تعا تفرج
“كورونا” ورقص الوزراء على الطبل
خطيب بدلة
ذكرني خبر نشرته صحيفة “عنب بلدي” بابن بلدنا أبي سلوم. يقول الخبر، بما معناه، إن رئاسة مجلس الوزراء، في القطر العربي السوري الصامد، أرادت أن تقطع الطريق على فيروس “كورونا” التافه، الحقير، المنحط، الواطي، فقررت التضحية بالإيرادات الهائلة التي تتحقق سنويًا لخزينة الدولة من قطاع السياحة، ومنعت دخول الوفود السياحية إلى تراب هذا الوطن المعطاء، حرصًا على صحة الإخوة المواطنين السوريين، وسلامتهم.
كان أبو سلوم رجلًا فقيرًا، متعيشًا على باب الله الكريم، ولكنه مولع بحضور الأعراس، والرقص على إيقاع الطبول، ومثلما يحمل المدخنون علب السجائر والقداحات في جيوبهم، يحتفظ أبو سلوم في جيبه بمنديل مجدول، حتى إذا جاءت دبكة في طريقه لا يستغرق نزوله إلى الميدان، ومباشرته الرقص على الأول، سوى لحظات.
وأبو سلوم يعشق المسؤولين، والوزراء الذين يطلق عليهم اسمًا غريبًا هو “الوُزَر”، لذلك، كلما جاء إلى ديارنا وفد فيه وزر، يحمل صورة الرفيق القائد التي كان قد ألصقها على صفيحة خشبية، ودحش في مؤخرتها عصا طويلة، ويركض مثل الكلب السلوقي نحو الساحة المقابلة لمبنى فرع الحزب، حيث تتحلق الجماهير الكادحة لاستقبال وفد الوزر، وما إن يبدأ قرع الطبول، وترغلة المزامير، حتى ينزل أبو سلوم إلى الدبكة، ويقيم الدنيا ويقعدها بمهاراته الدبكوية العالية، والسادة الوزر، على الرغم من حجومهم العائلية، وبدلاتهم الرسمية النظيفة، وكرافاتهم المربوطة حول أعنقاهم بعناية، يخجلون من هذا الإنسان الدرويش الذي يبدي كل هذا الحماس للقائد، بينما الواحد منهم يعيش، بفضل القائد نفسه، عيشة السلاطين، ولديه جيش كبير من الخدم والحشم و”الحَوّيصة”، وتحت إمرته أسطول من السيارات السياحية، وراتبه يكفي لمعيشة 50 أسرة مثل أسرة أبي سلوم، فهل يعقل أن يتخاذل ولا يدبك؟
وينزل الوزر إلى الميدان، ويدبكون مع أبي سلوم، الكتف على الكتف، والكعب على الكعب، ويبلغ أبو سلوم ذروة الفرح، لأنه تمكن من إنزال هذه الشخصيات العظيمة إلى مستواه، وإصعاد نفسه إلى مستواهم، وبعد عدة استقبالات، وبضع دبكات، صار يمشي في شوارع المدينة بخيلاء، ويندحش بين الناس، ويقول لمن يحاول الإقلال من شأنه: فَتّح عينك متل الطبق، أنا ما برقص غير مع “وُزَر”!
لا شك أن منازل السادة الوزر، ورئيس مجلس الوزر، خالية من البرغش، والبعوض، والنمل الطيار، ونَموز الدجاج، وهم يقضون أوقات الدوام في مكان فخم، هو مجلس الوزر، ولا يخرجون منه إلا إلى مجلس الشعب، حيث أقصر كرافة عضو تصل إلى خصيتيه بقليل، وأقلهم شأنًا، مثل محمد قبنض، يحكي عن محاربة الإرهاب بالطبل والزمر، والدبكة، كما هو الحال في الساحة المتاخمة لفرع الحزب، برفقة الدبيك الكبير أبي سلوم.
وعليه يصبح من حق الوزر أن يخافوا من فيروس “كورونا” الذي لا يُرى بالعين المجردة، ومع ذلك يفتك بالناس دون تمييز، ويمنعوا دخول السياح إلى قطرنا الصامد اتقاء لشره، ولا سيما السياح الذين يستهويهم منظر وقوع البراميل فوق بيوت الناس، وعمليات إخراج جثث الأطفال الإرهابيين من تحت الأنقاض.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :