عنب بلدي – ريف حلب
ضمت المناطق التي انطلقت منها حركة النزوح الأخيرة خلال الشهرين الماضيين، منظمات إنسانية وخدمية عدة، كانت تمارس أنشطتها وتقدم مساعداتها وخدماتها للمدنيين، مستجيبة لأغلب احتياجاتهم، وساعية لسدّ ما تعجز الجهات الحكومية عن تقديمه.
مع سيطرة قوات النظام على مدن وبلدات وقرى رئيسة في ريفي إدلب وحلب، إثر العملية العسكرية التي بدأت في كانون الثاني الماضي، اضطرت أغلب تلك الجمعيات والمنظمات إلى نقل أنشطتها إلى مناطق أخرى، لتخدم النازحين في مواطن النزوح هذه المرة.
ووصل عدد النازحين من أرياف حلب وإدلب إلى أكثر من 900 ألف نازح، في الفترة من تشرين الثاني 2019 حتى 18 من شباط الحالي، بحسب فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري.
محاولات للتأقلم
يعمل فريق منظمة “النساء الآن” الذي كان يتمركز في مدينتي سراقب ومعرة النعمان بريف إدلب، في مراكز تابعة للمنظمة، ضمن مناطق النزوح.
وقالت مسؤولة التواصل والمناصرة في منظمة “النساء الآن”، مريم جمالي، إنهم يعملون على التأقلم مع التطورات السريعة المتغيرة في المناطق، وذلك لإيجاد خطط بديلة عما كان يعملون عليه.
وأوضحت جمالي أنهم يتابعون قضايا المرأة أينما حلت، كما عملت منظمتهم على تقديم التدريبات النفسية والعملية لأعضاء الفريق، من أجل مواصلة عمله بكفاءة عالية مع التغيرات المتسارعة في الوضع الإنساني على الأرض.
من جانبه أشار عضو منظمة “بنفسج”، فؤاد سيد عيسى، إلى أنهم نقلوا أعمالهم من المناطق المسيطر عليها من قبل النظام السوري مؤخرًا إلى المناطق التي هُجر إليها الأهالي.
ولفت عيسى إلى أنهم كانوا يعملون على مشروعين طبيين ومركز إسعاف ومشفى، إضافة إلى عشرات المدارس التي يدعمونها في مناطق معرة النعمان وجبل الزاوية وأريحا.
إلا أنهم نقلوا كل هذه المشاريع إلى مناطق النزوح لتقديم الخدمات، سواء الصحية أو الخدمية أو غيرها، ووفقًا لعيسى، فقد بدؤوا بتنفيذ الأنشطة في المناطق التي لجؤوا إليها، مثل اعزاز وسرمدا وسلقين وكفر تخاريم والدانا وغيرها.
الحاجة تخلق أفكارًا جديدة
فصّل عضو مجلس إدارة منظمة “أبرار” للإغاثة والتنمية، وائل الحلبي، لعنب بلدي، كيفية نقل مشروع “المساكن اللائقة” الذي نشأت فكرته بداية أيلول 2019، وذلك بالتزامن مع بدء الأعمال العسكرية باتجاه ريفي حماة وإدلب واقتراب فصل الشتاء.
شرعت المنظمة بتنفيذ الجزء الأول من مشروعها ببلدة طعوم التابعة لمدينة بنش شمال شرقي إدلب، والواقعة شمال غربي الطريقين الدوليين دمشق- حلب (M5)، واللاذقية- حلب (M4)، بحسب الحلبي.
وسلمت منظمة “أبرار” 100 غرفة سكنية نُفذت ضمن الجزء الأول من المشروع في مخيم طعوم، مع كتلها الصحية والصرف الصحي، بمساحة ستة هكتارات، إلى 100 أسرة نازحة من منطقتي خان شيخون ومعرة النعمان.
وخلال تجهيز الجزء الثاني من المشروع الذي يضم نفس العدد من الغرف، وبعد بناء 30 غرفة منه، تعرضت المنطقة لقصف مكثف ومستمر، أدى إلى زيادة حركة النزوح بشكل كبير، والخروج بقرار إيقاف المشروع مؤقتًا بتلك المنطقة.
وبحسب الحلبي، كان مخيم طعوم الذي أُخلي خوفًا من القصف، والواقع على بعد 14 كيلومترًا عن خطوط الأولى للجبهة، يؤوي 122عائلة.
ونقلت المنظمة المشروع بمرحلته الثانية إلى منطقة اعزاز في ريف حلب، لتُنشئ مخيمًا فيها مكونًا من 200 غرفة وعشرين كتلة صحية، ومجمع أنشطة ومسجد ومدرسة ابتدائية، بحسب الحلبي.
مساحة الغرفة الأساسية أربعة أمتار مربعة، وارتفاعها متران و 85سنتيمترًا، ولا تتجاوز تكلفتها 350 دولارًا، وهي تكلفة قريبة من تكلفة الخيمة البلاستيكية.
ووفقًا للحلبي، خرجت المنظمة بإمكانية توسيع الغرفة لتصبح شقة صغيرة مكونة من غرفتين وحمام ومطبخ مدمج بهما، بمساحة 18.5 متر مربع، مع تأمين الاحتياجات الصحية للمسكن ليصبح أكثر ملائمة للنازحين، وبتكلفة مالية لا تتجاوز 900 دولار للمسكن الواحد.
وتعمل “أبرار” حاليًا لإنهاء الإجراءات القانونية المتعلقة بالأرض، وتحديد موقع المخيم والبحث عن موقع إضافي بمناطق وقف إطلاق النار، نظرًا إلى الحاجة الشديدة لها وكثافة النزوح.
حاجات متفاقمة
رغم نقل المنظمات الإنسانية والإغاثية أغلب أعمالها إلى مناطق النزوح في شمالي حلب وإدلب، قرب الحدود التركية، ما زال آلاف النازحين والمقيمين بحاجة ماسة إلى المساعدة، على مستويات عدة.
ووفق “مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة” (OCHA) فإن 93% من النازحين يحتاجون إلى مناطق إقامة، سواء في مخيمات أو في مساكن نظامية.
كما أن 89% منهم بحاجة إلى مساعدات غير غذائية، و64% بحاجة إلى المال، و49% بحاجة للطعام، و5% بحاجة للمساعدات الصحية.
ويقيم 21% من النازحين مع عائلات مضيفة، و17% في المخيمات، و15% في منازل مستأجرة، و15% في منازل أو مبانٍ غير مكسية، و12% في خيام فردية.