انتقدت الرئاسة الفرنسية اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب شمال غربي سوريا الذي توصلت إليه تركيا وروسيا، معتبرة أنه لا يزال هشًا ويتضمن نقاطًا غامضة.
وفي بيان للإليزيه أمس، الجمعة 6 من آذار، أشار إلى أن الاتفاق الروسي- التركي “أنتج وقفًا لإطلاق النار لكنه لم يترسخ جيدًا بعد”، إذ إنه “رغم خفض التصعيد العسكري لا تزال عدد من التحركات الميدانية مستمرة”.
ولفت البيان إلى وجود عدد من النقاط الغامضة في الاتفاق، والمسائل التي يصعب التعامل معها، بما في ذلك، “الانسحاب من الطريقين الدوليين (M4 وM5)، والحديث عن دعم سياسي وإنساني لا وضوح بشأن ترتيباته”.
وفي حين رأت الرئاسة الفرنسية أن أجندة روسيا واضحة بشكل كبير، وتتمثل بسيطرة النظام السوري على كامل أراضي البلاد، اعتبرت أنه على تركيا الاختيار ما بين الشراكة مع روسيا أو طلب الدعم من أوروبا.
وحول نقاط القوة التي يمتلكها الأوروبيون في سوريا بمواجهة تركيا وروسيا، لفتت الرئاسة الفرنسية إلى امتلاكهم الوسائل المالية لمساعدة اللاجئين، والقدرة على الإسهام في إعادة الإعمار المستقبلية، وذلك إلى جانب مشاركتهم في التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وأضاف البيان أنه رغم ما يملكه الروس والأتراك والإيرانيون من نقاط قوة على الأرض السورية، لن يكون بإمكانهم تحقيق الاستقرار في البلاد.
وأوضح أنه، “ما دام فلاديمير بوتين قادرًا على القصف هنا أو هناك، ورجب طيب أردوغان على لعب عدة أوراق مرة واحدة، والإيرانيون على نشر مقاتلين، فسيملكون الأفضلية على الأرض، لكنهم لن ينتجوا معادلة مستقرة في سوريا”.
وتابع، “لا يمكن لا للروس ولا للإيرانيين ولا للأتراك أن يحققوا استقرارًا في سوريا بشروطهم، ففيما يتعلق بالناحية الإنسانية، لن تأتي المساعدة لا من روسيا ولا من تركيا ولا من إيران”.
دوافع فرنسا في إدلب
وكانت كل من فرنسا وألمانيا تدخلت مؤخرًا في الأزمة التي تشهدها محافظة إدلب والتي تفاقمت على وقع احتدام الصدام السياسي بين روسيا وتركيا.
وأجرت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اتصالات مكثفة مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، لقطع الطريق أمام تفجّر الوضع عسكريًا هناك.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، عقب اتصال هاتفي بين ميركل وماكرون وبوتين، في 20 من شباط الماضي، إن ميركل وماكرون أبلغا بوتين أنهما يرغبان في الاجتماع به وبأردوغان، للتوصل إلى حل سياسي في سوريا.
وعبّر كل من ماكرون وميركل عن قلقهما الشديد من تدهور الوضع الإنساني للمدنيين في محافظة إدلب، وطالبا بالإنهاء الفوري للقتال وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية.
وحول دوافع باريس وبرلين إلى التدخل في الأزمة بين اللاعبين الأساسيين في ملف إدلب، رأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس والخبير والباحث في الجيوبولوتيك، البروفسور خطار أبو دياب، في حديث سابق لعنب بلدي، أنها تتلخص في دافعين رئيسين.
الأول هو خشية وقوع صدام روسي- تركي على الأرض، والثاني متعلق بثقل المأساة الإنسانية في إدلب وانعكاسها على أوروبا، إذ إن أي صدام في إدلب يعني موجة لجوء سورية جديدة إلى أوروبا.
ومن ناحية استراتيجية، فإن فرنسا وألمانيا لم تسلما دومًا بغلبة الدور الروسي في سوريا، وكانتا دائمًا تتحاوران مع تركيا من أجل إبقاء نوع من التوازن داخل المعادلة السورية، بحسب أبو دياب.
–