الشوط الأول بين “كورونا” والحياة

  • 2020/03/22
  • 12:30 م

صورة تعبيرية عن توقف منافسات كرة القدم (ملعب أولد ترافورد- رويترز)

عروة قنواتي

لعل إطلاق تسمية “مباراة” على ما جرى ويجري وسيجري في العالم بين فيروس “كورونا” (كوفيد-19) ومرافق الحياة فيه شيء من الظلم، ولربما كانت كلمة “صراع” أو “اعتداء” تشرح الموقف وتدخل في منطق الأمور أكثر، فلا أحد منا بأي مجال طرق باب هذا الفيروس رغبة منه في تجميد وشل حركة الحياة كما يحدث الآن، ولا يبحث عاقل عن هذا الصراع بأثمانه الباهظة.

إلا أن المصاب قد وقع، ودخلت البشرية كلها تقريبًا في حسابات الخطر والاحتياط والاحتراز والحجر الصحي الوقائي في أسوأ حالة طارئة يمكن أن يفكر بها الإنسان في عالمنا الحديث. إصابات لكوادر الدول العليا والمتوسطة مع الشعوب، التجار ورجال الأعمال ونجوم السينما والقيادات العسكرية والسياسية، مباراة لا تستثني أحدًا إن صادفته على ما يبدو، وما زالت مستمرة.

أغلق “كورونا” أكبر تجمعات الدول من دور العبادة وملاعب الرياضة، وعلى رأسها ملاعب كرة القدم، وأنهى مؤقتًا عصب المسارح ودور السينما والشعر والمنتزهات والمطارات، وأرغم الدول، على اختلاف تصنيفاتها، على إغلاق معابرها البرية والبحرية والجوية، مع فرض حظر للتجوال في أغلب البلاد التي انتشر فيها الوباء، وبات من الضروري مكافحته بكل السبل التي تستدعي إعادة الناس إلى بيوتها لأيام، ولربما أسابيع، فمن يدري؟

في هذا الزمن توقفت الرياضة وكرة القدم، ورحلت المسابقات الدولية المهمة التي نعد الساعات للاقتراب من بدايتها والاستمتاع بحضور نجوم العالم فيها، كبطولتي كأس الأمم الأوروبية وكوبا أمريكا، وكلتاهما كانتا خلال العام الحالي، ولربما في الساعات المقبلة يؤجل أولمبياد طوكيو 2020، عدا عن تأجيل مسابقات الدوري في أكبر بطولات العالم ودوري أبطال أوروبا واليوربا ليغ وليبرتادوريس ودوري أبطال آسيا لأسابيع، بل ربما لأشهر كما هو متوقع، كما يتصدر عنوان “حتى إشعار آخر” بعض المسابقات العالمية الرياضية غير كرة القدم.

نراقب كلنا على مدار اليوم أخبارًا وإشاعات عن صحة اللاعبين في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وإنجلترا، ورسائلهم إلى الجماهير التي أحبتهم وشجعتهم في كل الميادين بأن “اتخذوا احتياطاتكم وعودوا إلى منازلكم كما نفعل نحن”. نقرأ عن خسائر بمئات الملايين لتوقف البث التلفزيوني وحجوزات المباريات وعقود اللاعبين وتمديدها واستضافة البطولات الرسمية، ولائحة طويلة ومخيفة من الخسائر في هذا الصراع المستمر تؤكد الانهيار الاقتصادي في قطاع كرة القدم حول العالم، وما زال أمامنا شهر آخر بحسب التوقعات لتوفر إمكانية حصر الفيروس والقضاء عليه.

فعلًا “كورونا” لا يبحث عن الرئة في أجسادنا ليهدد الأنفاس ويثقلها تمهيدًا للقضاء عليها وحسب، بل استطاع تخدير النّفَس المعنوي لنا، وشل حركة البطولات الرياضية الكروية، هذه البطولات التي كانت وما زالت متنفسًا لشعوب العالم المسحوقة والديمقراطية، وعلى مدار الساعة، وكيفما كانت النكبة أو الفرحة. نعم “كورونا” استطاع تخدير جهازنا التنفسي ونبضات القلوب ونشوة الأرواح، وحتى الأصوات العالية التي تفرح لهدف وتشتم لفرصة ضائعة توقفت عن العمل.

في صراع الفيروس مع آمالنا المتدفقة كل لحظة لعودة الحياة إلى طبيعتها، لا أجد كما غيري إلا أن نرفع القبعات لنحيي طواقم الإسعاف والطواقم الطبية في دول العالم، التي تقوم بكل ما يمكن وبكل قواها، وتدفع أحيانًا فاتورة الرحيل والموت لأجل إسعاف المصابين والتعامل مع حجرهم وإمكانية الشفاء والعلاج.

مع الأمنيات بالسلامة والصحة والعافية للجميع.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي