في الوقت الذي يتصاعد فيه اليمين الأوروبي المتطرف في أوروبا، ترتفع حدة الخطاب تجاه اللاجئين، ويأخذ أشكالًا أكثر عنفًا، ومنها ما تجلى مؤخرًا في تحركات مناصري التيارات اليمينية على الحدود اليونانية- التركية، لمنع وصول لاجئين جدد.
أعضاء في أحزاب متشددة مثل “راين نيكار” (النازيون الجدد) الألماني، و”الحزب الوطني الديمقراطي” الألماني، وحزب “الهوية” الألماني، و”الهوية” النمساوي، وهي أحزاب يمينية متطرفة أوروبية، كانوا من بين نحو 30 شخصًا وصلوا من فرنسا إلى جزيرة ليسبوس، ويُنتظر وصول مئات آخرين حسبما نقل مقال لموقع “بيل تاور” الألماني، في 7 من اَذار الحالي.
ويقدم المتطرفون أنفسهم “كحرس حدود” يحاولون مساعدة السكان المحليين، أو صحفيين أتوا لنقل الصورة من الجانب اليوناني، ما يدفع السكان للتخوف، بحسب ما أشارت إليه صحيفة “إيثنوس” اليونانية، في 6 من اَذار الحالي.
“بعض الفئران على الجزيرة تعال واقضِ عليهم”
يتعمد المتطرفون التعرض للاجئين ولعاملي المنظمات الإنسانية، وأظهرت صور تداولتها صحف يونانية وأوروبية إصابة أحدهم في أثناء محاولته التعدي على لاجئين، وشارك الشخص المصاب صورته وكتب عليها “هناك بعض الفئران على الجزيرة تعال واقضِ عليهم”.
اضطر ذلك بعض المنظمات غير الحكومية إلى إيقاف أعمالها وترك الجزر، بعد تعرض العاملين فيها لهجمات عنصرية من المتطرفين.
وقالت المنظمة الهولندية “بوت ريفيوج فونديشن”، التي تقدم الرعاية الطبية للاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية، عبر “فيسبوك”، إنها سحبت موظفي المستشفى لديها لأسباب أمنية، وفق صحيفة “دي تسايت“، في 3 من اَذار الحالي.
ورفع مناصرون لحزب “الهوية” الألماني في اليونان لافتات كُتب عليها “لا طريق، لن تجعل أوروبا بيتك”، كما ظهر في حساب للحزب على “تويتر” تغريدة، في 4 من آذار الحالي، كُتب فيها “نعلن تضامننا مع حرس الحدود اليوناني”.
Klares Zeichen an der griechisch-türkischen Grenze: Wir erklären uns solidarisch mit den griechischen Grenzschützern.#noway #niewieder2015 #IStandWithGreece pic.twitter.com/r1VP2esvYD
— Identitäre Bewegung (@IBDeutschland) March 4, 2020
تحركات مضادة
يواجه المتطرفون الأوروبيون تحركات من قبل أحزاب سياسية أبدت تعاطفها مع اللاجئين على الحدود، إذ أصدر حزب “الخضر” الألماني بيانًا، في 4 من آذار الحالي، طالب من خلاله السلطات الألمانية باستخدام جميع الوسائل المتاحة لمنع “النازيين الألمان الجدد” من الوصول إلى اليونان، حتى لا يشكلوا “خطرًا على حياة الأبرياء”.
وقال النائب في البرلمان اليوناني نيكوس باباز، تعليقًا على وصول المتطرفين “ليس لديهم مكان في وطننا”، وذلك خلال لقائه على قناة “ميغا” اليونانية، في 9 من اَذار الحالي، في حين لم يصدر أي قرار حكومي بحقهم للحظة كتابة هذا التقرير.
وعبّر ائتلاف “اليسار الراديكالي” (سيريزا) المعارض في اليونان عن استيائه من الطريقة التي تتعامل فيها السلطات اليونانية مع اللاجئين.
وفي بيان إلكتروني نشره، في 6 من آذار الحالي، انتقد ائتلاف “سيريزا” استخدام السلطات اليونانية القوة المفرطة ضد اللاجئين العالقين على الحدود اليونانية- التركية.
وأشار البيان إلى أن السلطات تقوم بـ”عمليات إبادة” واسعة ضد اللاجئين الموجودين في الجزر اليونانية وعلى الحدود، وكذلك ضد العاملين في المنظمات الدولية التطوعية هناك، لافتًا إلى مقتل لاجئ سوري على الحدود قبل أيام برصاص قوات الأمن اليونانية.
واعتبر الائتلاف في بيانه أن الخطر الذي يواجه اليونان وشعبها مصدره “اليمين المتطرف”، الذي يتنامى خطره في البلاد إلى جانب “الفاشية”، وليس اللاجئين.
اليمين المتطرف يتصاعد
شهدت الدول الأوروبية صعودًا لافتًا للخطاب اليميني المتطرف، أدى إلى تفوق حزب “التجمع الوطني” اليميني على ائتلاف حزب الرئيس، إيمانويل ماكرون، في فرنسا.
وفي بريطانيا فاز حزب “بريكست” بزعامة الشعبوي، نايجل فاراج، وانتصر حزب “الرابطة” في إيطاليا بنسبة 34% من الأصوات، وجميعهم حققوا تقدمهم خلال العام الماضي (2019).
كما ارتفعت أسهم اليمين المتطرف بشكل كبير في عدة دول تحتضن لاجئين، مثل ألمانيا وإسبانيا، وحصل حزب “فوكس” اليميني المتطرف في إسبانيا على 52 مقعدًا في البرلمان المؤلف من 350 عضوًا، ليصبح ثالث أكبر حزب في البلاد.
كما احتل حزب “البديل لأجل ألمانيا” اليميني المرتبة الثانية، حيث حصل على 27.5% من الأصوات في انتخابات ولاية ساكسونيا، بزيادة بلغت نسبتها 17.8% مقارنة بالانتخابات المحلية السابقة.
ويعتبر اللاجئون أكبر المتضررين من الخطاب الشعبوي لهذه الأحزاب، إذ تعتمد الأخيرة بشكل رئيس على الهجوم عليهم، وتوجه رسائل تقول فيها إن وجود اللاجئين السبب الرئيس لمشاكل شعوبها مع ارتفاع نسبة البطالة، ونقص التنمية والاستثمارات في بعض الولايات والمدن الأوروبية، ما يخلق رد فعل سلبيًا عند السكان المحليين، يضطر اللاجئون لتحمل عواقبه.
أزمة اللاجئين مستمرة على الحدود
يتجمّع آلاف الراغبين بالهجرة عند الحدود اليونانية، منذ عشرة أيام، في منطقة عازلة بعد الحدود التركية، في ظروف صعبة، في ظل امتناع اليونان عن إدخالهم ومنع حرس الحدود التركي عودتهم.
ورصدت “منظمة الهجرة الدولية” ما لا يقل عن 13 ألف شخص على الحدود الرسمية بين “بازاركوليه” (على الجانب التركي)، و”إبسالا” (على الجانب اليوناني) وغيرهما من المعابر غير الرسمية.
وواجهت اليونان موجات اللاجئين الأخيرة بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والأسلاك الشائكة، مع إيقافها قبول طلبات اللجوء الجديدة مدة شهر، وإعلانها عن ترحيل كل من يصل إليها بطريقة غير شرعية دون فحص طلباتهم.
وكانت تركيا أعلنت عن فتح أبوبها أمام اللاجئين، في 27 من شباط الماضي، عقب اجتماع أمني ناقش الرد التركي على مقتل 33 جنديًا تركيًا في إدلب.
–