ما مصير أموال رفعت الأسد وداعمي النظام السوري الخاضعين للعقوبات
عنب بلدي – ميس شتيان
منذ عام 2011 أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي سلسلة من العقوبات الاقتصادية، ولاحقت قضائيًا عددًا كبيرًا من الشخصيات والكيانات السورية، بتهم مختلفة، تراوحت بين دعم النظام السوري واختلاس أموال عامة وغسيل الأموال والتهرب الضريبي.
من أبرز من طالتهم المحاكمات رفعت الأسد، عم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الذي غادر سوريا عام 1984، بعد محاولة انقلاب فاشلة ضد شقيقه حافظ الأسد، وأُطلق عليه لقب “جزار حماه” لقيادته قوات “سرايا الدفاع”، التي شاركت في “مجزرة حماة”، عام 1982.
بدأت التحقيقات الفرنسية بحقه عام 2014، وقُدمت التهم الأولى عام 2016، مع توجيه قاضي التحقيق اتهامات له بغسيل الأموال واختلاس أموال عامة بين عامي بين عامي 1984 و2016.
وحجزت السلطات الفرنسية على ممتلكاته التي وصلت قيمتها إلى 90 مليون يورو، إضافة إلى منزله الذي تبلغ قيمته 20 مليون يورو في المملكة المتحدة.
واجه رفعت الأسد (82 عامًا)، في كانون الأول 2019، محاكمة جديدة في فرنسا، إلا أنه لم يحضر لأسباب صحية، حسبما ذكر محاموه لـ”فرانس برس“.
ويواجه رفعت تحقيقًا آخر في إسبانيا، بعد أن حجزت الدولة على عقاراته الـ500 التي تبلغ قيمتها 691 مليون يورو عام 2017، إثر طلب من الحكومة الفرنسية.
“هيئة القانونيين السوريين” أصدرت مذكرة قانونية خاصة، في 26 من كانون الثاني الماضي، وجهتها إلى حكومات إسبانيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا، طلبت فيها عدم تسليم أموال رفعت الأسد إلا للحكومة الشرعية الانتقالية بعد تحقيق الانتقال السياسي للسلطة في سوريا.
وحول مدى قانونية هذه المذكرة، يقول المحامي السوري مهند شرباتي، عضو البرنامج السوري للتطوير القانوني، من الناحية القانونية، فإن هذه المذكرة غير ملزمة للقضاء الذي ينظر في التهم الموجهة لرفعت الأسد، والقضاء وحده هو صاحب الاختصاص في تحديد مصير هذه الأموال وفقًا لقوانين الدولة التي تجري المحاكمة أمام محاكمها.
ما مصير الأموال المحجوزة والأموال المجمدة؟
يقول مهند شرباتي، لعنب بلدي، إن مصير الأموال المحجوز عليها بتهم غسيل أموال أو تهرب ضريبي يعود تقريره للقضاء الذي ينظر في هذه التهم.
والأموال المحجوزة نتيجة هذا النوع من الجرائم، عادة تبقى محجوزة لحين صدور قرار قضائي نهائي يقرر مصيرها.
إذا ثبتت هذه الجرائم أمام القضاء، فمن الممكن أن تصادر هذه الأموال كونها ناتجة عن نشاطات غير شرعية، ويمكن الحكم بالسجن على الفاعل بالإضافة إلى دفع غرامات مالية، وفي حال لم تثبت التهم، يرفع الحجز عن هذه الأموال.
ويشير شرباتي إلى أن موضوع تجميد الأموال والممتلكات (Asset Freezing) بسبب العقوبات، هو موضوع مختلف عن حجز الأموال القضائي، بسبب جرائم غسيل الأموال والتهرب الضريبي واختلاس الأموال العامة.
العقوبات باختصار هي تدابير تقييدية تفرضها المنظمات الدولية أو الدول، ضد دول أخرى أو جهات غير حكومية أو أفراد يشكل سلوكهم أو سياساتهم انتهاكًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان أو تهديدًا للسلام والأمن العالمي أو الإقليمي.
وفي حال كانت الأموال المجمدة تعود لدولة ما، ولم يُلغَ قرار التجميد، أو تم الاتفاق مع الحكومة الانتقالية (إن وجدت) على مصير هذه الأموال، قد تقوم بعض الدول بمصادرة الأموال المجمدة، مثلما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2003، عندما قررت مصادرة بعض ممتلكات الحكومة العراقية المجمدة لديها، لغرض استخدام تلك الممتلكات لمساعدة الشعب العراقي وللمساعدة في إعادة إعمار العراق.
هل يمكن التحايل على العقوبات الاقتصادية؟
يشير شرباتي إلى وجود عدة طرق للتحايل على العقوبات الاقتصادية “على الرغم من أنه من الناحية العملية قد يكون من الصعب إثبات ذلك في كثير من الحالات”، منها استخدام أشخاص كواجهات للقيام بالأعمال التجارية، أو تأسيس شركات وهمية في بلدان أخرى، لا توجد فيها شفافية ولا تلتزم أساسًا بالعقوبات، ولا توجد فيها قوانين صارمة لمكافحة غسيل الأموال.
وفيما يتعلق بأقارب من فُرضت عليه العقوبات، قانونيًا، فلا يوجد ما يمنعهم من الاستثمار في الدول التي فرضت العقوبات، بشرط إثبات مصدر أموالهم، أي ألا يكون مصدر هذه الأموال أشخاصًا مدرجين على العقوبات.
وفي حال تم إثبات أن أموالًا معينة في حوزة أحد أفراد عائلة الشخص المُدرج على العقوبات تعود للشخص المُدرج، فيمكن تجميد تلك الأموال، مثلما حدث مع ابنة بشرى الأسد في لندن، حيث تم تجميد الأموال الموجودة في حسابها المصرفي، للشك بأن مصدر هذه الأموال شخص مدرج على العقوبات.
لا عقوبات أممية حتى الآن على النظام السوري
لا يخضع النظام السوري في الوقت الحالي لأي عقوبات صادرة عن الأمم المتحدة بسبب معارضة روسيا والصين في مجلس الأمن واستخدامهما حق “الفيتو” أكثر من مرة، ضد فرض أي عقوبات على النظام السوري.
ويخضع النظام السوري فقط لعقوبات إفرادية من قبل دول، كالعقوبات الأمريكية (مثل قانون سيزر) والكندية، ويخضع أيضًا للعقوبات الأوروبية (الاتحاد الأوروبي).
وتمكنت الأمم المتحدة من فرض عقوبات على تنظيم “الدولة الإسلامية” و”هيئة تحرير الشام” والأشخاص والكيانات المرتبطة بهما.
وصدرت أولى العقوبات الأوروبية في 2011 بحق رئيس غرفة صناعة حلب، فارس شهابي، ورجل الأعمال طريف الأخرس، ورجل الأعمال عصام أنبوبا.
وتلتها سلسلة عقوبات طالت العشرات من رجال الأعمال والشخصيات الاعتبارية المرتبطة بالنظام السوري.
وفي 17 من شباط الحالي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية جديدة على رجال أعمال وكيانات سورية، من بينهم وسيم قطان، رئيس غرفة تجارة دمشق، وعامر فوز شقيق رجل الأعمال السوري المعاقب أوروبيًا وأمريكيًا، سامر فوز، ومحافظ دمشق، عادل العلبي، بتهمة تعاونهم مع النظام، إلى جانب مصادرة ممتلكات عقارية للاجئين خارج سوريا.
وتتمثل العقوبات الاقتصادية بشكل عام، بتجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة للشخص الذي صدرت بحقه العقوبات في البلد الذي أصدر العقوبة، ومنع السفر إليه، وممارسة أي نشاط تجاري واستثماري فيه، ومنع أي شخص في الدولة التي فرضت العقوبة من أي تعامل تجاري مع الشخص المُدرج على لائحة العقوبات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :