تصطدم محاولات اللاجئين الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي بتحرك سياسي لاحتواء الأزمة والتفاوض مع تركيا حول إغلاق حدودها مجددًا، وهو ما بدا واضحًا من خلال تصريحات المسؤولين الأوروبيين الأخيرة ورسائلها المباشرة وغير المباشرة.
وأعلن وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أمس الثلاثاء 3 من آذار، عبر حسابه في “تويتر”، أن عدد اللاجئين الذين غادروا تركيا في الأيام القليلة الماضية باتجاه أوروبا وصل إلى 135 ألفًا.
تحركات أوروبية ردًا على تركيا
وأكد وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، دعم بلاده لليونان في المحافظة على “النظام على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي”، مشيرًا إلى عدم فتح ألمانيا حدودها لاستقبال اللاجئين القادمين من تركيا.
وقال الوزير، في تغريدة نشرتها الوزارة عبر “تويتر” أمس، الثلاثاء 3 من آذار، إن “حدود أوروبا ليست مفتوحة أمام اللاجئين من تركيا، وينطبق هذا على الحدود الألمانية أيضًا”.
ووصل إلى العاصمة التركية أمس وفد أوروبي على رأسه وزير خارجية الاتحاد الأوروبي “لبحث العلاقات التركية- الأوروبية وأزمة اللاجئين”.
وصول الوفود إلى أنقرة يعد خطوة من عدة خطوات اتخذها الاتحاد الأوروبي، منذ 1 من آذار الحالي، ففي الوقت الذي واجهت العلاقات الفرنسية- التركية عدة توترات في الأسابيع الماضية وصلت إلى حد التراشق العلني بين الرئيسين، الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والتركي، رجب طيب أردوغان، أعلنت باريس عبر وزير خارجيتها، جان إيف لودريان، في 1 من آذار الحالي، إدانتها لهجوم النظام السوري الذي قتل 34 جنديًا تركيًا، داعيًا إلى وقف دائم لإطلاق النار في إدلب، ومعبرًا عن تضامنه الكامل مع اليونان فيما يخص ملف الهجرة.
أظهرت أثينا حزمها بعدم استقبال اللاجئين، واشتبكت قوات الأمن على الحدود اليونانية- التركية مع آلاف المهاجرين العالقين على الحدود، واعتبر المتحدث باسم الحكومة اليونانية، ستيليوس بيستاس، أن اليونان حمت حدودها وحدود أوروبا، بحسب موقع “Euro News“.
وقالت وكالة “الأناضول” التركية، الاثنين الماضي، إن السلطات اليونانية أقامت حواجز أمام معبر “كاستانيس” الحدودي، واستخدمت القنابل الصوتية والمسيلة للدموع والرصاص المطاطي في مواجهة اللاجئين.
الموقع نفسه نشر خبرًا قال فيه إن اليونان دعت الاتحاد الأوروبي لدعمها بقوة خلال اجتماع قادة الاتحاد، كما علقت أمس استقبال طلبات اللجوء، وهو ما انتقده وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، واصفًا القرار بالـ”المخجل” وغير القانوني.
وأضاف صويلو إنه “لا يمكن اتخاذ مثل هذا القرار، استنادًا إلى اتفاقية جنيف عام 1951 وإلى قانون اللاجئين في الاتحاد الأوروبي، وذلك وفقًا لبيان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
وتتزامن التصريحات الحكومية، مع مقاطع مصورة نشرها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مواطنين يونانيين يضربون قوارب اللاجئين في البحر ويحاولون إغراقها، كما منعوا حافلات تقل اللاجئين إلى مخيم “موريا“.
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في 2 من آذار الحالي، إنه “من غير المقبول” أن يعبر أردوغان عن استيائه وأن يطلب المزيد من الدعم على حساب اللاجئين، مؤكدة أهمية التفاوض مع أنقرة.
تركيا مصممة على فتح الحدود
التصريحات الألمانية جاءت ردًا على تصريحات الرئيس التركي، الذي طالب المستشارة الألمانية في اتصال هاتفي بينمها أمس “بتقاسم عادل للمسؤولية”، فيما يتعلق بملف اللاجئين.
تصريحات لا تبتعد كثيرًا عما قاله في المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء البلغاري، إذ أكد أن الاتحاد الأوروبي لم يلتزم بوعوده.
التصريحات التركية لم تتوقف خلال الأيام الماضية، وتتخذ منحى تصاعديًا، إذ قال وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إنه “لا أحد يجبر تركيا على الاحتفاظ باللاجئين لديها، وليست في وضع يسمح لها بإيقاف تدفقهم إلى الحدود”، بحسب ما نقلته وكالة “الأناضول“.
وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، إن عدم تعاون أوروبا مع تركيا هو ما أوصل المنطقة إلى هذه الأزمة، بحسب تعبيره.
ويعيش ثلاثة ملايين و605 آلاف و615 سوريًا في تركيا، بحسب إحصائية أصدرتها وزارة الداخلية التركية في أيار 2019.
وسبق أن وقعت تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 من آذار 2016، ثلاث اتفاقيات تقبل فيها تركيا اللاجئين من دول الاتحاد الأوروبي مقابل حرية التنقل للمواطنين الأتراك داخل الاتحاد الأوروبي.
وتنص الاتفاقية على إعادة كل لاجئ وصل إلى اليونان قبل 20 من آذار 2015 إلى تركيا، مقابل لاجئ ستستقبله دول الاتحاد الأوروبي بشكل قانوني.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، حينها، “لقد نجحنا من خلال هذه الاتفاقية في مكافحة أعمال التهريب المميتة للاجئين عبر بحر إيجة بشكل فعال”.
–