يحمل الجزء الثالث من سلسلة “مقبرة الكتب المنسية” للكاتب الإسباني كارلوس زافون، باسم “سجين السماء”، تفاصيل وأحداثًا تمكّن من قراءة الرواية بشكل منفصل ومنعزل عن الجزأين السابقين (الأول “ظل الريح”، والثاني “لعبة الملاك”)، مع الحفاظ على أبطال العمل أنفسهم دون تغيير، رغم اختلاف المساحة التي يشغلونها في أحداث الرواية هذه المرة.
يبلغ عدد صفحات الرواية 365 صفحة، ما يجعلها قصيرة مقارنة بالروايتين السابقتين (“ظل الريح” 527 صفحة، و”لعبة الملاك” 680 صفحة)، كما أن القصة هذه المرة تدور حول أحداث واقعية في معتقلات الديكتاتور فرانكو، حاكم إسبانيا لـ36 عامًا (بين 1939 و1975)، على عكس الروايتين السابقتين، اللتين حملتا قدرًا أكبر من “الفانتازيا” والخيال.
في المقابل، يلعب البطل فيرمين دورًا كبيرًا من خلال حكايته في المعتقل، وعلاقته بماوريسيو فايس وديفيد مارتين، بطل الجزء الثاني، الذي يلعب دورًا صغيرًا ومؤثرًا في أحداث الرواية دون احتلال مساحة زمنية كبرى.
تحمل الرواية حكايات المعتقلين الإسبان في السجون خلال حكم فرانكو، بغض النظر عن الأسباب التي اعتُقلوا لأجلها، وتشير إلى قسوة السجان العابرة للحدود، التي يجدها القارئ مشابهة، ولو بشكل طفيف، لما يحدث في أي بلد حكمه ديكتاتور، برغم أن زافون لم يذهب كثيرًا باتجاه وصف أساليب التعذيب الجسدي، واقتصر على التعذيب النفسي.
ويعد الجزء الثالث من سلسلة “مقبرة الكتب المنسية” مخالفًا من ناحية التلاعب السردي لروايتي زافون السابقتين، إذ حافظ على قدرته السلسة والجذابة لسرد حكايته، إلا أنه ضمن في السرد مساحة أكبر لمشاعر فيرمين ومخاوفه في مواجهة ماضيه.
هناك ثلاثة عناصر دائمة الحضور في السلسلة ككل، هي دانيال سيمبري، الذي سيحمل له القدر معلومات ستغير مستقبله كله، وديفيد مارتين، الكاتب المصاب بالانفصام، ومقبرة الكتب المنسية، التي ينطلق منها دائمًا العمل ويعود، لتتحول خلال الروايات الثلاث إلى رمز في مواجهة التسلط السياسي والمجتمعي، وما يعانيه الأبطال من بؤس في ذلك الزمان، دون إغفال سحر مدينة كبرشلونة، حملت أكثر من مرة اسم “مدينة الملاعين”.
تُرجمت الرواية عام 2018 وصدرت عن دار الجمل، وترجمها إلى العربية، السوري معاوية عبد المجيد.