شمعة جديدة.. ويكبر الأمل

  • 2020/03/08
  • 10:54 ص

فعاليات رياضية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام (عروة قنواتي)

عروة قنواتي

ما أصعب أن يجلس الإنسان في محطة الانتظار وحيدًا ينتظر جرس تحرك القطار، والمحطة أساسًا تحت الصيانة.

ما أصعب أن يتجمد حلم الإنسان بانتظار دفء الحركة، بينما ينتشر الصقيع في كل أرجاء المكان، ما أصعب أن يتوقف الإنسان عن المغامرة والتحدي في زمن لا تُفتح فيه الأبواب المقفلة بإحكام إلا بإصرار الإنسان ويديه.

هي حكاية مؤسسة الرياضة السورية الحرة خلال السنوات السابقة وحتى هذا اليوم، هي أوراق في أرشيف الذكريات السورية الثورية، طافت في أنحاء البلاد تنشد الاتحاد وتصنع التألق بين أبنائها، تقدمت وتراجعت فزادت مساحة الحضور وانحسرت بفعل الآلة العسكرية والتهجير القسري وقضم المدن والأرياف من قبل قوات النظام السوري وحلفائه تارة، وبالصعوبات ومحاولات إفشالها باللون السياسي والفصائلي تارة أخرى، واليوم تكمل بمن حضر وبمن صدق وصبر وبآمال مشروعة رغمًا عن أنف بعث النظام والفشل السياسي المعارض المستمر.

في العاشر من شهر آذار دائمًا تمر ذكرى التأسيس لـ”الهيئة السورية للرياضة والشباب”، التي انطلقت تنظيميًا من شوارع حلب المحررة في عام 2013، وتلاقت بعموم أبناء المحافظات في 10 من آذار عام 2014، بغية صياغة مستقبل أفضل لكل من مزق هوية الاتحاد الرياضي العام وانضم إلى ثورة الشعب السوري، لاعبًا ومدربًا، إداريًا وإعلاميًا، لتنطلق بعدها عجلة المسابقات والنشاطات والمهرجانات والمراكز التدريبية، وتدخل محافظات إدلب ودرعا وحمص وحماة وريف دمشق والقنيطرة، وإلى تركيا حيث يتجمع أبناء الوطن في عدد من الولايات، وصولًا إلى المسابقات الدولية في بعض الدول العربية والأوروبية، ليكون المشروع حلمًا للمنافسة وتثبيت الأقدام بقوة في كل المحافل التي استطاع الرياضي السوري أن يوجد فيها وينافس على جوائزها.

ولا شك بأن الصعوبات التي تواجه عمل أي مؤسسة في داخل سوريا ستمر على المؤسسة الرياضية السورية الحرة، وهذا طبيعي في سنوات لا يمكن فيها تقديم الدعم المادي واللوجستي بشكل مستمر لكل من يرغب بالمشاركة في العمل الرياضي، مثلما وُجدت المنح يومًا غابت وأغلقت أبوابها محليًا ودوليًا، خاصة في فترة التهجير القسري التي استمرت بعموم أنحاء المناطق السورية منذ عام 2015 حتى نهاية عام 2017.

الفلكلور السوري اجتماعيًا حافل بالتدخلات السياسية، فلم يتجاوز مجتمعنا إلى الآن مبدأ الوصاية السياسية والعسكرية على العمل المدني أو الإنساني، لتنطلق رغبات شتى من قبل مقامرين هنا وهناك، لبعثرة الجهود وخلق تشكيلات فوضوية بحجة التنسيق وفتح المجال لجميع الرياضيين السوريين بالمشاركة في القرار الرياضي، فبدأت القرارات بولادة الأجسام تظهر وتختفي، تولد وتموت مشوهة، مذيلة بإمضاء أقلام سياسية، ما جعل الأمر مضحكًا وساخرًا بعد نضال سنوات طويلة للثورة السورية للتخلص من هذا المنهج “المفضوح دوليًا”، ولكن “لقد أسمعت لو ناديت حيًا فلا حياة لمن تنادي”.

رافقت العبث السياسي لأشهر طويلة أذرع عسكرية تأمر وتنهى، وتسيطر على الملاعب والصالات، وتغتنم المواد والمعدات وتصادرها، وتطلق الأغنام، بحسب صور قديمة للرعي في أحد الملاعب بالشمال السوري، وتجعلها أماكن للطعام والشراب، بل وتعهدها لسنوات حتى يتم الاستفادة من أموالها، لمن؟ لأي حكومة؟ لأي شكل سياسي؟ أين الرياضي من هذا كله؟ قد يدفع بك السؤال إلى الاعتقال والتشويه والتكفير والمحاكمة وفصول من القلق والتعذيب.

اليوم ومع دخول “هيئة الشباب والرياضة السورية” بمن حضر عامها الجديد، وأمام مأساة القتل والتهجير الجديد في الشمال السوري، وأمام صدى صوت الملاعب الفارغة مدمرة كانت أم شامخة، لا يسعني ولا أملك إلا أسطرًا من التحية والفخر لكل من استشهد في الثورة السورية، ولكل من عانى تجربة الاعتقال أو الإصابة أو الفقد، لعموم الرياضيين السوريين الأحرار، زملائي الذي اختلط دمهم وعرقهم في الأرض دفاعًا عن المبدأ والحرية بمواجهة شتى صنوف الاستبداد، وبشمعة جديدة وأمل مستمر، كل عام والحركة الرياضية السورية الحرة بألف خير.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي