بدأ مقاتلون مسلحون تابعون للنظام السوري أو للميليشيات الرديفة لها، يوصفون محليًا بـ”الشبيحة”، بحملة “تعفيش” لمنازل المدنيين في حي جمعية الزهراء بحلب.
وقالت “شبكة أخبار حي الزهراء بحلب” الموالية، عبر صفحتها في “فيس بوك” أمس، 18 من شباط، “إن بعض عناصر الشبيحة والقوات الرديفة يقومون بعمليات نهب لمنازل المدنيين في حي الزهراء وتقوم بنقلها وبيعها في محيط دوار شيحان”.
وعلق أحد المتابعين للمنشور، أن منزله لم يبق فيه شيء، إضافة للدمار الذي تعرض له بسبب القذائف.
وقال آخر “أين المسؤولين في حلب والعين الساهرة؟”.
وأكد أحد المتعابعين أن المسروقات تباع عند دوار الشيحان، مستهجنًا قيام عناصر الأمن بتفتيش الخارجين من أهالي الحي عند دوار الليرمون ومنع الخارجين من اصطحاب حتى “ملعقة”، فيما تتعرض منازلهم للسرقة.
ونقلت صفحة “هنا حلب عيون الجمهورية العربية السورية” الموالية، اليوم الأربعاء، 19 من شباط، خبر “التعفيش” في حي جمعية الزهراء، مرفقة صورًا تظهر بيع المسروقات.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجهات المسؤولة في حكومة النظام السوري حول عمليات التعفيش الحاصلة في حي جمعية الزهراء، حتى لحظة إعداد التقرير.
وكان النظام السوري تقدم في منطقة جمعية حي الزهراء، ثم أغلق جيب ريف حلب الشمالي، على حساب فصائل المعارضة.
وجاء التقدم بعدما أعلنت “هيئة تحرير الشام” بداية شباط الحالي بدء هجوم على حي جمعية الزهراء بحلب، وبعد ساعات أعلنت “الهيئة” إيقاف هجومها.
“التعفيش” أو النهب
يعود مصطلح “التعفيش” إلى العام الثاني للثورة السورية (2012)، بعد تحولها من الحراك السلمي إلى العمل المسلح، حين انتهج النظام السوري سياسة قصف المدن ثم اجتياحها، ثم نهب ما بقي فيها من ممتلكات منقولة، لتغدو فيما بعد سياسة ممنهجة تخطت “المعنى اللغوي”، وباتت عُرفًا سائدًا ارتبط بالمعارك والعمليات العسكرية، حال الانتهاء منها.
التعفيش كمبدأ أساسي في دليل “الجيش العربي السوري”، فيبدأ من العرف السائد بين العسكر “حلال عالشاطر”، ومارس الجيش عمليات التعفيش بشكل منهجي، ولم يتوانَ عن نهب أي شيء حتى حنفيات المغاسل وسيراميك الجدران، منذ بداية حملاته ضد السوريين مع بدء الثورة السورية، ومارسه في مناطق سيطر عليها مثل داريا في ريف دمشق وأحياء في حمص.
اقتدت بهذا الجيش أيضًا أطراف أخرى في الحرب السورية، في مناطق مثل عفرين ومناطق سوريا الشرقية، وادعى عدد من هذه الأطراف أن التعفيش كان حالات فردية وأنه سيتم محاسبة مرتكبيه، باستثناء “الجيش العربي السوري” الذي يبدو أنه يمعن أكثر في ارتكاب هذه الجريمة وبشكل علني وصريح، دون أي محاسبة.
يكمن التناقض الصارخ لجريمة التعفيش بأنها محظورة في القانون السوري، وتعتبر جريمة يجب معاقبتها. حظر النهب بحد ذاته هو تطبيق محدد للمبدأ العام للقانون الذي يحظر السرقة. هذا الحظر موجود في التشريعات الجنائية الوطنية في جميع أنحاء العالم. عادة ما يعاقب على النهب بموجب القانون العسكري أو قانون العقوبات العام. لا يوجد قانون وضعي أو عرفي أخلاقي يبيح هذه الجرائم، ورغم ذلك يرتكبها “الجيش العربي السوري” بشكل ممنهج.
“التعفيش” أو النهب في القانون الدولي
يعرف النهب قانونًا بأنه الاستيلاء القسري للجيش المهاجم أو المنتصر على ممتلكات العدو.
يحظر القانون الدولي النهب (التعفيش) في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على حد سواء، ويعتبر هذا الحظر قاعدة قديمة في “القانون الدولي العرفي” وفي قانون ليبر وإعلان بروكسل ودليل أكسفورد. كما تحظراتفاقيات لاهاي النهب في جميع الظروف. ورد في تقرير لجنة المسؤولية التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الأولى، أن النهب جريمة حرب، وكذلك في ميثاق المحكمة العسكرية الدولية (نورمبرغ) الذي أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية، كما أن “نهب مدينة أو مكان، حتى في أثناء الاعتداء عليه” يشكل جريمة حرب بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
تتحمل قيادة الجيش مسؤولية هذه الجريمة وعليها إصدار أوامر صارمة لمنع جميع الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي والإنساني، بما فيه النهب.