ذات الرئة الصينية.. ماذا تعرف عن فيروس “كورونا المستجد”

  • 2020/02/23
  • 11:33 ص
ذات الرئة الصينية

د. أكرم خولاني

قبل أشهر قليلة بدأنا نسمع عن ظهور فيروس جديد في الصين يسمى فيروس “كورونا المستجد”، وهو فيروس يهاجم الجهاز التنفسي ويؤدي إلى مشاكل رئوية شبيهة بالالتهاب الرئوي الحاد، وقد تنتهي الحالة بالوفاة خلال عدة أيام، وأخذ هذا الفيروس بالتفشي بشكل سريع على شكل وباء.

وبدأت تظهر إصابات في دول أخرى غير الصين، ما أدى إلى اجتياح الرعب دول العالم أجمع، ورغم أن العلماء يبذلون جهودًا حثيثة لكبح انتشار فيروس “كورونا” حول العالم، ولإيجاد أدوية تعالج المصابين، فإنه لم يتم إيجاد لقاح فعال أو علاج شافٍ حتى الآن، وتعد أفضل الطرق للحماية من الإصابة معرفة طرق العدوى وأعراض الإصابة للحصول على المساعدة الطبية في الوقت المناسب.

ما هو فيروس “كورونا المستجد 2019”

فيروس “كورونا المستجد 2019-2020” أو ذات الرئة الصينية أو ذات رئة ووهان، نسبة إلى مدينة ووهان وسط الصين، التي ظهر الفيروس فيها، وأطلق عليه اسم 2019-nCoV‏، هو فيروس ينتمي إلى فصيلة فيروسات “كورونا” أو الفيروسات التاجية، التي تسبب مجموعة من المشاكل الصحية تتراوح بين نزلات البرد الشائعة والمتلازمة التنفسية الحادة والوخيمة، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وكلمة “كورونا” هي المقابل اللاتيني لكلمة “تاج”، وقد استمد الفيروس اسمه من شكله الحلقي المغطى بالنتوءات التي تشبه التاج، ويتضمن هذا الغلاف الشائك الحمض النووي الريبوزي RNA، الذي يمثل مادته الوراثية، وخلافا للـDNA فإن الحمض النووي الريبوزي يتيح للفيروس التحور وراثيًا بسرعة، وهذا يساعده في اكتساب القدرة على التنقل من الحيوان إلى البشر أو العكس، أو تغيير خصائصه مثل قدرته على الانتشار وحدة الأعراض التي يسببها، ولهذا تصعب محاربة فيروس “كورونا”، الذي يظهر بين الحين والآخر في صورة سلالات جديدة، لأن اللقاحات والأدوية تعجز عن القضاء على عدو دائم التغير.

وقد واجه الإنسان ثلاثة أنواع من فصيلة فيروسات “كورونا”:

في عام 2002 انتشر فيروس “كورونا” المسبب للمتلازمة التنفسية الحادة والوخيمة (سارس) أو ما عرف بإنفلونزا الطيور، وهو أحد أشكال فيروس “كورونا”، وكان أول ظهور له في الصين.

وفي عام 2013 ظهر فيروس “كورونا” المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، وقد اكتُشف لأول مرة في المملكة العربية السعودية في عام 2012، وتبين أنه انتقل من الجمل إلى الإنسان.

وفي كانون الأول 2019 ظهر فيروس “كورونا” الجديد في مدينة ووهان وسط الصين، حيث حُدد في مجموعة من الأشخاص المصابين بالتهاب رئوي (ذات الرئة) مجهول السبب، وتشمل الأعراض الحمى والسعال وصعوبة التنفس، وقد تؤدي إلى الوفاة، ولكن لم يثبت أن الفيروس الجديد بنفس حدة أو قدرة القتل لدى فيروس “سارس”.

كيف تفشى فيروس “كورونا المستجد 2019” ووصل إلى منطقتنا؟

في 31 من كانون الأول 2019، أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية بتفشي “التهاب رئوي غير معروف السبب” اكتُشف في مدينة ووهان وسط الصين، ثم انتشر الفيروس إلى المقاطعات الصينية الأخرى في أوائل ومنتصف كانون الثاني الماضي، بسبب أعياد السنة الصينية الجديدة ، وتأكد أن المسافرين المصابين بالفيروس هم المسؤولون عن نقله إلى خارج ووهان.

وفي 13 من كانون الثاني الماضي، أبلغت تايلاند عن أول حالة دولية خارج الصين، وفي 20 من الشهر نفسه تأكد وجود إصابات في اليابان وكوريا الجنوبية، وفي اليوم التالي في الولايات المتحدة وتايوان، ثم تأكد إصابة حالات في هونغ كونغ وماكاو، ثم في سنغافورة، ثم في فرنسا ونيبال وفيتنام، ثم في أستراليا وماليزيا، ثم كندا، ثم كمبوديا، ثم ألمانيا، ثم فنلندا وسريلانكا والإمارات العربية المتحدة في 29 من الشهر نفسه، ثم الهند وإيطاليا والفلبين، ثم المملكة المتحدة وروسيا والسويد.

وفي شباط الحالي تم الإعلان عن وجود إصابتين في مدينة قم الإيرانية، وفي مساء اليوم نفسه تم الإعلان عن وفاتهما، وعلى إثر ذلك شددت الحكومة العراقية إجراءات السفر إلى إيران أو الدخول منها، وفي 21 من شباط الحالي أعلنت لبنان عن أول حالة إصابة بـ”كورونا المستجد” لمريضة قادمة من قم في إيران إلى بيروت.

كيف تحدث العدوى بفيروس “كورونا المستجد 2019”

ارتبطت الحالات المشخصة أساسًا بالأفراد الذين يعملون في سوق هوانان للمأكولات البحرية في ووهان، الذي تباع فيه أيضًا الحيونات البرية الحية، فأُغلق السوق، وحُدد نوع الفيروس الذي تسبب في تفشي المرض بسرعة على أنه فيروس “كورونا” جديد، وبعد تحديد تسلسل الجينات أعطي الاسم 2019-nCoV، وهو فيروس بيتاكورونافي، يرتبط بفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV) وفيروس متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (SARSCoV).

ولا يزال أسلوب الانتقال لفيروس 2019-nCoV غير معلوم بشكل كامل، ومن المرجح أن يختلف أسلوبه عن فيروسات “كورونا” السابقة، وقد أعلن عن أن تسلسل جينوم 2019-nCoV يطابق ما بين 75-80% من تسلسل السارس، وأكثر من 85% من فيروسات “كورونا” الخفافيش التي تعيش في أمعائها وتخرج مع مفرزاتها كالبول والبراز، لذلك يرجح معظم العلماء أن الفيروس انتقل إلى البشر من الخفافيش.

في حين رأى آخرون أن مصدره الثعابين، غير أن بعض العلماء أشاروا بأصابع الاتهام مؤخرًا لآكل النمل الحرشفي المهدد بالانقراض، الذي تستخدم حراشفه في الطب الصيني التقليدي، كمصدر محتمل للفيروس، ويرجح بعض الباحثين أن سلالة “كورونا” التي تصيب البشر الآن قد تكون نتجت عن اختلاط فيروسين أحدهما يصيب الخفافيش والآخر يصيب آكل النمل الحرشفي.

وبشكل عام يصيب فيروس “كورونا” البشر والحيوانات على حد سواء، وقد ينتقل من الحيوانات إلى البشر والعكس، كما أنه قد ينتقل من إنسان لإنسان آخر، ويتم انتقال الفيروس بين الناس عن طريق الرذاذ من خلال السعال والعطاس واللمس أو المصافحة، وتتراوح فترة الحضانة ما بين يومين و14 يومًا، وهناك أدلة مبدئية على أنه قد يكون معديًا قبل ظهور الأعراض.

ما أعراض وعلامات الإصابة؟

عادة ما تشمل الأعراض المبكرة الشائعة لعدوى فيروس “كورونا المستجد”: سيلان الأنف، الحمى، السعال، التهاب الحلق، ألم عضلي، الشعور بالتعب.

والأعراض الأقل شيوعًا هي: إنتاج البلغم، والصداع، ونفث الدم، والإسهال، وضيق التنفس (متوسط الوقت من بداية المرض إلى ضيق التنفس ثمانية أيام).

وتشمل المضاعفات: العدوى الثانوية، ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة، حيث يحدث الالتهاب الرئوي وتورم الرئتين ودخول المريض بوذمة رئة والوفاة، كما يمكن لالتهاب الرئة أن يجعل من الصعب على الرئتين نقل الأوكسجين إلى مجرى الدم، ما يؤدى إلى فشل الأعضاء والوفاة أيضًا.

كيف تُشخّص الإصابة بفيروس “كورونا المستجد”؟

تُظهر اختبارات الدم انخفاضًا في عدد خلايا الدم البيضاء (قلة الكريات البيض وقلة اللمفاويات).

وقد استطاع العلماء الصينيون عزل وتحديد التسلسل الجيني للفيروس وأتاحوه بسرعة بحيث يتمكن الآخرون من تطوير اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR بشكل مستقل للكشف عن المرض.

كذلك ابتكر المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها مجموعة أدوات تعتمد على تحليل الحمض النووي للكشف عن فيروس “كورونا المستجد”، وتعتمد هذه الأدوات على تقنية جديدة تظهر النتائج في غضون أربع ساعات، رغم أنها تتطلب معدات معملية باهظة.

متى يجب طلب المساعدة الطبية؟

يجب عليك الذهاب إلى المستشفى فورًا إذا كنت قد سافرت في آخر 14 يومًا إلى الصين أو غيرها من المدن والمناطق التي اكتُشفت فيها إصابات بالفيروس، وكان لديك سعال أو ارتفاع في درجة الحرارة أو قصور في التنفس.

أو إذا كنت على اتصال وثيق مع شخص تبين أنه مصاب، ويعرف الاتصال الوثيق بأنه على بعد مترين من شخص ما لمدة 15 دقيقة أو أكثر، أو العيش في غرفة واحدة لفترة طويلة مع شخص مصاب.

هل يمكن علاج الإصابة بفيروس “كورونا المستجد”؟

لم يتم بعد التوصل إلى علاج شافٍ للإصابة، والعلاج الرئيس حتى الآن هو مضادات الفيروسات التي تضعف قدرتها على دخول الخلايا وتمنعها من التكاثر والتضاعف داخل الخلية أو الانتقال من الخلايا المصابة إلى غيرها.

ويجري بعض العلماء أبحاثًا على عقار “ريمديسفير”، وهو مضاد للفيروسات واسع النطاق، وقد طُور هذا العقار خصيصًا لمكافحة انتشار فيروس “إيبولا”، وعندما أعطي لأول حالة إصابة بفيروس “كورونا المستجد 2019” في الولايات المتحدة تماثلت للشفاء في غضون أيام، لكن هذا العقار لم يُعتمد من الجهات التنظيمية بعد للاستخدام لدى المرضى المصابين.

كذلك هناك دراسات تجرى على مدى فعالية أدوية أخرى كالكلوروكين المستخدم لعلاج الملاريا وبعض الأدوية المستخدمة لعلاج الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب.

كيف يمكن الوقاية من العدوى؟

يجب تجنب السفر إلى المناطق التي ينتشر فيها المرض، وعدم مخالطة الأشخاص المصابين أو المشتبه بإصابتهم.

وتقتصر الوقاية على الدعوة إلى النظافة الشخصية الجيدة، وغسل اليدين بانتظام، ويطلب من الذين يشكّون في إصابتهم ارتداء أقنعة جراحية وطلب المشورة الطبية.

وعمومًا يتخذ الناس تدابير وقائية تتجاوز ما تنصح به السلطات الصحية.

ولم يتم تطوير لقاح لفيروس “كورونا المستجد” لأنه من الفيروسات التي تغير شكلها باستمرار، ولنفس السبب لم يُطوّر حتى الآن لقاح ضد نزلات البرد.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية