“نبش القبور”.. فعل ممنهج أم سلوك انتقامي
انتشرت في 17 من شباط الحالي صورة “سيلفي” لعنصر من قوات النظام، في بلدة حيان بريف حلب الشمالي الغربي، مع قبر بشاهدة محطمة وتشتعل فيه النيران، في محاولة للتشفي من صاحب القبر، وهو أحد قادة فصائل المعارضة.
وجاءت الحادثة بعد أيام من نبش قبور في خان السبل بريف إدلب الشرقي، في 9 من شباط الحالي، على يد عنصر النظام السوري.
لاقت الصور والمقاطع المصورة للحادثتين تفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثارت الغضب لدى بعض المستخدمين، الذين اعتبروا أنها تمثل انتهاكًا للأخلاق وللقوانين السورية والدولية.
ما وجه نظر ذوي الميت؟
لم تكن حادثة نبش القبور وتحطيم الشواهد الأولى من نوعها، فقد تكررت هذه الحوادث على يد قوات النظام السوري، والميليشيات الموالية لها، كما قام بها عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”، في السابق.
يرى يوسف أوسو، ابن عم الميت الذي نُبش قبره في بلدة حيان الأسبوع الماضي، أن الثأر من “رموز” مقاتلي المعارضة هو الدافع لنبش القبر.
وعلّق يوسف على الحادثة بقوله، إن “أفرادًا من عائلة معروفة بمساندتها لقوات النظام لم يكتفوا بنهب وسلب وحرق البيوت في المدينة، بل اقتحموا مقبرة الشهداء، في الحي الشمالي للبلدة”، مشيرًا إلى أن لابن عمه تاريخًا في “مقاومة الشبيحة”.
وردًا منه على الصورة التي نشرها العنصر، اعتبر يوسف أن هذا التصرف “غير أخلاقي، وغير مقبول شريعة وعرفًا”.
فعل ممنهج أم سلوك انتقامي
لنبش القبور بعد نفسي واجتماعي في قوانين الثقافة والحرب لأي مجتمع، فإن حصل نزاع مسلح بين دولتين، أو فئتين، يجب على أطراف النزاع احترام الضحايا وعدم إهانة الكرامة البشرية بعد موتهم ودفنهم، فضلًا عن عدم المساس بقبورهم وأضرحتهم والعبث برفاتهم، وفق مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، لعنب بلدي.
لا يرجح الأحمد أن يكون فعل “نبش القبور” سلوكًا فرديًا انتقاميًا، بقدر ما هو فعل ممنهج، فقد سبقت الحادثتين الأخيرتين، حوادث نُبشت فيها قبور دون مراعاة لأي حرمة أو شعور لذوي الموتى من قبل الجناة.
وتحصل مثل هذه الانتهاكات عادة بعد سيطرة وغلبة أحد طرفي الصراع في أثناء الحروب على الطرف الآخر، وفي الحالة السورية توصف حوادث “نبش القبور” بعد تكرارها في أكثر من منطقة، ضمن الفعل الممنهج، الذي يخلق فجوات وأحقاد في نفوس أبناء المجتمع الواحد، بحسب رأي الأحمد.
ويضيف الأحمد أن غياب المحاسبة والعقوبة عن مرتكبي هذه الانتهاكات، من قبل قادة ومسؤولي أطراف النزاع، يسهل ويروج لفعل مثلها من قبل العناصر، مشددًا على ضرورة إنشاء محاكم مسؤوليتها محاسبة كل من يقوم بها، للحد من تكرارها وانتشارها بين العناصر المقاتلين في سوريا.
ما عقوبة المساس بالقبور في القانون السوري
يعاقب القانون السوري في المادة “467”، بالحبس من شهرين إلى سنتين لكل من هتك أو دنس حرمة القبور أو أنصاب الموتى، أو أقدم قصدًا على هدمها أو تحطيمها أو تشويهها.
وتشمل هذه المادة كل شخص دنّس أو هدم أو حطّم أو شوّه أي شيء آخر يخص شعائر الموتى أو صيانة المقابر أو تزيينها.
ونصت أيضًا على أن حق الأموات في الرقود بسلام مصون، حتى في حالة الحروب.
حق الموتى مصون.. معاهدة “جنيف 1929”
انضمت سوريا إلى معاهدات جنيف عام 1953، التي حددت معايير القانون الدولي للتعامل الإنساني خلال الحروب.
ونصت معاهدات عام 1929، في مادتها الرابعة، على أن الأطراف المتحاربة عليها ضمان “دفن الموتى بطريقة مشرفة”، وفي مادتها الـ76 الخاصة بأسرى الحرب نصت على أن “على الأطراف المتحاربة ضمان دفن الأسرى الذين يتوفون بالأسر بطريقة مشرفة”.
وتضمنت معاهدة جنيف الأولى والثالثة والرابعة عام 1949 أن “على أطراف النزاع ضمان دفن الموتى بطريقة لائقة، وفقًا لشرائعهم الدينية إن أمكن، وأن تُحترم قبورهم، وأن تُجمع إن أمكن وفقًا لجنسية الموتى، وأن يتم الاهتمام بقبورهم، ووضع شواهد عليها، ليتم التعرف إليها من قبل ذويهم دومًا”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :