نازحون يرفضون العودة إلى منازلهم
إدلب تسير وفق السيناريو الروسي- التركي
عنب بلدي – تيم الحاج
يسير الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار في إدلب، الموقع في موسكو، على خطى ثابتة وفق تأكيد مسؤولي روسيا وتركيا، مهندسي هذا الاتفاق.
وعلى الرغم من اتفاقهما على تفاصيل تطبيق كامل بنوده في جولة جرى انعقادها في أنقرة مؤخرًا، إلا أن فتح طريق “M4” الذي يعد أهم بنود اتفاق موسكو يصطدم برفض المدنيين، إضافة إلى امتناع النازحين في الخيام المنتشرة في الشمال السوري عن العودة إلى مناطقهم التي أخرجهم منها قصف روسيا والنظام، في مدن وبلدات حلب وإدلب وحماة.
وقعت وزارتا الدفاع التركية والروسية، في 13 من آذار الحالي، على نص اتفاق موسكو المتعلق بإدلب، وبحسب وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، فإن أولى خطوات الاتفاق ستنفذ من خلال تنظيم دورية مشتركة على طريق “M4″، في 15 من آذار الحالي.
كما اتفقت الوزارتان على إنشاء مراكز تنسيق مشتركة يتم من خلالها إدارة العمليات المشتركة في إدلب.
واعتبر آكار أن الدوريات المشتركة على الطريق الدولي ستسهم في ترسيخ دائم لوقف إطلاق النار، وهو هدف تركيا، مشيرًا إلى أن الروس أظهروا موقفًا بنّاء بهذا الخصوص.
في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن أول دورية روسية- تركية مشتركة على طريق “M4” ستبدأ في الوقت المحدد لها.
واعتبرت الوزراة أن النتائج التي وصلت إليها المباحثات مع نظيرتها التركية في أنقرة تسمح بتنفيذ جميع بنود اتفاق إدلب الذي تم التوصل إليه في 5 من آذار الحالي.
نص الاتفاق
بعد ساعات طويلة من المباحثات في موسكو جاءت بعد أجواء مشحونة وحشود عسكرية على الأرض وفي البحر ومهلة لقوات النظام السوري بالانسحاب إلى حدود اتفاق “سوتشي”، اتفق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في 5 من آذار الحالي، على وقف إطلاق النار في إدلب على خط التماس الذي أُنشئ وفقًا لمناطق “خفض التصعيد”، وإنشاء ممر آمن بطول ستة كيلومترات إلى الشمال والجنوب من طريق “M4” في سوريا.
إضافة إلى العمل على توفير حماية شاملة لكل السوريين وإعادة النازحين، وتسيير دوريات تركية وروسية، ستنطلق في 15 من آذار الحالي، على امتداد طريق حلب- اللاذقية (M4) بين منطقتي ترنبة غرب سراقب، وعين الحور بريف إدلب الغربي.
ووفر الاتفاق فرصة لقوات النظام كي تثبّت مواقع تقدمها في أرياف حلب وإدلب، بعد أن كان أردوغان صرح مرارًا بأن تركيا تريد تراجع قوات النظام السوري إلى خلف نقاط المراقبة التركية والانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها.
ولم يتطرق الاتفاق إلى مصير النقاط التركية التي يحاصرها النظام السوري بعد تقدمه في المنطقة.
ومن أهم المناطق التي سيطر عليها النظام السوري ولم ينسحب منها، وفق الاتفاق الحالي، خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي.
لا تشغيل لـ”M4″
شهدت الأيام التي تلت توقيع اتفاق موسكو، خروج مظاهرات ووقفات احتجاجية في المناطق المتبقية بيد فصائل المعارضة بريف إدلب، رفضًا لبند إعادة تشغيل الطريق الدولي “M4”.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تسجيلات مصورة تظهر وقوف عشرات المدنيين وهم يقطعون الطريق الدولي “M4”.
وأكدوا أنهم لن يسمحوا لقوات النظام والقوات الروسية باستخدام هذا الطريق، معتبرين أن بنود اتفاق إدلب الموقّع في موسكو غير منصفة، ووجهوا رسائل لفصائل المعارضة كي لا تتعاون مع الجانب التركي والروسي في فتح الطريق.
وفي 14 من آذار الحالي، أي قبل يوم من موعد بدء تسيير أول دورية مشتركة روسية- تركية على طريق “M4″، بدأ عشرات المدنيين اعتصامًا مفتوحًا على الطريق بالقرب من مدينة أريحا الواقعة على الطريق، حيث أحرق المعتصمون الإطارات ونادوا برفض تسيير الدوريات الروسية على الطريق.
ووسط هذه الأجواء، حاولت دورية عسكرية تركية التوجه إلى مكان الاعتصام على طريق “M4” لفضه إلا أنها عادت أدراجها بعد أن واجهها المعتصمون بالرفض.
نازحون يرفضون العودة
ولعل من أهم بنود اتفاق موسكو الذي يرفض المدنيون أيضًا تطبيقه، هو عودة النازحين إلى مدنهم وبلداتهم.
وتقول شريحة من النازحين من أرياف إدلب وحلب في استطلاع أجرته عنب بلدي، إنهم لن يتخذوا قرار العودة قبل انسحاب قوات النظام من قراهم وبلداتهم.
واعتبروا أنه لا ضمانات على حياتهم في حال عادوا إلى المناطق التي ينتشر فيها النظام وروسيا.
وأكد مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، في حديث لعنب بلدي، أنهم لم يسجلوا عودة أي نازح من المخيمات المنتشرة في الشمال السوري إلى المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخرًا في إدلب وحلب وحماة.
ولفت حلاج إلى أن النازحين فضلوا البقاء في المخيمات التي تعاني ظروفًا إنسانية قاسية، على العودة إلى مناطقهم التي سيطرت عليها قوات النظام.
وأوضح أن النازحين يخشون من عمليات الانتقام والاعتقال كما جرى مع بعض المدنيين الذين بقوا في منازلهم وقامت قوات النظام بقتلهم أو اعتقالهم في ريف إدلب وحلب مؤخرَا، وفق قوله.
وقالت منظمة الأمم المتحدة، إنه بالرغم من تقلص العنف في محافظة إدلب شمال غربي سوريا عقب الاتفاق الروسي- التركي لوقف إطلاق النار، لم تصبح المنطقة مكانًا آمنًا.
وخلال مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، جينس لارك، في 13 من آذار الحالي، قال إن الاحتياجات الإنسانية في هذه المناطق (إدلب) حادة، لافتًا إلى أن نحو 327 ألف مدني من بين 960 ألفًا نزحوا من إدلب، يعيشون حاليًا في المخيمات، بينما يقطن حوالي 165 ألفًا منازل أو مباني غير مكتملة.
كما بيّن أن 366 ألف نازح يعيشون في منازل مستأجرة أو مع عائلات مضيفة، بينما يعيش ما يقرب من 93 ألفًا في المباني العامة مثل المدارس والمساجد.
ولفت لارك إلى أن العاملين في المجال الإنساني على الأرض يدقون ناقوس الخطر، إذ إن أربعة من أصل كل خمسة أشخاص نزحوا منذ مطلع كانون الأول 2019، هم من النساء والأطفال الذين تتعرض صحتهم وأمنهم للخطر.
وحث المسؤول الأممي أطراف الصراع على ضمان حماية المدنيين وبنيتهم التحتية، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام إلى جميع المتضررين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :