يواصل فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) انتشاره في عدد كبير من الدول، بينما صنفته منظمة الصحة العالمية الأربعاء 11 من آذار ، على أنه “جائحة”، لتقييم مدى انتشار الفيروس، بعد المستويات المرتفعة لتفشيه، وتقاعس بعض الدول عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهته.
وبات الفيروس يشكل علامات خوف وحذر وإشارات استفهام لكون سلوكه غير معروف بشكل دقيق حتى الآن، ولم يتوصل العلماء إلى إيجاد اللقاح أو العلاج المناسب له.
هل سيطور الفيروس نفسه ؟
الطبيب السوري محمد العيسى، اختصاصي التشخيص المخبري، والمستشار الصحي في “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (SAMS)، قال لعنب بلدي، إنه لا يتوقع أن يتمكن الفيروس من تطوير نفسه بسرعه وقد لا يتطور، “لأن الفيروسات عادة لا تتطور بسرعة وقد تحتاج لسنوات”.
وأشار إلى أن فيروس “كورونا المستجد” جاء تطويرًا عن فيروس “كورونا” الذي ظهر عام 2015.
دراسة صينية كشفت أن الفيروس طور نفسه مرة واحدة على الأقل مؤخرًا، عما كان عليه في عام 2015.
الدراسة التي اشترك فيها باحثون من مدرسة علوم الحياة في “جامعة بكين” و”معهد باستير” في شنغهاي، توصلت إلى وجود سلالة “أكثر شراسة” من الفيروس أُطلق عليها اسم “L” وأخرى أقل شراسة تعرف باسم “S”.
وكشفت أن 70% من فيروسات “كورونا” هي من النوع “L” ، مقابل 30%من النوع “S” وكانت السلالة “L” الأكثر انتشارًا خلال المراحل الأولى من المرض في مدينة ووهان الصينية، لكنها تراجعت بعد كانون الثاني الماضي.
متى ينحسر الفيروس؟
أثار تصريح للمستشار الطبي للحكومة الصينية، تشونغ نانشان، خبير الأوبئة الذي اشتهر بمكافحة انتشار فيروس “سارس” في 2003، الطمأنينة لدى البعض، إذ قال فيه إن “وباء فيروس كورونا العالمي من المرجح أن ينتهي في شهر حزيران”.
الطبيب محمد العيسى علق على ذلك بالقول، “في الحقيقة لا دليل واضح على أن الفيروس سينحسر في شهر حزيران، وهذه كلها تكهنات مبنية على تجارب سابقة مع فيروس (سارس) و (كورونا القديم)، وبناء على فكرة أن العدوى بالأمراض التنفسية والإنفلونزا والأمراض المشابهة تتراجع بشكل كبير في فصل الصيف ، لكن لا شيء مؤكد”.
في حديث لعنب بلدي أكد الطبيب السوري حسام نحاس، طالب الماجستير في جامعة “جونز هوبكنز” الأمريكية، عدم توفر أي دليل علمي حتى الآن يثبت أو ينفي حقيقة انحسار أو موت الفيروس في درجات الحرارة المرتفعة أي في فصل الصيف، مشيرًا إلى أن سلوكه يوحي بأنه سيستمر بالانتشار في حال إهمال إجراءات الوقاية والسلامة.
هل يمكن لمصاب شفي من “كورونا” أن يصاب مجددًا؟
أشار العيسى، إلى أن إصابة أي إنسان بفيروس أو جرثوم ، تكون لديه عادة مناعة طبيعية ضد هذا المرض، لكن لا توجد دراسات كافية حتى الآن بخصوص فيروس “كورونا المستجد” تؤكد عدم إمكانية إصابة الشخص الذي شفي من المرض مرة أخرى.
وحول اللقاح اللازم له، أضاف أن تطوير لقاح ما يحتاج لفترات طويلة وأحيانًا لسنوات، وتوقع أن تتضافر جهود العالم لإنتاج لقاح لهذا الفيروس بأسرع وقت ممكن، مشيرًا إلى ضرورة تجربة اللقاح على الحيوانات ثم على الإنسان لإثبات فعاليته.
هل من أضرار جانبية للحجر الصحي؟
يمكن أن يؤثر الحجر على الحالة النفسية للمريض، لكن من خلال إجراءات التوعية والدعم النفسي يمكن أن يتجاوز هذه المشاكل، بحسب العيسى.
وأكد أن إجراءات الحجر الصحي تفيد بشكل كبير في منع تفشي المرض، وأثبتت تجربة الصين بهذا الموضوع فاعلية كبيرة في احتواء الفيروس وتخفيض العدوى إلى أدنى حد ممكن.
“الكمامة” لا تقي من العدوى.. هل ذلك صحيح؟
لا تتضمن الوقاية من الفيروس استخدام أي أقنعة واقية، وفي الحقيقة “يضر استخدام الأقنعة الواقية” لكونه يعطي مرتديها شعورًا كاذبًا بالأمان، في الوقت الذي توجد فيه العديد من الخطوات الأبسط التي يمكن القيام بها للوقاية من المرض، بحسب ما قاله الطبيب حسام نحاس.
وأكد نحاس أن أهم إجراءات الوقاية، هي تجنب ملامسة الأشخاص الذين تبدو عليهم الإصابة بالزكام أو ما يشبهه، وتجنب الاختلاط بالناس عند الإحساس بالمرض، وتعلم عادة عدم لمس العينين والأنف والفم، وتغطية الأنف والفم بمنديل عند العطاس أو السعال ومن ثم رمي المنديل في القمامة عند الانتهاء.
إضافة إلى تنظيف الأسطح والأجسام التي يلمسها الناس بشكل مستمر، باستخدام أدوات التنظيف العادية المستخدمة في المنزل.
الاعتياد على غسل اليدين بشكل مستمر بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل، أمر في غاية الأهمية، وفي حال عدم وجود ماء وصابون يمكن استخدام مطهرات الأيدي التي تحوي على الكحول.
هل العدوى ممكنة قبل ظهور علامات المرض؟
أكد الطبيب حسام نحاس لعنب بلدي أن ما ثبت علميًا حتى الآن، هو أن الفيروس ينتقل من شخص إلى آخر، إما من خلال التماس المباشر بين الشخص المصاب والأشخاص الآخرين، أو من خلال القطيرات التنفسية الناتجة عن سعال أو عطاس الشخص المصاب دون تغطية أنفه وفمه، حيث يمكن لهذه القطيرات التنفسية أن تنتقل مسافة حوالي مترين في الجو، ليتم استنشاقها من قبل الشخص السليم.
و هناك بعض التقارير تشير إلى إمكانية انتقال المرض من أشخاص حاملين للفيروس، ولكن لا تظهر عليهم علامات المرض إلى الأشخاص السليمين ولكن هذه الطريقة للانتقال غير شائعة بشكل كبير.
تظهر الأعراض على الشخص المصاب بعد فترة حضانة تصل إلى حوالي 14 يومًا، وتتضمن ارتفاع درجة الحرارة، والسعال، وضيق التنفس.
هل تنتقل العدوى دون الاحتكاك بأشخاص مصابين؟
فيما يتعلق بانتقال المرض لأشخاص دون الاحتكاك بمصابين آخرين، أكد نحاس عدم ورود أي تأكيد حول هذه التقارير.
ومع حقيقة أن المريض يمكن أن يكون مُعديًا لغيره حتى قبل ظهور الأعراض، يصبح احتمال أن يكون شخص ما قد أصيب بالمرض دون احتكاك بمريض آخر ضئيلًا جدًا، وغير واقعي من الناحية العملية.
ما دور التضخيم الإعلامي؟
يتعلق التضخيم الإعلامي حول الفيروس بمقولة “الإنسان عدو ما يجهل”، بحسب نحاس، فالبشرية حاليًا أمام فيروس شديد العدوى غير معروف العلاج ولا يتوفر له لقاح، و يصيب عددًا كبيرًا من الأشخاص في وقت قصير، ويسبب الوفاة لعدد من المصابين، ما يسهم في نشر الرعب بين الناس.
وفي الوقت الذي تسبب فيه أمراض أخرى مثل الإنفلونزا الموسمية عددًا كبيرًا من الإصابات والوفيات، إلا أنها لا تنال هذا التركيز الإعلامي، لأن سلوك فيروسات الإنفلونزا معروف وتتوفر لعلاجها مواد دوائية ولقاحات للوقاية منها.
مثلًا، عاش الناس حالة رعب عند ظهور “إنفلونزا الخنازير” و”إنفلونزا الطيور”، و تم لاحقًا تطوير اللقاح اللازم للوقاية من هذين النوعين من الإنفلونزا.
–