سارعت بلدية مدينة عرسال على الحدود السورية- اللبنانية لاتخاذ إجراءات احترازية تخوفًا من انتشار فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد- 19)، تزامنًا مع الكشف عن أولى حالات الإصابة بالفيروس في لبنان.
ولعرسال خصوصية في المنطقة الواقعة شرقي لبنان، إذ يوجد خوف من تسلل الفيروس إلى قاطني مخيمات السوريين في المنطقة التي تجاوز عددها 135 مخيمًا، يضم كل منها بين 50 و100 خيمة، فيما تضم البلدة نحو 2500 منزل يقطنها سوريون، بحسب مسؤول في لجنة التنسيق والمتابعة الخاصة بمخيمات المنطقة (تحفظ على نشر اسمه)، في حديث سابق لعنب بلدي، والذي قدر أعداد اللاجئين السوريين في البلدة بنحو 75 ألف لاجئ.
تواصلت بلدية عرسال مع مندوبي المخيمات ولجان التنسيق والناشطين، وأبلغتهم بعدة قرارات على رأسها وضع البلدة في حجر صحي، وبفحص الداخل والخارج من القرية لمدة 14 يومًا للتأكد من وجود من إصابات، وأشارت الفحوصات الطبية حتى لحظة إعداد الخبر إلى خلو البلدة من أي إصابات.
لكن الإجراءات بعد نحو عشرة أيام من الحجر تزداد تشددًا، حسب ما أكده عدد من أهالي البلدة تواصلت معهم عنب بلدي.
تضمنت الإجراءات عدم التجول إلا للضرورة وإغلاق المحلات عدا محلات التغذية والمخابز، وفرضت ضرائب على المخالفين، بعد مرحلة أولى لم تطبق فيها الضرائب.
وأجريت في المخيمات حملات توعية (الأعراض، الوقاية، الحجر، تعريف بالفيروس) من قبل كوادر البلدية واللجان الشعبية وناشطين.
كما أوقفت المنظمات دخول وخروج كوادرها واكتفت بالتواصل عن بعد، فيما استمرت المنظمات التي تقدم مساعدات خدمية.
مطالبات محلية
وطالبت اللجان المحلية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “UNHCR” بزيادة المساعدات المالية للنازحين في عرسال، كحالة طوارئ تستلزم ذلك، لأن الوضع المعيشي صعب والمساعدات مطلوبة لضمان استمرار الحجر الصحي في بلدة تعاني أصلًا من نقص في المساعدات وفرص العمل.
لكن لم يأت رفض أو قبول لهذا المطلب، بحسب ما قاله الناشط الإغاثي، المعروف في البلدة باسم “أبو فارس”، لعنب بلدي.
كما طالبت اللجان المحلية بمواد تعقيم ولم تزود بها بعد، لكن البلدية أجرت حملة تعقيم توقفت جزئيًا بسبب التغيرات الجوية الأخيرة، على أن تستمر في وقت لاحق.
وضع طبي متراجع ينذر بخطورة التفشي
إن نتائج انتشار المرض في عرسال كارثية بسبب الضغط السكاني الكبير، ولن تستطيع المراكز الطبية استيعاب الموضوع، فهي غير مجهزة لاستيعاب حالات طوارئ.
وينقص مشافي البلدة أدوية الضغط والقلب والأمراض المزمنة والأمراض المعدية السارية، ومع توفر هذه الأدوية في الصيدليات اللبنانية، تباع بسعر مرتفع في عرسال، لتشكل عبئًا ماديًا لا يستطيع اللاجئ السوري تحمله، حسب الطبيب أحمد خلوف في حديث سايق لعنب بلدي.
إضافةً إلى غياب الدعم الصحي عن المشافي السورية في عرسال، إذ تغطي منظمة “الصليب الأحمر الدولي” 15% من حاجات مشفى “الهيئة الطبية” في البلدة، ويعتمد المشفى على الرسوم “الرمزية” التي يحصلها من المراجعين السوريين.
ويدفع المريض السوري ثلاثة آلاف ليرة لبنانية أي ما يعادل دولارين كرسم رمزي للمعاينة الطبية، لكنه يعاني عند شراء الدواء الموصوف له، بسبب عدم توفره.
ويبلغ عدد النقاط الطبية المتوفرة في عرسال ثماني نقاط فقط، في حين تستقبل خمس منها اللاجئين السورين، وهي مشفى “الهيئة الطبية” ومستوصف “نيو عرسال” ومشفى “الرحمة” ومركز “الآمال” ومستوصف “الكرفانات” بالإضافة إلى مستوصفات تابعة لمنظمة “أطباء بلا حدود”، أقرب في عملها إلى المشافي الميدانية.
نفي أممي لوجود الفيروس في مخيمات اللاجئين
أكدت “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” خلو مخيمات اللاجئين في لبنان من أي إصابات بفيروس كورونا.
وجاء في بيان، أصدرته مسؤولة العلاقات الخارجية بالمفوضية، ليزا أبو خالد، أمس، السبت 21 من آذار، أنه “إلى الآن لم نسجل أي إصابة بين اللاجئين بفيروس كورونا المستجد”.
وأشارت أبو خالد إلى أن المفوضية عملت على تكثيف التدابير الوقائية وإجراءات الاستجابة مؤخرًا، في مسعى لحماية صحة اللاجئين، والطواقم العاملة في المجال الإنساني بعموم لبنان، وذلك على الرغم من عدم تسجيل أي إصابات.
ولفتت في بيانها إلى أن العمل جارٍ في الوقت الحالي على تطوير إجراءات العزل بين اللاجئين، تحسبًا لظهور أي إصابات بالفيروس مستقبلًا سواء في مخيمات اللاجئين أو بأماكن وجودهم الأخرى.