا يشير بوضوح أن الأسد فقد قدرته على تأمين القدرة البشرية الكافية لحماية كرسيه الغارق بدماء السوريين، ويعود ذلك إلى خروج معظم المناطق عن سيطرة الأسد، وكذلك محاولات بعض المناطق كالسويداء الحفاظ على أبنائها من الموت، إذ يشترط بعض زعماء الدروز أن يخدم أبناء محافظتهم في منطقتهم.

وأظهر التعامل مع تظاهرة الضابطة الجمركية التي جرت في ساحة الجمارك الخميس 25 حزيران، على بعد أمتار من أحد أهم مواقع الحرس الجمهوري قرب مبنى التلفزيون السوري، وعلى بعد أقل من 200 متر عن فرع المنطقة للأمن العسكري، أظهر تساؤلات عديدة.

إذ حظيت التظاهرة بتغطية إعلامية من صحافة «كول وشكور»، وقال أحد المحتجين إنهم طُلبوا لمهمات قتالية لصالح قطعة عسكرية وتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية في المناطق التي يهاجمها جيش الاسد.

رجال جمارك الأسد، الذين يحتلون المرتبه الثانية في الفساد بعد كبار الفاسدين، يشعرون أن الأسد لم يعد له مستقبل، لذلك هم لا يريدون أن يفقدوا حياتهم.

لماذا غض قادة الأجهزة الاستخباراتية قرب مكان التظاهرة الطرف عنها؟

يمكن القول إن سببين رئيسيين منعا رجال المخابرات من التعامل مع المظاهرة بالقتل وإطلاق النار، أولهما أن معظم رجال الجمارك من عظام رقبة النظام، وثانيهما أن رجال الجمارك اشتروا رجال الاستخبارات، أو أن قائد السرية 215 ورئيس فرع المنطقة للأمن العسكري يدركون أنهم على طريق رجال الجمارك، لأن أيام الأسد تقلصت مع تقلص الجغرافيا التي يحكمها.

مقالات متعلقة

اقتصاد

المزيد من اقتصاد