عنب بلدي – ريف حلب
يواجه مبتورو الأطراف في مناطق سيطرة فصائل المعارضة العديد من المشاكل، منذ لحظة إصابتهم حتى تعافي جروحهم، ثم ينتقلون إلى مرحلة البحث عن منظمة معنية بتركيب الأطراف الصناعية، وفي حال الحصول على ذلك وتجاوز عقبات البحث والتنقل، يصطدمون بالواقع المجتمعي والمعيشي الصعب، حتى على المعافين جسديًا.
من منطلق دعم مبتوري الأطراف نفسيًا، نظم مجموعة من الناشطين حملة “خطوة” للفت نظر المجتمع إلى مشكلتهم وتسليط الضوء عليها، عبر عدد من اللوحات الجدارية التي تدعم ذوي الإعاقة ومصابي الحرب ومبتوري الأطراف، في مدينة اعزاز ومحيطها شمالي حلب.
تحفيز وتشجيع
أحمد حاج بكري، وهو أحد منظمي الحملة، قال لعنب بلدي، إن اللوحات الجدارية هي إحدى أدوات الحملة، التي تهدف إلى إيصال رسالة للمجتمع، وتحاول دعم مصابي الحرب الذين تعرضوا لبتر في أطرافهم، نتيجة قصف قوات النظام والحليف الروسي أو بانفجار الألغام والعبوات الناسفة، في محاولة لإعادة دمجهم في المجتمع، وإعادتهم لحياتهم الطبيعية بعد انتهاء مرحلة العلاج.
وأضاف أن اللوحات معظمها تحفيزية وتشجيعية، وهي أحد الحلول لإخراج مبتوري الأطراف من حالتهم المرضية، ودفعهم للبحث عن فرص عمل، وعدم البقاء في المنازل خوفًا من “نظرة المجتمع والكلام المحبط، الذي يمكن أن يوجه إليهم”.
كما تحاول الحملة دفع المجتمع ليكون إيجابيًا معهم ويدعمهم، وأن تكون لهم الأولوية في فرص العمل إن وجدت، حتى لا تكون الإصابة عائقًا أمامهم، تمنعهم من أن يدخلوا سوق العمل أو ينتخبوا أو يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي.
ولا تقتصر الحملة على اللوحات الجدارية، بحسب حاج بكري، إذ أُجريت لقاءات وجلسات مع المصابين في مدينة اعزاز، بعد تنظيم إحصائية لهم ولأماكن وجودهم وخبراتهم العملية، وبالتالي يمكن لأي منطمة لديها شاغر وطيفي في كوادرها، منحهم أولوية في التوظيف في حال أهليتهم.
ودعمت الحملة إعلاميًا نحو 300 فاقد أطراف مسجل لديها حتى الآن في اعزاز، ليشكلوا نقابة أو تجمعًا أو منصة تجمعهم، بهدف الضغط على الجهات الفاعلة في المدينة.
ويمكن أن يكون التجمع وسيلة لتوفير خدمات لهم وحل مشاكلهم، ومكانًا مناسبًا لتبادل الخبرات والتجارب فيما بينهم.
وبدأت أولى مراحل التنسيق عبر إنشاء مجموعة على برنامج التواصل الاجتماعي “واتساب”، تجمع مصابي مدينة اعزاز.
معاناة مضاعفة
تعود معاناة مبتوري الأطراف بفعل الحرب في مناطق سيطرة فصائل المعارضة لأسباب عدة، منها العمليات الجراحية الميدانية التي كانت تُجرى بشكل سريع لحظة الإصابة، بسبب غياب الأطباء الاختصاصيين وقلة مواد التعقيم في أثناء عمليات البتر، إذ تحتاج معظم حالات البتر لعملية تصحيح بتر وخاصة حالات ما بعد الإصابة الإسعافية.
كما تضاعف المعاناة عملية البحث عن مراكز طبية تدعمها منظمات لتركيب الأطرف الصناعية، التي تستهلك جهدًا ووقتًا طويلًا، إضافة إلى التكلفة المادية في حال تنقلهم بين المدن والبلدات في شمالي سوريا.
وقدرت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من ثلاثة ملايين سوري يعانون من إعاقات وإصابات حرب، وجاء في تقرير لها نشرته المنظمة، في كانون الأول 2018، أن مليونًا ونصف المليون سوري أصيبوا بالإعاقة نتيجة النزاعات والحرب في سوريا بعد عام 2011، بمعدل 30 ألف إصابة كل شهر، مشيرة إلى أن 86 ألفًا منهم مبتورو الأطراف، ثلثهم من الأطفال.
وأرجع التقرير سبب ارتفاع عدد “معاقي الحرب” إلى استخدام أسلحة جديدة ومتفجرات، وخص بالذكر البراميل المتفجرة والأسلحة الحارقة التي استُخدمت خلال السنوات السبع الماضية في سوريا.