ندوة “الفتح الإسلامي”.. اعترافات بشخصية “قيصر” وبالتعذيب.. وجهل قانوني

  • 2020/03/10
  • 8:41 ص

ندوة عقدها مجمع "الفتح الإسلامي" بدمشق يوم السبت، 7 مارس/آذار 2020

منصور العمري

عقد مجمع الفتح الإسلامي، في 7 من مارس/آذار الحالي، ندوة بعنوان: “قانون قيصر ومنطق القوة”، بإدارة حسام الدين فرفور، مدير مجمع الفتح، ومشاركة “أبواق” إعلامية وقانونية ودينية مؤيدة لنظام الأسد، من بينهم وزير العدل السابق، نجم الأحمد، الذي كان مسؤولًا عن فظائع الجهاز القضائي الحكومي منذ آب 2012 حتى آذار 2017، وعضو اللجنة الدستورية أمل يازجي، رئيسة قسم القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة دمشق، ومستشارة في الصليب الأحمر الدولي.

ردد المشاركون في الندوة كالعادة رواية نظام الأسد الموحدة حول التعذيب وثورة السوريين وضحايا الأسد، وأظهرت الندوة مدى جهل رؤوس القانون الدولي لدى نظام الأسد بالقوانين الدولية وطرق المقاضاة و”سخافة” مقترحاتهم. لكني أردت نشر أبرز ما جرى في الندوة كي يعلم السوريون مرة أخرى أن العدالة بأشكالها في سوريا الأسد مستحيلة. تُبرز الندوة أيضًا نوايا نظام الأسد المستقبلية، بالإضافة إلى بعض النقاط التي قد تكون ذات أهمية:

اعتراف الأحمد بوجود التعذيب في السجون السورية ولكن على أنه حالات فردية، في ترديد لرواية رئيسه بشار الأسد.

اتهام وزير العدل السابق أصحاب جثث صور “قيصر” الذين من بينهم الطبيب أيهم غزول بأنهم مسلحون إرهابيون أتوا من الخارج وليسوا سوريين، قتلهم جيش الأسد في ساحات المعارك.

اعترف الأحمد أن “قيصر” المنشق الذي هرّب صور جثث ضحايا الأسد، كان يعمل لدى الحكومة السورية، وادعى أنه كان صف ضابط في إحدى الوحدات العسكرية السورية.

موقف ونوايا النظام السوري في الرد القانوني على قانون “قيصر” من خلال توصيات طرحها الأحمد وأمل يازجي كان اتخاذ خطوات قانونية ضد الولايات المتحدة ودول أوروبا، التي فرضت عقوبات اقتصادية على النظام، ورفع دعاوى قانونية باسم الحكومة السورية والمواطنين المتضررين من العقوبات.

بالإضافة إلى إجراء دراسات إحصائية تبين أضرار العقوبات وما سببته من معاناة للشعب السوري، واتهام “الجيش الحر” مرة أخرى بأنه جماعة إرهابية ومتطرفة.

أدناه النص الحرفي لمشاركة نجم الأحمد وجزء من مشاركة أمل يازجي.

مشاركة نجم الأحمد، وزير العدل السابق، رأس نظام العدالة الحكومي في سوريا. بعد مقدمة سياسية مستمدة من رواية نظام الأسد الموحدة، بدأ الأحمد بنقاش قانون “قيصر”:

“تعلمون في بداية الأحداث التي مرت بها الجمهورية العربية السورية أن كثيرًا من ضعاف النفوس من مختلف التخصصات والوظائف قد ذهبوا غير مأسوف عليهم، يعني في كل الميادين، لكن هؤلاء لا يمثلون إلا قلة قليلة. من حسن حظنا أن هذه الأزمة إن كان لها شيء من الإيجابيات أنها أفرزت هؤلاء ولفظتهم، وبالتالي أصبحوا أداة طيعة بيد أسيادهم الذين كانوا يشغلونهم سابقًا في السر ثم ما لبثوا أن انضموا إليهم في العلن.

من بين هؤلاء كان هناك صف ضابط وليس ضابطًا كما يروجون، أو شخصية مهمة، إنما صف ضابط في إحدى الوحدات العسكرية، فر خارج البلاد من الخدمة العسكرية ثم تلقفه الكونجرس وتلقفته الولايات المتحدة، مدعيًا أن لديه 50 ألف صورة لأشخاص ادعى أنهم قضوا في السجون وفي الطرقات العامة وخلال المظاهرات في أثناء التعذيب.

أولًا، نحن في مجمع علمي وكلنا مسلح بروح الوطنية والموضوعية، لا أريد أن أقول إن السجون في سوريا هي سجون خمس نجوم لا يوجد فيها تعذيب، لكن كل ما أريد أن أقوله أن التعذيب يشكل ظاهرة استثنائية محضة. ربما كل المحامين الذي عملوا في هذا الاتجاه، أول شيء يدفع فيه المتهم أمام المحكمة أنه تعرض للتعذيب، فإن ثبت ذلك فإن كل الإجراءات التي تمت تكون باطلة، لا بل تتم ملاحقة من قام بهذا الفعل.

أضف إلى ذلك من هو الشخص المخول لدينا بأن نسمح له على فرض أن شخصًا ما قد تعرض للتعذيب، أن يقوم بتصوير هذا الشخص، حيًا كان أم ميتًا، وهو قام بالتصوير، أو أبرزت كل الصور لأشخاص يفترض أنهم قد قضوا تحت التعذيب. ثم تحديدًا وفي الفترة منذ عام 2011 بداية الأحداث في سوريا حتى 2013 تاريخ الأحداث المزعومة، كلنا يعلم أن وسائل الإعلام التي كانت تستهدف بلادنا وما زالت، منتشرة في كل مكان، وكانت تتلقف أي خبر من هذا القبيل، بحيث لو كان هنالك أشخاص يعذبون ويموتون في الطرقات لما توانت وسائل الإعلام تلك عن إظهارهم، بل فبركة الخبر وتضخيمه، وهذا ما حدث في مناسبات أقل شأنًا بكثير، واضطر الإعلام السوري لمحاولة دحض هذه الأفكار أو هذه المعلومات وإثبات كذبها وزيفها.

النقطة الأخرى أن السجون السورية كلها في سوريا في كل المحافظات. وفي تلك الفترة كانت هنالك ثلاثة سجون خارج السيطرة. لو جمعنا كل السجناء الموجودين في هذه السجون، لن يصلوا إلى ربع هذا العدد الذي ادعاه، وهذه السجون موجودة على أي حال، بإمكان أي شخص أن يراجع وزارة الداخلية وسجلاتها ليعلم عدد الأشخاص الموجودين. فهو افترض أن كل من دخل السجن قد عُذب وقد تم القضاء عليه. لم يكن قيصر أكثر من أداة استخدم من أجل سن قانون ذي طبيعة سياسية بأبعادها، وهذا ما سيتكفل به زملاؤنا في الشرح. ولكي يكون روقة ضغط بيد الولايات المتحدة تستخدمها حيثما شاءت.

لكن السؤال من أين جاؤوا بالخمسين ألف صورة، أيضًا هذا السؤال يستدعي الانتباه؟

هناك نحو 350 ألف إرهابي مسلح دخلوا إلى البلاد. طبعًا هذه الإحصائية حتى 2016، لا أعلم إن زادت بعد ذلك، نصفهم على الأقل قد قضى تحت يد بواسل جيشنا وقواتنا المسلحة. فهم صوروا حتى هؤلاء القتلى والإرهابيين الذين قتلوا في الميادين على أنهم مدنيون سوريون قضوا تحت التعذيب.

القانون ليس جديدًا في مضمونه فيما يخص العقوبات التي يتضمنها، فمثل هذه العقوبات سبق أن فرضتها الولايات المتحدة أيضًا بصورة انفرادية عام 1979.

لربما البعض منا يتذكر، ومن لا يتذكر سمع بما يعنيه تاريخ 1979، في الوقت كانت فيه تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي يعصف في البلاد قتلًا وخرابًا وتدميرًا، كما يحدث اليوم على يد بعض من الجماعات المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة وما يسمى الجيش الحر وغيره.

إذًا هذا التاريخ يعيد نفسه بمسميات مختلفة لكن بنقاط موضوعية واحدة. ففي تلك الفترة وعندما انكسرت موجة الإخوان المسلمين جاء فرض العقوبات الاقتصادية على سوريا واليوم عام 2019، أو بحلول عام 2019، عندما انكسرت أيضًا التنظيمات الإرهابية جاء قانون قيصر أيضًا.

قانون قيصر ممكن ألا يطبق منه شيئًا فيما لو التزمت سوريا بمحتوى ما يتطلبه هذا القانون لجهة ما أسماه التزامات مفروضة على عاتق الجمهورية العربية السورية (…) لكن هو باختصار قانون الهدف منه فرض عقوبات اقتصادية، هذا الهدف المعلن، يطال الدولة ومؤسساتها وشركاتها وهيئاتها، وكل دولة أخرى تتعامل مع الجمهورية العربية السورية اقتصاديًا، وكل من يحاول إعادة الإعمار ويشمل الطاقة والنفط والزراعة والصناعة والتجارة وكل شيء حتى لو تم بالمجان.

يعني إذا كانت اليوم جهة ما تريد أن تعيد إعمار نقطة معينة في سوريا مجانًا، بهدف تلافي آثار الحرب، فممكن أن يطالها قانون قيصر. وهو لا يطال الشركات والمؤسسات السورية فحسب بل حتى الشركات والمؤسسات الأجنبية. ونحن نعلم أن هذه الشركات والمؤسسات هي في أغلبيتها إما إيرانية أو روسية وبالتالي هو قانون موجه إلى إيران وروسيا أيضًا، بدلالة أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ حينما أقر هذا القانون قال: الآن نستطيع أن نفرض ما نشاء من شروط على إيران بصدد الاتفاق النووي (…) بقي أن أقول نقطة أخيرة، ليس من حق الولايات المتحدة وسلطاتها التشريعية، وليس من حق الكونجرس فرض هذا القانون، من جهة ثانية هناك سلسلة من الإجراءات القانونية التي يجب أن تقوم بها الجمهورية العربية السورية.

أنا أتكلم عن الشأن القانوني. أولها رفع دعاوى من المواطنين السوريين ضمن الأراضي السورية لأنه يجب أن تستنفد طرق الطعن الداخلية أولًا أو القضاء الداخلي.

ثم ترفع دعاوى أمام الدول، محاكم الدول التي سنت مثل هذه العقوبات مثل المحكمة العليا في الولايات المتحدة والمحاكم الأمريكية المختصة وكذلك المحاكم الأوروبية مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان تمهيدًا حتى لإمكانية اللجوء للتحكيم الدولي أو القضاء الدولي وفق شروط معينة، لكن هذا الأمر بحاجة إلى سلسلة من الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومة السورية.

يجب أن نقول بصوت عالٍ إن هذا القانون لن يؤثر على مسارنا السياسي، لكن ضحاياه هم المدنيون الذين ادعى القانون أنه جاء من أجلهم. يجب أن نقول إن هذا القانون سيلحق الضرر بالسكان وهذا أمر طبيعي وحقيقي، إنه قانون ضار، قانون غير مشروع، يجب أن تكون لدينا دراسات إحصائية دقيقة عن عدد المتضررين منه وخصوصًا من الشيوخ والنساء والأطفال وألا نسكت ونقول إن هذا القانون لا يعنينا ولن يكون له تأثير، هذا القانون سياسي، لكن في القانون هناك معطيات وحقائق وأدلة تبنى لكي نستطيع مجاراة هذا القانون من الناحية القانونية، أما الاعتبارات الأخرى الاقتصادية والثقافية والتربوية والسياسية والدينية فهي متروكة لأصحاب الاختصاص كل في مجاله. شكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله”.

انتهى حديث الأحمد.

المشاركة الثانية من أمل يازجي، رئيسة قسم القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة دمشق، وعضو اللجنة الدستورية، ومستشارة الصليب الأحمر الدولي.

جزء من مشاركة أمل يازجي:

قالت يازجي إنه “لحسن الحظ أن القانون في الولايات المتحدة يسمح للأمريكيين والأجانب المقيمين وغير المقيمين أن يحركوا دعاوى أمام القضاء الأمريكي”، وأنه لا يوجد مجال لذلك في القانون الدولي لأنه “مغلق”، بينما القضاء الأمريكي “مفتوح”.

أوضحت يازجي أن منطلق المقاضاة الذي تتحدث عنه سيكون الادعاء بخرق الولايات المتحدة للالتزامات التي تقع على عاتقها بموجب “نص تعاقدي أقرت بعلوه وسموه على أي تشريع تصدره”.

وأضافت يازجي أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات لها نفس أبعاد قانون “قيصر”، لكن دول الاتحاد الأوروبي تطلب من المتضررين أن يكونوا مقيمين في أوروبا على حد قولها، وبالتالي التوجه إلى الولايات المتحدة قضائيًا سيكون ممكنًا أكثر من أوروبا للبحث في إمكانية الطعن في دستورية هذا القانون.

ونوهت يازجي إلى أن الإجراءات القانونية في الولايات المتحدة مكلفة جدًا، ولكنها أكدت على أنها ممكنة قانونيًا لإثبات أن الولايات الأمريكية تخرق التزاماتها الدولية وقانونها، من خلال الربط ما بين “الوثائق الدولية” وقانون “قيصر”.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي