عام على الأفول.. بين الإعلان عن هزيمة “التنظيم” والتحذير من عودته
عنب بلدي – تيم الحاج
في مثل هذه الأيام قبل عام من الآن، وقف القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، إلى جانب السفير الأمريكي السابق، وليام روباك، في حقل “العمر” النفطي بريف دير الزور الشرقي، ليعلن هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” في آخر موقع له بسوريا.
جاء ذلك الإعلان بعد نحو ستة أشهر من القتال بين الطرفين، منها أكثر من شهر في بقعة صغيرة في شرقي سوريا تسمى مخيم “الباغوز”، حيث أظهر التنظيم فيها شراسة في الدفاع، استدعت تدخلًا مكثفًا جويًا وبريًا (على غير العادة) من التحالف الدولي.
ورقة رابحة
لم تخفِ “قسد” في بيان انتصارها بقاء عناصر من “التنظيم” على شكل خلايا نائمة، وقالت إنها تتحصن في مناطق نائية بالصحراء السورية، وفي مدن عراقية، مشيرة إلى إمكانية شن هذه الخلايا هجمات كلما سنحت الفرصة.
وقد يعني انتهاء محاربة التنظيم، انتفاء السبب الذي شُكلت من أجله “قسد”، ما سيعني بالضرورة انتهاء عملها، وبناء عليه أعلنت “قسد” في بيانها أنها ستتحول من قوة عسكرية إلى قوة أمنية لمواجهة هذه الهجمات.
بالإضافة إلى أن امتلاكها ورقة محاربة خلايا التنظيم سيقوي موقفها بوجه احتمالات تقديمها كـ”قربان” للتفاهمات السياسية بين القوى المتصارعة في سوريا (تركيا، أمريكا، روسيا)، كما حدث في معركة “شرق الفرات” التركية، حين هددت “قسد” بإطلاق سراح معتقلي التنظيم لديها، والكف عن محاربة خلاياه، بعد أن شهدت الضوء الأخضر الأمريكي يعطى لتركيا مطلع تشرين الأول 2019، وهو ما سمح لأنقرة، بحسب وجهة نظر “قسد”، بالتوغل في منطقة “شرق الفرات”.
إلا أن “قسد” تراجعت عن تهديداتها، وأرسل عبدي رسالة إلى نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، أكد فيها مواصلة تعاونه مع الولايات المتحدة ضد تنظيم “الدولة”.
عودة متوقعة
لعل معظم التحليلات التي كانت تخرج من مراكز الأبحاث وعن المحللين بعد معركة “الباغوز”، كانت تؤكد على أن التنظيم سيعود ضمن مجموعات صغيرة تعمل بشكل منفرد في الجغرافيا السورية والعراقية، وهي استراتيجية قديمة للتنظيم، اعتمدها لسنوات في بداياته.
وعلى الرغم من تلقيه ضربات واسعة في سوريا والعراق حدت من قدراته، أظهرت الوقائع على الأرض بعد أشهر قليلة على إنهاء وجوده، قيام عناصر التنظيم بشن عمليات اغتيال بحق عناصر من “قسد” وقوات النظام السوري، في دير الزور والرقة والحسكة، ومؤخرًا في الجنوب السوري، إضافة إلى العمليات التي يقوم بها في العراق.
وتأخذ هذه الهجمات طابع المباغتة، إذ يظهر عناصر التنظيم فجأة أمام الهدف الذي يريدون التعامل معه، ثم ينسحبون من المكان بعد تنفيذ المهمة، وكأنهم لم يظهروا.
مقتل البغدادي.. اتساع وتكثيف
أخذت عمليات تنظيم “الدولة” شكلًا آخر بعد مقتل زعيمه “أبو بكر الغدادي”، نهاية تشرين الأول 2019، بغارة أمريكية استهدفته شمال غربي سوريا.
وعاد التنظيم بزخم أكبر عبر مجموعة من الهجمات في سوريا والعراق وإفريقيا واليمن، أطلق عليها اسم “غزوة الثأر لمقتل الشيخين”، في إشارة لزعيمه السابق “أبو بكر البغدادي” والمتحدث السابق باسم التنظيم “أبو الحسن المهاجر”.
وتزامنت هذه الهجمات مع إعلان التنظيم تنصيب “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”، زعيمًا جديدًا خلفًا للبغدادي، بحسب بيان رسمي للتنظيم، في 31 من تشرين الأول 2019.
لا يمكن حصر عدد العمليات التي شنها التنظيم في سوريا منذ إعلان هزيمته، إلا أنه بات يصدر بها بيانات في الأشهر الأخيرة عبر مجلة “النبأ” التابعة له، إذ تصدر عددًا أسبوعيًا يحصي الهجمات التي ينفذها التنظيم في مناطق انتشاره، إضافة إلى عدد من يتمكن من قتلهم.
وتلفت صفحات الأخبار المحلية في سوريا، إلى أن عمليات التنظيم ازدادت في الآونة الأخيرة ضد مواقع وعناصر من “قسد” والنظام السوري، وحتى ضد قواعد التحالف الدولي في ريف دير الزور.
عودة أمريكية.. حملات أمنية
استدعت عودة هجمات التنظيم في ريف دير الزور، تكثيف قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عملياتها الأمنية مع “قسد” للكشف عن عناصر خلايا التنظيم واعتقالهم.
وأعلنت واشنطن إعادة تفعيل وتكثيف عملياتها العسكرية ضد الإرهاب في سوريا، بعد توقف مؤقت، وفق صحيفة “واشنطن بوست“.
وأضافت الصحيفة، في 26 من كانون الثاني الماضي، أن قائد القيادة المركزية، الجنرال كينيث ماكنزي، قال إن عمليات مكافحة الإرهاب في سوريا عادت وتيرتها إلى وضعها السابق، مشيرًا إلى أن قواته تجري عمليات مشتركة مع “قسد” باستمرار.
وأضاف ماكنزي أن القوات الأمريكية تجري في الفترة الراهنة، من ثلاث إلى أربع عمليات مشتركة مع “قسد” كل أسبوع ضد عناصر تنظيم “الدولة”.
وتتزامن العمليات الأمنية الأمريكية ضد تنظيم “الدولة” مع إرسال معدات عسكرية نوعية إلى شمال شرقي سوريا، بحسب ما قاله الموقع الرسمي لـ“قسد”، في 11 من آذار الحالي، موضحًا أن الغرض من هذه التعزيزات، المكونة من أسلحة مدفعية ثقيلة، هو حماية القواعد العسكرية، ودعم العمليات المشتركة في محاربة تنظيم “الدولة”.
وأشار الموقع إلى أن هذه الأسلحة لديها القدرة على تدمير أهداف بعيدة المدى بدقة عالية.
وبحسب خريطة السيطرة الميدانية في سوريا، يتحصن التنظيم حاليًا في جيب يمتد بين محافظتي حمص ودير الزور، من أطراف منطقة السخنة حتى حدود مدينتي البوكمال والميادين في دير الزور.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :