ليان الحلبي
تتعرض المشافي الميدانية في أحياء حلب المحررة لقصف عنيف من قبل طيران الأسد منذ بداية حزيران الجاري، تزامنًا مع منع تنظيم «الدولة الإسلامية» شاحنات الوقود من الوصول إلى مناطق سيطرة الجيش الحر شمال سوريا، وسط معارك يخوضها في ريف حلب الشمالي، لتتفاقم المأساة على أكثر من صعيد، أهمها عمل المنظومات الإسعافية والمشافي في تلك المناطق.
وتسبب قصف المشافي الأخير بخروج معظمها عن الخدمة وتوقف منظوماتها الإسعافية، إضافة إلى مقتل بعض كوادرها وعددٍ من المدنيين، كون هذه المشافي تقع في مناطق سكنية.
ومن بين تلك المشافي مشفى م1، م2، م8، مشفى الأطفال، ومشفى الإعانة في حلب، بحسب الدكتور عبد السلام الضعيف، رئيس المكتب الصحي في مجلس محافظة حلب، مضيفًا «جاءنا القصف وأزمة المحروقات لتضاف إلى المشاكل الأخرى التي يعانيها القطاع الصحي أساسًا، على صعيد الكوادر الاختصاصية والتجهيزات الطبية وغياب دعمٍ حقيقي لهذه المنشآت».
من جهة أخرى أدى انقطاع إمدادات الوقود والمشتقات النفطية وغلاء أسعارها إلى «كارثة» على عدة أصعدة، منها عمل الأفران والمخابز وحركة الطوارئ وشاحنات الدفاع المدني، وكذلك في المجال الطبي لأن «استمرار أزمة المحروقات على هذا النحو للأيام القليلة المقبلة دون اتخاذ إجراءات حاسمة، سيؤدي لتوقف المشافي التي نجت من قصف النظام عن العمل، بالإضافة إلى المنظومات الإسعافية» بحسب الدكتور عبد السلام.
ويضيف غيهب حدبة، وهو إعلامي في الاتحاد الطبي الحر، إن «المشكلة تكمن في تأمين سعر الوقود بسبب الغلاء الذي رافق الأزمة الأخيرة، إذ وصل سعر برميل المازوت إلى 80 ألف ونحن نؤمنه حاليًا إما من المنظمات الداعمة أو من المغتربين وأهل الخير».
ويوضح غيهب أن مشافي حلب وريفها تعتمد حاليًا على المخزون الاحتياطي في مشافيها أو عن طريق مخزون تجار الوقود وأصحاب المصافي في الريف، وأحيانًا على المازوت القادم من حماة ومناطق سيطرة النظام، ولكن تبقى كمياته محدودة، مؤكدًا أن «الكارثة هي في الانقطاع الكلي للوقود الاحتياطي أو القادم من مناطق النظام خلال الأيام المقبلة”.
وتشكلت غرفة أزمات طبية بالتعاون مع الجهات الداعمة للعمل على إيجاد مشاف ميدانية محصّنة ضد قصف الطيران، وقادرة على تأمين حماية الكوادر الطبية العاملة فيها، التي أصبحت «عملة نادرة في ظل هجرة معظم الكوادر خارج المدينة»، بحسب الدكتور عبد السلام، مردفًا «عقدت اجتماعات مع المنظمات الداعمة وطرحت المشكلة ونحن بانتظار الرد».
وأنشئت المشافي الميدانية في حلب منذ بداية الثورة السورية، وكان لها دور في معالجة المتظاهرين الذين لم يكن بالإمكان نقلهم إلى المشافي الحكومية آنذاك خوفًا من الاعتقال، وبقيت هذه المشافي تؤدي دورًا أساسيًا في معالجة المدنيين والعسكريين في مناطق سيطرة الثوار، ما جعلها هدفًا لطائرات النظام باستمرار.