كتب آدم إنتوس في وول ستريت جورنال
قال مسؤولون أمريكيون إن وكالات المخابرات الأمريكية ترى احتمالية قوية في أن يستخدم نظام الأسد الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع، كجزء من محاولة أخيرة لحماية معاقل الحكومة السورية الرئيسية إذا حاول المقاتلون “الإسلاميون” ومعارضون آخرون مهاجمتها.
ويمعن المحللون وصناع السياسة النظر في المعلومات المتاحة على أمل تحديد أنواع الأسلحة الكيميائية التي يمكن للنظام أن يستخدمها، بالإضافة إلى النتائج التي تصدر عنها، وفقًا لمسؤولين مطلعين في هذا الشأن.
في العام الماضي، سمح الرئيس السوري بشار الأسد للمفتشين الدوليين بالإشراف على نزع ما وصفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالأسلحة الكيميائية الأكثر فتكًا للنظام، وجنّبت هذه الصفقة الضربات الجوية الأمريكية التي كانت من شأنها أن تكون انتقامًا بعد الهجوم بغاز السارين في 21 آب 2013، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص.
ومنذ ذلك الحين قال مسؤولون أمريكيون إن نظام الأسد نشر نوعًا جديدًا من القنابل الكيميائية المحملة بغاز الكلور، وقرر استخدامها على نطاق واسع في مناطق سيطرته.
الأسد يُخفي احتياطيًا من المواد الكيميائية
ويشتبه المسؤولون بأن النظام أخفى احتياطيًا صغيرًا من المواد الكيميائية الخام التي يُصّنع منها غاز الأعصاب السارين وVX، ويثير استخدام تلك المواد الكيميائية مخاوف دولية أكبر لأنها أكثر فتكًا من الكلور وكان من المفترض التخلص منها.
من جهته صرح مسؤول كبير في الولايات المتحدة أن وكالة الاستخبارات الأمريكية “تأخذ الأمر على محمل الجد لأنه يزيد من التهور”، بسبب شكوكها فيما إذا كان الأسد سلم جميع أسلحته الكيميائية القاتلة.
ولم يستجب مسؤولون سوريون في دمشق ونيويورك لطلبات نزع الأسلحة المتكررة ولم يعلقوا عليها، في الوقت الذي نفى النظام السوري استخدامه لأي نوع من الأسلحة الكيميائية، في ظل الشكوك والمزاعم التي أعربت عنها الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى.
إن أي استخدام للأسلحة الكيميائية على نطاق واسع يؤدي إلى تفاقم المعضلة حول تمثيل إدارة أوباما في الصراع السوري، وكان الرئيس أوباما دعا الأسد إلى التنحي منذ فترة طويلة نظرًا لسياسته القمعية الوحشية ضد جماعات المعارضة ما أدى إلى شمل الجميع في “الحرب الأهلية”.
لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنهم لا يريدون للأسد أن يذهب، لأن ذلك سيخلق فراغًا أمنيًا في المناطق التي يسيطر عليها النظام، ما يسمح للمقاتلين السنة التابعين لتنظيم “الدولة الإسلامية”، أو جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة بالاستيلاء على مزيد من الأراضي، كما أنهم قلقون من أن تقع الأسلحة الكيميائية بين أيديهم.
ويشير تحليل لمعلومات استخباراتية جديدة أن الأسد يمكن أن يستخدم تلك المواد الكيميائية كسلاح أخير لحماية معاقله الرئيسية، عندما يشعر أنه لا يملك طريقة أخرى للدفاع عن المعاقل الرئيسية التي يحتمي فيها أنصاره الأكثر ثقة وهم العلويون.
ويؤكد التحليل ما وصفه مسؤولون أمريكيون بـ “تزايد علامات اليأس لنظام الأسد في ساحة المعركة”.
ويتنافس مقاتلو “الدولة الإسلامية” وقوات المعارضة، بعضهم من المنتمين للقاعدة وآخرون من الفصائل المدعومة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية للسيطرة على الأراضي الخاضعة للنظام، تاركين القواعد العسكرية الهامة وخطوط الإمداد غير المحصنة لا سيما شمال شرق البلاد وجنوبها.
وبدا ضعف النظام واضحًا خلال الهزائم الأخيرة شمال غرب محافظة إدلب، وفي مدينة تدمر التي انسحبت منها قواته بسرعة دون أن تخوض معركة طويلة، وفقًا لقادة في المعارضة ومسؤولين أمريكيين.
ويتحكم النظام بنحو ربع البلاد فقط، بينما تسيطر “الدولة الإسلامية” ومختلف فصائل المعارضة بالإضافة إلى المجموعات الكردية على البقية، وفقًا لدبلوماسيين ومجموعات الرصد.
وقال مسؤولون أمريكيون إن سيناريو أسوأ الحالات هو صراع مفتوح بين المقاتلين السنة “المتشددين”، والمجتمعات التي يهيمن عليها العلويون في الساحل، المعقل التقليدي للأقلية الدينية التي ينتمي إليها الأسد والمقربون منه.
مخاوف من استخدام السارين وغاز VX
في آب 2013، وبعد الهجوم الكبير بغار السارين، هدد أوباما بشن ضربات جوية ضد النظام متهمًا إياه بتجاوز “الخط الأحمر”، بعد استخدامه للأسلحة الكيميائية المحظورة دوليًا، وبدلًا من ذلك سعت روسيا لتطبيق اتفاق دولي يقضي بموجبه بتخلي الأسد عن ترسانته الكيميائية، وبذلك أعطى هذا الاتفاق الرئيس أوباما حلًا دبلوماسيًا لتجنب العمل العسكري.
لم تكن الاستخبارات الأمريكية متأكدة من أنواع الأسلحة الكيميائية التي يمكن للأسد استخدامها. وفي وقت سابق من هذا العام وسع النظام عملياته باستخدام البراميل المحملة بالكلور السام، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، الذين قالوا إنه في الأسابيع الأخيرة انخفض عدد هذه الهجمات.
وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الأكثر مدعاة للقلق، هو احتمال استخدام الأسد للمخزون السري من غاز السارين و VX، في محاولة لإعادة تكوين عناصر برنامج أسلحته الكيميائية.
بدوره قال هاميش دي بريتون غوردون، وهو القائد السابق لوحدة الأسلحة الكيميائية في الجيش البريطاني، “حتى لو أخفى النظام طنًا واحدًا من غاز VX، فهذا من شأنه أن يكون كافيًا لقتل الآلاف من الناس”.
وكالة المخابرات الأمريكية لديها سجل غير دقيق ومشوش للتنبؤ بالتطورات في سوريا، فعندما دعا أوباما الأسد للتنحي أول مرة عام 2012، اعتقدت وكالات المخابرات أن أيامه معدودة، ولكن قوات الأسد وبمساعدة حلفائها من النظام الإيراني وحزب الله وروسيا تمكنت من استعادة ما فقدت السيطرة عليه وتدعيم قبضتها على المناطق الرئيسية في البلاد.
ولكن هذه المرة، تبدو المخابرات الأمريكية غير متأكدة من سيناريو مماثل يسمح بإنقاذ الأسد الذي يبدو محاصرًا وتعيش قواته تحت ضغط غير مسبوق.
نُشر في 28 حزيران، وترجمته عنب بلدي، لقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضغط هنا.
–