عنب بلدي – حمص
رغم قبول وزارة التربية في حكومة النظام السوري، جميع الخريجين المتقدمين لمسابقة الوكلاء كمدرّسين من الفئة الثانية، ضغطت عليهم بشروط اعتبروها “تعجيزية”.
أصدرت وزارة التربية نتائج مسابقة ثبيت الوكلاء، في 18 من آذار الحالي، الهادفة لانتقاء 15 ألف معلم ومعلمة من الفئة الثانية، ممن مارسوا مهنة التعليم بالوكالة لمدة لا تقل عن 500 يوم في مدارس الحلقة الأولى من التعليم الأساسي لدى مديريات التربية كافة، التي توزع مناصفة 50% بين ذوي القتلى والمصابين بحالة العجز التام، وبقية المتقدمين.
وخرجت النتائج بتعيين كامل المتقدمين بعد دراسة “عميقة”، بحسب الوزارة، لكنّ كثيرًا منهم كانوا ضحية عدم طرح مسابقات تنصفهم في العمل الوظيفي، وذلك لأن الفرص القليلة أجبرتهم على التقدم إلى التعيين كمعلمين من الفئة الثانية بشكل دائم، رغم امتلاكهم مؤهلات الفئة الأولى.
وبلغ عدد المقبولين للتعيين 15 ألفًا و308 متقدمين، منهم 322 من ذوي القتلى وذوي المصابين بحالة العجز التام.
يُشترط للتعيين في وظائف الفئة الأولى أن يكون المرشح حائزًا على شهادة جامعية صادرة عن إحدى جامعات الجمهورية العربية السورية أو ما يعادلها (إجازة، دبلوم تأهيل تربوي، دبلوم دراسات عليا، ماجستير، دكتوراه)، ويحصلون على راتب أعلى.
بينما يُشترط للتعيين في وظائف الفئة الثانية أن يكون المرشح حائزًا على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها، بمختلف فروعها، أو أي شهادة مدرسة أو معهد، أو ما يعادلها. |
عنب بلدي رصدت تقدم خريجي جامعات في حمص وريفها، إلى الوكالات التعليمية التي حققوا شروطها، وذلك لعدم قدرتهم على إيجاد عمل في مجالاتهم، إذ شهدت المسابقة طرح عدد كبير من الشواغر في الفئة الثانية، مقابل مسابقة الفئة الأولى التي كانت شواغرها محدودة جدًا.
وبلغ عدد المعينين في تربية حمص ألفين و80 معلمًا، حصة 390 منهم في ريف حمص الشمالي لمجمع الرستن التربوي، بينهم 16 من الذكور والبقية من الإناث، وحصة مجمع تلدو التربوي في سهل الحولة 65 مدرسًا.
شرط عدم تعديل الوضع
بعد طرح المسابقة، كان أول شرط وضعته “التربية” عدم تحسين وضعهم تحت أي ظرف من الظروف، كونهم معلمين من الفئة الثانية بغض النظر عن مؤهلاتهم.
نسرين، خريجة أدب عربي، ومدرّسة فئة ثانية في ريف حمص الشمالي اضطرت للتقدم لمسابقة الوكلاء، كما وقّعت على ورقة حكمت عليها أنها معلمة فئة ثانية بشكل غير قابل للتعديل.
تقول نسرين (تحفظت على نشر اسمها الكامل) إنها تدرّس بوكالات منذ ثماني سنوات، وعندما أتيحت لها فرصة التثبيت، لم تستطع التفريط بها من أجل أن تصبح من الفئة الأولى يومًا ما.
وصدرت مسابقة معلمي الفئة الأولى بستة شواغر فقط، بالمجمع التربوي في الرستن، وكان عدد المتقدمين 48 معلمًا، بحسب نسرين، معتبرة أن من تقدموا لهذه المسابقة هم الذين لم يحققوا شرط مسابقة الوكلاء، وهو تحقيق 500 يوم تدريسي، بينما عدد كبير من الناجحين بمسابقة الوكلاء حققوا ضعف هذا الرقم.
معظم المقبولين دون راتب تقاعدي
رغم اعتبار مسابقة الوكلاء من أكبر المسابقات التي طرحتها حكومة النظام منذ عام 2011، فإنها من أكثر المسابقات التي حُرم الناجحون فيها من حقوقهم.
فرغم التعامل مع الجامعيين كمعلمي فئة ثانية، لن يحققوا أيضًا شرط الحصول على الراتب التقاعدي وفقًا للأنظمة المعمول بها، التي تشترط تجاوز عدد سنوات الخدمة 25 عامًا، ويمنع الموظف من البقاء في وظيفته بعد عمر 60 عامًا.
سمية من سكان كفرلاها في سهل الحولة، تقول لعنب بلدي، إنها أمضت عمرها في تدريس الوكالات براتب 17 ألف ليرة سورية، وهذه السنة ارتفع راتبها ليصبح 37 ألفًا، واضطرت للتقدم لمسابقة الوكلاء لأنها الأوفر من حيث الشواغر، وبعد نجاحها حُرمت من الراتب التقاعدي لأنها ستتم الـ60 سنة من عمرها قبل أن تخدم 25 سنة، وستخرج من الخدمة الوظيفية بتعويض صغير فقط.
خريجة كلية الرياضيات، سمية، تعتبر أن المسابقة التي رضيت بموجبها أن تكون فئة ثانية، ظلمتها بسبب تأخرها لدرجة كبيرة.
“رضينا بالبين والبين ما رضي فينا”
تُخضع وزارة التربية الناجحين في المسابقة إلى دورة تأهيل، من أجل تثبيتهم في المدارس العام الدراسي المقبل، وفي حال عدم الالتزام بالدورة وبرامجها يفقد الناجح حقه في التعيين حتى وإن كان من خريجي الجامعة.
نورس من سكان مدينة الرستن، أحد المقبولين بموجب المسابقة، اعتبر الأمر مطابقًا للمثل الشعبي، “رضينا بالبين والبين ما رضي فينا”، إذ من المفترض أن يكون فئة أولى، كعدد كبير من أمثاله ممن لديهم “دبلوم” تأهيل تربوي، بحسب تعبيره.
وعند اعتراض نورس ومن معه من الجامعيين بتقديم ورقة إلى التربية تُثبت عدم الحاجة لحضور هذه الدورة مجددًا، رُفض طلبهم بشكل قطعي لأنهم “بحكم الوكلاء بصرف النظر عن المؤهل العلمي”.
المضحك، بحسب نورس، أنه في حال وافقت التربية على استثنائهم من الدورة لن تكون هناك دورة أساسًا، لأن الخريجين هم أغلب الناجحين في المسابقة.